علي سويدان

حتى نلتقي جميعاً على مفاهيم واضحة ننطلق منها تجاه المستقبل يهمنا أولاً ألاّ نُلزمَ أنفسَنا بتقبُّل الآخرين بمجمل ما حملوا في شخصياتهم، ولأننا مدفوعون فطرياً للتعايش سوياً تحت مظلة البشرية فإننا مضطرون لاستخدام عقولنا كيْ نستطيع البقاء بحدٍّ جيد من التواصل السليم مع مجتمعات تتقدم يومياً، نحن العرب بحاجة لدروس كثيرة في المرونة وحُسن التعامل وتعلُّم كيفية التواصل مع مَنْ نَكرَهُهُ قبل تواصلنا مع مَنْ نُحب وبشكل فني بعيداً عن عبطية التصريحات وبلادة المواقف أو تعكير الأجواء؛ نحن في عموم مجتمعاتنا العربية مع التفاوت - وهو أمر لا - بأمس الحاجة أن ندفع نحو مجلس الأمة ومجلس الشعب ومجالس البلديّات مَنْ يُتقن فن التواصل مع الجميع على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم وأفكارهم، وليس المطلوب أن نُرشِّح لهذه المناصب مَنْ يُمثِّلُ ديننا أو انتماءاتنا ثم نجني التوتر والشحناء وضياع الوقت!
نحن اليوم بأمس الحاجة لنتعلَّم كيفية احترام الوطن والقائد وما يضم الوطن من أطياف؛ فالوطن للجميع واحترام مكوناته ضرورة للبقاء بتواصل بشري راقٍ يحفظ الأعراض والدماء والأمن؛ فلن يكون صحيحاً مثلاً أن نعشق أُردوغان وكلَّ الأتراك فقط لأننا استسلمنا لمسلسل مهند ونور! ولن يكون الأمر منطقياً أن نُبجِّلَ أميركا للأبد فقط لأنها كانت بطل فيلمٍ أنتجتْهُ هي ثم حصدتْ أرباحَه منا مدى الحياة! علينا أن نوسع صدورنا وأن نتقبَّل الحياة بحكمة وحذر، وأن نُعْمِلَ عقولَنا قبل عواطفنا، وبالتأكيد على النقيض من ذلك فليس صحيحاً أن نُضربَ عن تناول القهوة مثلاً إن كانت المواقف السياسية للبرازيل لا تأتي على هوانا! وليس منطقياً أن أكره المصريين جميعاً لأن رئيسهم صار من الإخوان المسلمين، وليس مقبولاً أن أكره البعيرَ والناقةَ لأن بعض العرب انسلخوا من عروبتهم!