دبي

مرور عام على الحركة الاحتجاجية الإسرائيلية، ومحاولات إسرائيلية دؤوبة لإنكار واقع الاحتلال في الضفة الغربية، والتحديات التي تنتظر ليبيا بعد الانتخابات الأخيرة، ثم التوتر في العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية.

الحركة الاحتجاجية

في افتتاحيتها ليوم أمس الجمعة احتفت صحيفة quot;هآرتسquot; بالذكرى السنوية الأولى لانطلاق الاحتجاجات الاجتماعية التي اجتاحت تل أبيب قبل عام من الآن، وهي فرصة تريد الصحيفة من خلالها تقييم حصيلة تلك الحركة وما حققته من نتائج على صعيد تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للطبقة الوسطى الإسرائيلية التي قادت المظاهرات الحاشدة في المدن الكبرى، وأيضاً للرد على كل من يقلل من أهمية الحركة الاحتجاجية بالنظر إلى تواضع مخرجاتها. والحال أن الحركة، بحسب الصحيفة، نجحت في انتزاع مطالب حقيقية ومهمة لفئات واسعة من المجتمع، فبعد اشتداد حدة الاحتجاجات وانتباه الحكومة إلى المطالب quot;المشروعةquot; للمحتجين، لاسيما بعد تقرير quot;تراجينبورجquot; الذي عدد المشاكل ورصد المطالب، تم إنجاز عدد مهم منها، مثل الضرائب التي تم رفعها على الطبقات العليا، فيما خفضت تلك غير المباشرة منها التي كانت تثقل كاهل الفئات الضعيفة. هذا بالإضافة إلى ما تم إنجازه مباشرة بعد توصيات التقرير في مجال التعليم، حيث قررت الحكومة إدراج التمدرس المجاني للأطفال من سن الثالثة لينسحب بذلك على فترة ما قبل المدرسة ولتستفيد منه الأسر العاملة التي تواجه صعوبة في رعاية أبنائها. أما السكن الذي كان الشرارة الأولى التي أججت الحركة الاحتجاجية، فتعترف الصحيفة أنه ما زال ينتظره الكثير، لاسيما وأن السكن المدعوم من الدولة مازال يُوجه حصرياً للمتدينين فيما تعاني الطبقة الوسطى من غلاء الإيجارات. ولدعم القدرة الشرائية لمعظم الإسرائيليين، تم خفض الرسوم الجمركية على السلع والبضائع لتنزل أسعارها، كما خُفضت الضريبة على المبيعات، لكن وفيما عدا الإنجازات المادية التي تنعكس على الظروف الاقتصادية والاجتماعية الإسرائيلية، يبقى أهم ما تحقق في رأي الصحيفة هو تغيير وعي الناس ومعه موازين القوة في العلاقة بين الشعب والحكومة.

إنكار الاحتلال

ينتقد المحامي الإسرائيلي والناشط في مجال حقوق الإنسان، quot;مايكل سفاردquot;، في مقاله المنشور يوم الثلاثاء الماضي بصحيفة quot;هآرتسquot; ما خلصت إليه لجنة إسرائيلية اختارت أعضاءها بعناية حكومة نتنياهو برئاسة القاضي السابق في المحكمة الدستورية العليا، quot;إيدومند ليبفيquot;، من أن الضفة الغربية ليست أرضاً محتلة، وأنها فقط أرض متنازع عليها، وهي الخلاصة التي تتماشى مع تصورات حكومة نتنياهو الهادفة إلى منع قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ففي رأي الكاتب يفتقد الرأي الذي أبدته اللجنة لأي منطق قانوني سليم، لاسيما وأن الإجماع الدولي، سواء في المجال الدبلوماسي أو القانوني، يعتبر الضفة الغربية أرضاً محتلة خاضعة للحكم العسكري الإسرائيلي، مع كل ما يترتب على ذلك من التزامات إسرائيلية تجاه الأرض والسكان. لكن وللتنصل من هذه الالتزامات التي فرضها القانون الدولي على إسرائيل، حاولت الدولة العبرية التحايل على واقع الاحتلال الذي لا يمكن رفعه باختيار أعضاء اللجنة المعروف عنهم انحيازهم للاحتلال. وكما جاء في التقرير، تُعتبر الضفة الغربية أرضاً يهودية وبالتالي لا يمكن التعامل مع البناء فيها على أنه استيطان، بل تعمير للأراضي اليهودية، ليس إلا! ويعتمد التقرير في تبرير رأيه على وعد بلفور الصادر عام 1917 عن الانتداب البريطاني الذي أعطى لليهود quot;حقquot; إقامة دولتهم! لكن الكاتب ينتقد هذا المنطق المغلوط، مشيراً إلى قرارات دولية أخرى تؤكد بوضوح واقع الاحتلال، مثل قرار التقسيم الأممي عام 1947، وهو قرار واضح في نصه على قيام دولة فلسطينية من نهر الأرض إلى البحر الأبيض المتوسط، هذا ناهيك عن واقع ما قبل احتلال عام 1967 الذي لم يختف بعد من الذاكرة. وأخيراً يرى الكاتب أن التقرير ما هو إلى محاولة إسرائيلية فاشلة للتحايل على واقع الاحتلال بنكرانه، فيما الحقيقة تقول إنه احتلال حقيقي مهما حاولت إسرائيل.

تحديات ليبيا

خصصت صحيفة quot;جيروزاليم بوستquot; افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي للحديث عن الانتخابات الليبية التي جرت في السابع من الشهر الجاري. وفيها ترى الصحيفة جملة من الإيجابيات أو الأخبار الجيدة وسط أنباء من بلدان عربية أخرى ليست بالضرورة مبشرة من وجهة نظرها، وأول تلك الأخبار صعود تحالف من الليبراليين والعلمانيين حسب النتائج الأولية، حيث يبدو أن القوى الإسلامية فشلت في انتزاع أغلبية المقاعد في المؤتمر الوطني عكس ما جرى في مصر وتونس، وبدلاً من تحقق التصريحات التي أدلى بها بعض رموز التيار الإسلامي قبل الانتخابات وتوقعت فوزهم بحوالي 60 في المئة من الأصوات، لم تتجاوز النسبة المعلنة حتى الآن ربع المقاعد. أما الخبر الإيجابي الثاني الذي توقفت عنده الصحيفة فيتمثل في الطبيعة السلمية عموماً للانتخابات، إذ رغم المخاوف الأولوية من اندلاع أعمال عنف واسعة تعيق الانتخابات وتعطلها، بالنظر إلى الميليشيات المنتشرة على نطاق واسع في البلاد، والخصومات التقليدية بين المناطق والجهات الليبية المختلفة، نجح الليبيون بامتياز في اختيار أعضاء المؤتمر الوطني والذين يصل عددهم إلى 200 نائب من ضمن 3000 مرشح، وأعطى الليبيون بذلك درساً لجيرانهم في إجراء انتخابات نظيفة وسلمية بعيدة عن التطاحنات المناطقية والاستقطاب الأيديولوجي الحاد، لتكون بذلك قد اجتازت محطة مهمة في مرحلة ما بعد القذافي، وإن كانت الصحيفة تشير إلى جملة من التحديات الكبرى التي تنتظر البلاد، وعلى رأسها توحيد لحمة الوطن في بوتقة واحدة والقطع مع ماضي التفرقة الذي كرسه نظام القذافي بين المناطق الليبية. فليبيا، تقول الصحيفة، لم تكتسب اسمها المعروفة به اليوم إلا في عام 1936 عندما أمر الملك إدريس وقتها، وبضغط من الاحتلال الإيطالي، بتوحيد أقاليم البلاد الثلاثة: طرابلس وبرقة وفزان، في دولة مركزية يسهل التعامل معها. لكن بوادر الانقسام طفت مؤخراً إلى السطح، وهو ما يحتم إعادة التفكير مجدداً في الصيغة الفيدرالية باعتبارها الحل الأمثل، تقول الصحيفة، لوأد الخلافات في المهد وضمان عدم اتساع رقعتها، مع ضرورة توازن الصلاحيات بين السلطتين المركزية والمحلية، هذا ناهيك عن تحدي بناء المؤسسات الديمقراطية، من جهاز تنفيذي قوي وقضاء مستقل ومجلس تشريعي يمثل المواطنين.

أوروبا ضد إسرائيل

ينتقد الكاتب والمعلق الإسرائيلي، quot;إيلاد بيكquot;، في مقاله ليوم الثلاثاء الماضي بصحيفة quot;يديعوت أحرنوتquot;، الموقفَ الأوروبيَّ المتعاطف مع القضية الفلسطينية والمندد أحياناً بالسياسات الإسرائيلية، سواء في تعاملها مع الفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة أو في تعاطيها مع حقوق مواطنيها العرب في الداخل. وفي هذا السياق يزعم الكاتب أنه من الأجدى اهتمام الاتحاد الأوروبي أولاً بمشاكله الداخلية وأزمته المتفاقمة التي يرزح تحتها، معتبراً اهتمام هياكل الاتحاد في بروكسل بما يجري في إسرائيل، ضرباً من الهوس، إذ لا يكاد يمر يوم دون أن تصدر المنسقة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية، كاثرين آشتون، بياناً تندد فيه بممارسات إسرائيلية، أو توجه البعثات الدبلوماسية الأوروبية في تل أبيت رسالة استنكارية إلى الساسة الإسرائيليين، معتمدةً في ذلك، يقول الكاتب، على بعض المنظمات والجمعيات الإسرائيلية المتعاونة مع الاتحاد الأوروبي والتي كل همها كشف بعض التجاوزات وتعميمها. وينتقد الكاتب أيضاً رفض المسؤولين الأوروبيين لقاء وزير الخارجية الإسرائيلي المعروف بمواقفه المتشددة وبسياسته اليمينية الفجة، فيما يدعون للتحاور مع quot;حماسquot;. ومع أنه من مصلحة الطرفين، إسرائيل والاتحاد الأوروبي، نسج علاقات طيبة ومتميزة، يؤكد الكاتب أنها يجب أن تقوم على الندية وليس فرض الآراء والانتقاد وتقديم المحاضرات حول السلام.

إعداد: زهير الكساب