روبرت أوبرين

يتعيَّن على الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يتواضع ويتعلم من تجربة سلفه جيمي كارتر الذي واجه وضعا دولياً يشبه الوضع الذي تواجهه الولايات المتحدة حالياً. لقد كان كارتر شجاعاً حين أقر بقصور فهمه للاتحاد السوفيتي، وبأن غزو السوفييت لأفغانستان عام 1979 تسبب في تغيير ذلك الفهم ودفعه لتبني سياسة مختلفة تجاهه.


وبمناسبة موسم الأعياد الحالية في الغرب، فإن أوباما وفي آخر مؤتمر صحفي سنوي له الأسبوع الماضي، قال إنه رغم ثقته في صحة سياسته الخارجية التي ظل ينتهجها تجاه معظم القضايا الدولية، يشعر بمزيد من التواضع. وبالطبع فإن التواضع يتضمن على الدوام الرغبة في التعلم من الفشل وعمل التغييرات اللازمة.


يقول منتقدو أوباما من الجمهوريين وغيرهم إنه أسوأ رئيس فيما يتعلق بالسياسة الخارجية منذ عهد جيمي كارتر، ويبدو أن هذه المقارنة ظالمة لكارتر، لأن الأخير كانت لديه القدرة على التلاؤم والتغيير أكبر بكثير من أوباما، بل بلا مقارنة.


ونُعيد إلى الأذهان القضايا الخارجية التي كانت تحيط بإدارة كارتر والتي انتهت بالغزو السوفيتي لأفغانستان في 1979، ومن ذلك نشر السوفيت صواريخ نووية في أوروبا، والتدخل الكوبي في أنجولا وإثيوبيا وزائير (الكونجو الديموقراطية)، والثورة الإيرانية، وبروز حركة "الساندنيستا" في نيكاراجوا والغزو الفيتنامي لكمبوديا.


كان كارتر يرفض مواجهة السوفيت حتى غزوهم أفغانستان، على أمل تحسين العلاقات مع الاتحاد السوفيتي على أساس الاحترام والمصالح المتبادلة، كما جاء في رسالة له للرئيس السوفيتي آنذاك ليونيد برجنيف.


لكن الغزو السوفيتي لأفغانستان صدم كارتر ودفعه لتغيير سياسته بعد 6 أيام فقط من حدوثه. وقد اعترف كارتر أمام الكونجرس آنذاك بأن نظرته للسوفيت قد تغيَّرت بشكل جذري، ووصف ذلك الغزو بأنه التهديد الأخطر للسلام الدولي منذ نهاية الحرب الباردة. وأمر بتزويد المجاهدين الأفغان بالمزيد من الأسلحة، وسحب اتفاقية "سولت2" حول الحد من الأسلحة الإستراتيجية من الكونجرس، وألغى صادرات القمح لموسكو، وقاد المقاطعة الدولية لأولمبياد موسكو، وبلور ما يسمى بـ"عقيدة كارتر" لحماية الخليج العربي من التدخل الخارجي -على رأسه التدخل السوفيتي- وأهم من ذلك كله بدأ بناء ترسانة دفاعية سرَّعها الرئيس الذي تلاه رونالد ريجان.


أما الرئيس أوباما -رغم التحدي الروسي في سورية وغيرها، والصيني في المحيط الهادي وغيره، وتهديد تنظيم داعش و"الإرهاب" الداخلي والخارجي ضد أميركا- فإنه لا يرغب في تغيير سياسته والاعتراف بفشلها.