يوسف الكويليت
بدون شك، فالجزائر ستتضرر من الثورة الليبية رغم الاستمرار بشعارها الثوري، فذهاب حكم القذافي يعني نهاية داعم أساسي للبوليساريو، رغم أنه في شطحاته الجنونية نادى بدولة للطوارق على أرض الجزائر، فتسممت الأجواء لكنه عاد إلى التضامن معها لأن المغرب لم تعطه وجهاً لقيادة الاتحاد أو الوحدة المغاربية، وعندما تصاعدت الثورة، وبدأت تأخذ مساراً آخر، شعرت الجزائر برد الدين بمده بالأسلحة وعبور المرتزقة وانتقال الأموال، وآخرتها هروب عائلته إليها.
سقط التحالف، وهذا سيجعل القطيعة مع المجلس الانتقالي حقيقية، والنذر جاءت من عدم اعتراف الجزائر بالوضع القائم إلا بتطهير ليبيا من القاعدة التي قالت ان أعضاءها يحاربون مع الثوار، مع أن هذا الكشف الخطير لم يقل به الأوروبيون المتغلغلون بأوساط الثوار وهي ذريعة سياسية فقط قد تلحقها توابع أزمات متلاحقة..
العراق مع الشعب السوري الثائر، سار على نفس الاتجاه أي الدعم المباشر وغير المباشر مع حكم الأسد، لأن الوصايا المرغمة جاءت من المرشد الأعلى الذي لا راد لطلبه، أو ما اعتقدت أن مخاوفها من إزالة النظام سوف يدعم قوى الداخل سواء بعثيين أو معارضين آخرين، أو القوى الإسلامية السنية، مع أن دمشق كانت المعبر للقاعدة في العراق وايواء الهاربين من النظام الراهن، بل كانوا يشكلون ضغطاً مباشراً عليهم في كل الظروف..
فالشعب السوري لن يغفر لهذا الموقف، وعلى العكس بدلاً من وقوف حكومة المالكي على الحياد تحسباً للمستقبل جازفت برد فعل مساند لسلطة دمشق مع أنه لم يكن بين الشعبين عداوات حتى في ظل صدام حسين الذي يعلن عداءه لنظام الأسد، وهذا سيسقط مبرر نشوء علاقات حميمة يحتاجها البلدان، وقد جاء رهان بغداد على الأسد التي كل الاحتمالات ترشحه للخسارة، ثم ان تأييد العراق لمجريات الأحداث في البحرين ضربة موجعة لها مع دول الخليج لتكشف أنها لعبة بيد إيران كما هي حالة حزب الله، وأركانه في لبنان.
روسيا تلتقي مع الصين بمعارضة الضغط على ليبيا، وهذا جاء لصالح دول الأطلسي الذين سيفوزون بالنتائج الأهم من الثروات الليبية والدليل سرعة عقد الصفقات ومباركتها، وتكررت نفس الغايات مع الثورة السورية بالمساندة العلنية في أي اجراء ضدها في مجلس الأمن، ولتلطيف الجو مع الثوار طالبت بإيقاف المجازر والآلة العسكرية لتحصل على مبرر تواجه به الدول الغربية، وهي عملية فشلت بها تركيا الأكثر أهمية لمصالح سوريا لأن خيار الحكم بات إما أنا أو موت الشعب، ولذلك بأي لغة ستتحدث روسيا والصين إذا ما انتصرت الثورة؟
ونفس الأمر نجد مساكين افريقيا الذين بايعوا القذافي ملكاً لملوكهم، احتاروا بعد سقوط laquo;شاهنشاههمraquo; أين يذهبون وهو الذي منّاهم ببناء افريقيا من الأموال الليبية والتي تدفقت للقيادات فقط، لكنهم، ما بعد انكشاف الحقيقة مضطرون للاعتراف بالقيادة الجديدة وشرعيتها..
المشكل ليس بمن يؤيد أو يرفض هذه الثورات بل بسوء القراءات الدقيقة لها، وهذا يوضح أن من تذبذبت آراؤهم لا يملكون حس التحليل الموضوعي لبناء المواقف، خاصة وأن العلاقة لن تكون مع حكومة، بل مع شارع ثائر، وسيأتي التقويم بعد رحيل هذه الدكتاتوريات حاداً، لكن سياسة الرؤية المعتمة، هي التي أضرت بالكثير من الأهداف، وبات على من اخطؤوا تصحيح مواقعهم قبل تنامي الخسائر الكبيرة.
التعليقات