راجح الخوري


أمام سوريا طريق طويل من الدم والمآسي، سواء مضى النظام في الحسم العسكري الى مداه الاقصى، وفق ما يجري الآن في حمص التي اعتبرها وليد جنبلاط ستالينغراد الجديدة، وسواء تأججت الحرب الاهلية في ظل اتساع حركة الانقسامات داخل الجيش.
والخلاصة، بعدما اقتربت الأزمة من انهاء سنتها الاولى، ان النظام لن يتمكن من الحسم ولو واصل تدمير البلد على رؤوس اهله، وان المعارضة لن تتمكن من اسقاطه اذا بقي العالم يتفرج على الحرب التي قد يمتد لهيبها الى المنطقة.
وسط هذا الحمام الدموي تبرز مواقف دولية مخيفة، تجعل من سوريا والسوريين وقوداً لمنافسات استراتيجية ولحسابات سياسية. فالروس، كما يتردد، والصينيون ايضاً اعطوا النظام فرصة مفتوحة للحسم العسكري بغض النظر عن المآسي والتكاليف الدموية، والاميركيون يواصلون اعلان مواقف خالية من اي مسؤولية او مضمون اخلاقي، والاوروبيون لا يريدون تكرار النموذج الليبي في بلد يخشى الجميع من تسلل quot;القاعدةquot; اليه، وهو ما تعمل اسرائيل على ترويجه منذ بداية الازمة.
قبل عشرة ايام طلبت المعارضة بشقيها المجلس الوطني وهيئة التنسيق من موسكو ترتيب وقف للنار في حمص مدة ساعتين لأسباب انسانية كدفن القتلى وايصال الادوية الى المصابين لكن دون جدوى، فالقصف مستمر كذلك لم تفلح واشنطن ولا الصليب الاحمر في هذا الامر. ومن الواضح ان النظام يريد ان يجعل من تدمير حي بابا عمرو نموذجاً يرعب المدن الاخرى، لكن عندما يفيض القتل عن طاقة المخيلة يموت الخوف عند الناس وتصبح الحياة مجرد عبور مقبول مع الآخرين الى رأفة الموت!
أمام هذا الصراع، صراع quot;يا قاتل يا مقتولquot; المفعم بالدم والاحقاد، لا تتوانى روسيا عن الدعوة الى حل عبر الحوار، في حين تواصل اميركا حديث الترهات: quot;اذا استمرت الازمة اكثر من المتوقع ولم يستجب النظام للحل السياسي سنتخذ الاجراءات المناسبة. لا نريد اجراءات تساهم في الحل العسكري فهذا يجر سوريا الى طريق خطير، لكن خيار تسليح المعارضة لا يزال مطروحاًquot;. والسؤال: الى متى تقبل اميركا بأن تستمر الازمة، وما هي quot;الاجراءات المناسبةquot;، وهل ان سوريا لم تنجرّ بعد الى طريق خطير ؟!
لا داعي للرد، فمن الواضح ان لا واشنطن ولا موسكو او بيجينغ او باريس او لندن او العواصم الاوروبية تملك تصوراً عن احتمالات المستقبل في سوريا، فالنظام لا يمكن ان يستمر بعد طوفان الدم، والمعارضة المنقسمة ككل ما سبقها من معارضات في الثورات الاخرى لم تقدم تصوراً للمستقبل يمكن بناء الرهانات عليه. لذا فإن هدير القذائف والدم يسابق الحلول القاصرة، وكل ذلك يرتب مسؤوليات حاسمة على مؤتمر quot;اصدقاء سورياquot; الذِي يعقد غداً في تونس!