بيروت

بعد 15 عاماً ونيف على استقباله البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في مايو 1997، يحتضن لبنان ابتداء من اليوم وحتى الأحد رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا بينيديكتوس السادس عشر الذدي يحلّ laquo;ضيفاً بابوياًraquo; على laquo;الوطن ـ المختبرraquo; للتعايش المسيحي ـ الاسلامي، في لحظة التحولات الكبرى في الشرق الاوسط الذي laquo;يولد من جديدraquo; من رحم laquo;الربيع العربيraquo;.
وعشية الزيارة laquo;التاريخيةraquo; التي تتخللها بعد غد محطة شعبية كبيرة مع القداس الالهي عند الواجهة البحرية لمدينة بيروت الى جانب توقيع البابا مساء اليوم laquo;الارشاد الرسوليraquo; من أجل الشرق الأوسط، اكتمل نصاب الاستعدادات الرسمية والكنسية بكل وجوهها التنظيمية والأمنية والشعبية، في موازاة مواصلة laquo;إطفاء المحركاتraquo; السياسية وإخماد laquo;الحرائقraquo; الأمنية بما يتيح نجاح لبنان في هذا الاختبار الذي يرصده laquo;العالمraquo; وأعاد وضع الواقع اللبناني برمّته تحت المعاينة الدقيقة.


وفي حين يُنتظر ان يستقبل اللبنانيون الزائر الكبير بإضاءة الشموع وبالاعلام اللبنانية والفاتيكانية وبتجمعات شعبية ضخمة حضّت عليها مختلف القوى السياسية المسيحية والمسلمة، فان الدوائر المراقبة بدت في حال ترقب لما ستحمله laquo;زيارة السلامraquo; هذه على صعيد الرسائل التي سيوجّهها بينيديكتوس السادس عشر الى مسيحيي الشرق من البوابة اللبنانية في laquo;زمن التحولاتraquo; و... المخاوف.
واذا كان البابا يوحنا بولس الثاني، الذي يُعتبر الغائب الاكثر حضوراً خلال زيارة خلَفه، أطلّ على لبنان قبل 15 عاما بالارشاد الرسولي الخاص به والذي كرّس laquo;وطن الارزraquo; كـ laquo;البلد ـ الرسالةraquo;، فان بينيديكتوس السادس عشر يطلّ من لبنان على مسيحيي الشرق مطلقاً الإرشاد الرسولي الخاص بهم من بازيليك القديس بولس في حاريصا بناء على التوصيات والمقترحات التي رفعها السينودس الخاص بالشرق الاوسط الذي عُقد في حاضرة الفاتيكان العام 2010 وكان تحت عنوان laquo;الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الاوسط، شركة وشهادةraquo;.
وفي حين اكتسب ارشاد العام 1997 (رجاء جديد للبنان) اهميته لانه جاء بعد سبع سنوات على انتهاء الحرب الاهلية، راسماً لمسيحيي لبنان laquo;خريطة طريقraquo; علاقتهم مع laquo;شركائهمraquo; المسلمين ضمن العيش المشترك ومع محيطهم من البلدان العربية laquo;ولبنان جزءٌ لا يتجزّأ منها، وعليهم المحافظة على علاقتهم التضامنية معهاraquo;، فان الارشاد الرسولي الذي سيوقّعه البابا بينيدكتوس السادس عشر سيخاطب هواجس مسيحيي الشرق الذي يتغيّر laquo;وجههraquo; السياسي داعياً اياهم الى التمسك بارضهم وعدم الهجرة مشدداً على اهمية حضورهم في المنطقة وعلاقاتهم مع الاديان الاخرى laquo;حيث يتشاركون مع المسلمين في الحياة والمصيرraquo;، ومتمسكاً بـ laquo;العمل لاجل العدالة والسلام في الشرق الاوسط، ومطالباً بـ laquo;تنقية الذاكرةraquo; ومفضلاً laquo;لغة السلام والرجاء على لغة الخوف والعنفraquo;.


وعشية الزيارة التي تواكبها اجراءات امنية غير مسبوقة بدت معها كل الوحدات الامنية والعسكرية بأعلى درجات الاستنفار في أماكن وجود البابا التي تراوح بين مقر السفارة البابوية في حريصا (مقر اقامته) وبازيليك سيدة لبنان (حريصا) حيث يلتقي الشبيبة (غدا) والقصر الجمهوري حيث يجتمع غداً بكبار المسؤولين الرسميين ورؤساء الطوائف، اطلّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على الزيارة، معلناً انها laquo;دعوة للسلام في الشرق الأوسط، دعوة لشعوب الشرق الأوسط للسير على طريق الديموقراطية وحقوق الإنسان، ودعوة إلى الأسرة الدولية للخروج من منطق الصراعات بين الأديان والثقافاتraquo;. وأضاف: laquo;زيارته دعوة للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والسلام في الدول العربية التي عليها نبذ العنف، كي تستطيع أن تسير نحو الأفضلraquo;.


واذ اعلن الراعي أنه laquo;لا يمكن التحدث عن إحلال الديموقراطية في الأنظمة الثيوقراطيةraquo;، قال: laquo;الربيع العربي الحقيقي يتحقق بالتلاقي بين الإسلام والمسيحية، هذا التلاقي وحده من دون سواه، كفيل بإيجاد حلول لأزمات الشرق، وعلى الأطراف المتنازعة إلقاء السلاح ووقف العنف والجلوس إلى طاولة الحوار المتجردة والمسؤولةraquo;، مضيفاً ردا على سؤال حول الوضع في سورية ان البابا سيشدد laquo;على وجوب وقف العنف في سورية ووقف السلاح والمال لهذا النزاعraquo;.