استراتيجية إعلانية تستهدف جماعات محددة من الناخبين

تي. دبليو فارنام

وسط الإعلانات عن معجون الأسنان، ومنظفات الصحون، سوف يرى المشاهدون المواظبون على متابعة البرامج النهارية في محطات التلفزة الأميركية، إعلاناً جديداً يدعو إلى دعم الرئيس باراك أوباما. والحقيقة أن برنامج مثل quot;القاضية جوديquot;، قد أصبح بالفعل أحد البرامج المفضلة لحملة أوباما والمتحالفين معه، والتي يصلون من خلالها للناخبين المتعاطفين معهم. فعندما تتم إذاعة هذا البرنامج الذي ينتمي إلى فئة quot;برامج الحقيقةquot;، والذي تدور أحداثه في قاعة محكمة تشرف عليها قاضية سابقة سليطة اللسان اسمها quot;جوديquot;، فإنه في العادة يكون مصحوباً بإعلان انتخابي يقول للمشاهدين إن المرشح الجمهوري quot;ميت رومنيquot; يستخدم ملاذات ضريبية، وأنه قد قام بتصدير الوظائف للخارج وحرم منها عمالا أميركيين يعانون البطالة.

وهذا البرنامج يعتبر وسيطاً مثالياً للإعلانات التي تسعى لدعم فرص إعادة انتخاب الرئيس لفترة ولاية ثانية، لأنه يجتذب عدداً كبيراً من المشاهدين من الأميركيين خصوصاً هؤلاء الذين ينحدرون من أصول أفريقية.

ومثل هذه البرامج تجتذب كذلك أعداداً ضخمةً من الأميركيين من أصول لاتينية، والذين يمثلون كتلة انتخابية أخرى في غاية الأهمية بالنسبة لأوباما. وفيما تظهر استطلاعات الرأي تعادل أوباما مع المرشح الجمهوري quot;ميت رومنيquot;، فإن برنامجاً مثل برنامج quot;القاضية جوديquot; تحول إلى محور من محاور حملة تهدف لزيادة دعم أوباما وسط فئات الناخبين الذين خرجوا بقوة من أجل تأييده عام 2008.

quot;إنهم يحاولون اجتذاب الناس الذين يمكنهم الاعتماد عليهمquot;، هذا ما يقوله quot;تاد ديفاينquot;، الخبير الاستراتيجي الإعلامي المخضرم الذي صمم الحملة الإعلامية للسيناتور quot;جون كيريquot; عام 2004 في سباقه الرئاسي مع جورج دبليو بوش. ويضيف quot;ديفاينquot; لما سبق قوله: quot;ليس هناك جمهور كبير جديد تتوجه إليه مثل تلك الإعلانات، لذلك فإن كل حملة من حملات المرشحين الاثنين تذهب للأماكن التي توجد بها قاعدتها الناخبةquot;.

وهذا النوع من الإنفاق السياسي يمثل جزءاً من التحول بعيداً عن نمط الإعلانات الانتخابية التي تتم إذاعتها من خلال نشرات الأخبار المحلية، والتي اعتبرت لوقت طويل بيئةً طبيعية لإعلانات الحملات الانتخابية لأنها تجتذب الجمهور الأكثر أهتماماً بالسياسة.

فلِما يزيد عن عقد، ظل كل من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء يتحركون تدريجياً نحو نوعيات خاصة ومحددة من الناخبين مثل هؤلاء الذين يتابعون عروض شبكات معينة أو بث المحطات الفضائية التي تعمل بنظام الكابل. ويلقي quot;ستيفن هايزquot;، المدير العام لمحطة quot;دبليو. تي. في. آرquot;، وهي فرع لشبكة quot;سي. بي. إسquot; الإخبارية، تبث برامجها منquot;ريتشموندquot;، المزيدَ من الضوء على تلك النقطة بقوله: quot;فيما مضى كانت العادة هي وجود برنامج سياسي معياري يلتزم به الجميع وتتم إذاعة الإعلانات من خلاله، أما الآن فإن كل طرف قد باتت له استراتيجيته الخاصةquot;.

لكن الديمقراطيين هم الذين يتحركون خارج quot;صندوق الأخبارquot; أو البرامج السياسية المعيارية التي أشار إليها quot;هايزquot;، بسرعة أكبر من سرعة الجمهوريين.

وبرامج تلفزيون الواقع، وكذلك برامجquot; التوك شوquot; النهارية والإعلانات الانتخابية المصاحبة لها، تجتذب لأوباما كتلة مهمة جداً من الناخبين، وهي: النساء اللائي ترجع أهميتهن إلى أنهن يشكلن ثلاثة أرباع العدد الكلي للمشاهدين لتلك النوعية من البرامج.

والإعلانات المصاحبة للبرامج النهارية لها ميزة أخرى، وهي أنها أقل تكلفةً، وهو ما يروق للديمقراطيين بشكل خاص نظراً لمعاناتهم- أكثر من الجمهوريين- في جمع التبرعات والمساهمات المسموح بها وفقاً للقواعد الميسرة لتمويل الحملات.

ففي الشهور الأخيرة على سبيل المثال تفوقت المجموعات الممولة للجمهوريين في قيمة التمويل الذي تقدمه لحملات الإعلانات التلفزيونية على تلك التي تقف وراء أوباما بنسبة 7 إلى 1. ويقول quot; بيل بيرتونquot; الشريك المؤسس لمجموعة quot;برايوريتيز يو. إس. آيه آكشنquot;، وهي إحدى المجموعات الداعمة لأوباما: quot;نحن نعلق أهمية خاصة جداً على موضوع فعالية وكفاءة الإنفاق، وذلك من خلال استهداف جماعات صغيرة محددة وفقاً لاحتياجاتناquot;.

والجزء الأكبر من الأموال التي أنفقتها مجموعة quot;برايوريتزquot; ذهب للإعلانات التي تتم إذاعتها في الصباح الباكر، وفي منتصف النهار، والتي تركز في هجوماتها ضد quot;رومنيquot; على أدائه خلال الفترة التي تولي فيها إدارة شركة quot;بين كابيتالquot;، وكذلك على شركة الأوراق المالية الخاصة التي قام بتأسيسها. وقد أنفقت المجموعة ملايين الدولارات على الإعلانات التي تستهدف هذا الموضوع تحديداً كما تشير مصادر حملة أوباما.

وفي أحد الإعلانات التي رعتها مجموعة quot;سوبر باكquot;، وهي أيضاً تقف وراء أوباما، يظهر رجل يرتدي ثياب العمل ويروي من داخل فناء مصنع خالٍ الأنباءَ التي تنشرها الصحف حول الاستغناء عن العمال.

وكان من ضمن ما قاله ذلك العامل، وقد ظهرت في الخلفية صورة قطار شحن ينطلق في طريقه: quot;مع رومني وبين كابيتال كان الهدف هو تكوين ثرواتquot;. ثم يضيف العامل قائلا: quot;لقد وعدنا بنفس الأشياء التي يعد بها الولايات المتحدة في الوقت الراهن... وسوف يعطيكم نفس الأشياء التي أعطانا إياها... وفي الحقيقة أنه لم يعطنا شيئاً بل أخذ كل شيءquot;.

وإعلانات quot;سوبر باكquot; الأخيرة والتي تظهر شهادات شخصية مؤثرة يرويها عمال يقولون إنهم قد تأثروا بسبب تصرفات رومني في باك، تخاطب بشكل خاص العاطلين عن العمل والعمال المؤقتين، وهي على ما يبدو تأمل في الوصول إلى ذلك القطاع المحدد من الأميركيين من خلال الإعلانات الانتخابية المصاحبة للبرامج النهارية.



كاتب ومحلل سياسي أميركي - ر بترتيب خاص مع خدمةlaquo;واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفسraquo;