يوسف الكويليت

لم تُذبح القضية الفلسطينية بسيف الغرب وإسرائيل، ثم أمريكا، بل شلت بيد حماس التي تعارض لأهداف غير وطنية، فقد تقدمت السلطة للحصول على منفذ لمجلس الأمن، أو الجمعية العمومية للأمم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطينية للخروج من دوامة اللقاءات والمباحثات الثانية التي فقدت جدواها مع إسرائيل..

أعداء الأمس لكل ما هو فلسطيني مثل بريطانيا وفرنسا، يحتمل أن تمتنعا عن التصويت في مجلس الأمن ضد المطالب الفلسطينية، وغلاة الصحافة ومنابر التأييد المطلق لإسرائيل، بدأت تراجع مواقفها بالاعتراف بحقوق شعب شرد بمؤامرة، واحتل بأخرى، بمعنى أن قوائم التأييد للقضية تتسع عالمياً، وأن إحالتها للأمم المتحدة، ستكسبها زخماً كبيراً بتحقيق هذا الهدف..

فإذا كانت قوى عظمى في مجلس الأمن، ورأي عام عالمي يتقارب ويتعاطف مع الفلسطينيين، موجهاً بشعوره العام ضد المظالم التي استمرت إسرائيل فعلها رغم مناقضتها للشرعية الدولية، فالاستغراب يأتي من موقف حماس التي لم تجد مخرجاً تبرر به معارضتها إلا أن محمود عباس رئيس الدولة لم يقم بأخذ رأيها، وفي هذه الحال، هل الخلاف على مجرد اتخاذه خطوة وطنية لا معارضة عليها من فئات الشعب، يجب الوقوف ضدها لهذا المبرر؟ وهل لو حصل الرئيس على اعتراف دولي بهذه الدولة، يتناقض مع أهداف حماس؟ أم أن المسألة يطغى عليها الجانب الشخصي، والفئوي، أي أن انتصار عباس المفترض، سيغير من المعادلة داخل الكيان الفلسطيني، بحيث يأخذ الوجاهة السياسية والاجتماعية؟ أو أن توجيهاً خارجياً يريد انقسام الجبهة الفلسطينية لغايات اقليمية بصرف النظر عن تحقيق مصلحة وطنية ُملحة؟

عيب حماس أن laquo;أدلجتهاraquo; تأتي في خط مواز للدولة، ولو كانت المواقف تبنى على الخلافات الهامشية، وليس على الأساسيات، فإنه أمر مقبول، باعتبار المسائل تحكم بالأكثرية إذا ما حدث اقتراع على مشروع ما، وفي حالة مجلس الأمن والأمم المتحدة، وطرح الدولة الفلسطينية، فالخلاف هنا يتطابق مع موقف إسرائيل، وهو ما قالت به شخصيات فلسطينية نافذة بطرح هذه التهمة على حماس..

ليس من حق أحد أن يخوّن جانباً ويظهر آخر من الفصائل الفلسطينية، لكننا أمام المواجهة المعقدة في محفل عالمي كبير، مطلوب توحد تلك الفصائل مهما كانت الآراء المتقاطعة مع بعضها، لأن الضرورة، هي التي تحكم تحقيق الهدف، وإلا فإن الصراع على مواقف وبين قيادات تملك النضج والتجربة، وفهم طبيعة الصراع مع أعداء شرسين يفترض تغيير أسس هذا التفكير الذي يتبنى حججاً واهية، ويخرج دائماً في الهزيمة المؤكدة، أو الوعود التي لا تنفذ..

التعاطف العالمي لم يحدث لأن حماس أطلقت حزمة صواريخ لم تصب أي هدف حيوي أو عادي داخل إسرائيل، وإنما مسلسل الاعتداءات والاستيطان، والصور والمشاهد التي تنقل كل يوم من داخل الأرض الفلسطينية، والتي اتسع انتشارها للعالم بفضل التقنيات الحديثة، وهذا السبب كان المفترض السعي خلفه واستثماره كحلقة في صراع أعزل مع مسلح لديه روح عدوانية دائمة، حتى تنتقل القضية من مكاتب الحوارات إلى الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧م..