راكان المجالي

المؤكد أن مصير كل الحكام الطغاة وأنظمتهم الفاسدة الاستبدادية بات محسوما وأن المسألة هي فقط مسألة وقت وأي هدوء هو هدوء مؤقت لأن النار تحت الرماد وصحوة الشعوب ألهمتها الشجاعة لانتزاع أبسط حقوقها في الحرية والكرامة والعدالة ولقمة العيش والمشاركة في صنع التغيير نحو الأفضل للصالح العام الذي شطبه الحكام لخدمة مصالحهم الخاصة وأجندتهم الذاتية ونزعة التفرد والتسلط والنهب والسعار الذي عم هذا الوطن العربي خاصة بعد أن استأثر تحالف السلطة والمال بالقرار والحل والربط وكل شيء تقريبا.
والذي لا جدال فيه أن الأوضاع في المنطقة العربية لن تعود إلى ما كانت عليه قبل أن تضيء شمعة البوعزيزي المحترقة في ليل تونس وليل العرب سماء هذا الوطن بأول ومضان النور وصحيح أن هنالك تفاوتا بين بلد وآخر ونظام حكم وآخر وأن كل مقاييس الأنظمة التسلطية المجنونة لم تعرف لا اليوم ولا في أي فترة من فترات التاريخ نظاما مهووسا بأشكال الجنون والقتل والدمار كما فعل ويفعل معمر القذافي الذي أعاد ليبيا 100 عام إلى الوراء منذ أن نكبت بجنون حكمه في العام 1969.
أما التحدي الأساسي اليوم أمام الشعوب فهو اعتمادها على نفسها وأن تتذكر أيضا بلدانها أن الحكام وبطاناتهم الانتهازية المرتزقة هي ليست وحدها في الموقع المعادي لشعوبها فمن هم في الموقع العادي أيضا لأمتنا وشعوبها تاريخيا هم أعداء الخارج أيضا الذين تآمروا على الأمة واغتالوا أحلامها وتسببوا في كل هزائمها ونكباتها وكوارثها.
نظل في الموضوع الليبي لنسأل: ما معنى أن تنسحب أمريكا من العمليات العسكرية ضد آلة القتل القذافية ضد الأبرياء والعزل؟ ونسأل أيضا أليست أمريكا هي قائدة حلف الأطلسي الذي التزم بالدفاع عن الشعب الليبي، وسؤال أهم هل في العلم العسكري من يمكن أن يتجاهل البديهية التي تقول إن قوات مشاة أو مدرعة يمكن أن لا تكتسح مواقع عدوها إذا كانت تملك غطاء جويا، وأين هو هذا الغطاء الجوي الذي يتيح لقوات القذافي التحرك؟ أليس المفروض أن الأقمار الصناعية والطيارات بدون طيار ترصد حركة النملة على الأرض، ثم تعالوا نسأل من أين للقذافي كل هذا السلاح والإمداد، وهل الجزائريون وأرتال المرتزقة يتدفقون لطرابلس من سراديب تحت الأرض أم يتحركون فوق الأرض، وهل هناك فعلا حصار بحري على القذافي وعلى إمداداته النفطية لأوروبا وغيرها؟
أي دعم هذا الذي يقدمه حلف الأطلسي إذا كان يماطل في إيصال أسلحة لثوار ليبيا ومرة واحدة أنزلت فرنسا أسلحة من الجو للثوار شكلت فارقا لأيام في معارك هؤلاء الثوار ضد مرتزقة القذافي، ما دامت كل دول العالم قد اعترفت بالمجلس الانتقالي والقيادة الجديدة في ليبيا فلماذا لا يعيدون ولو جزءا ضئيلا من ثروات بلدهم المنهوبة بمئات المليارات فقط من أجل عقود تسلح لحماية نفسه.. إنه النفاق الغربي والانحطاط الأمريكي المسخر لخدمة الصهيونية والمسير بأوامرها.. أعان الله ليبيا وأعان أمتنا.