عبدالله بن بجاد العتيبي

كان حضور القيادات الخليجية الشابة في قمة كامب ديفيد مثيراً للإعجاب ومدعاةً لتعزيز الثقة وباعثاً للحيوية تحت حكمة الزعماء، وقد جاءت قمة كامب ديفيد للتأكيد على عقودٍ طويلةٍ من التحالف بين دول الخليج العربي والولايات المتحدة الأميركية، وقد نجح هذا التحالف وانتصر في محطات مهمة من الصراعات الدولية والإقليمية من أوائلها النجاح في أفغانستان وانتهاء الحرب الدولية الباردة بانتصار الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها في الخليج والعالم وسقوط الاتحاد السوفييتي وتفككه، وكذلك حرب الخليج الثانية وإخراج قوات الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين من الكويت وتحريرها، وأيضاً في الحرب المستمرة على الإرهاب حول العالم.

دول الخليج المستقرة والداعمة للاستقرار في المنطقة، والتي تسيطر على جزء مهمٍ من النفط الذي يمثل شريان الحياة للحضارة الإنسانية الحديثة ودول العالم أجمع تعرف مكانتها المهمة ومن هنا جاء تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد «أن أمن منطقة الخليج العربي هو جزء أساسي من الاستقرار العالمي لما تمثله هذه البقعة من العالم من أهمية اقتصادية وسياسية واستراتيجية تمس الأمن العالمي».

&

ومع الأهمية الكبرى تأتي المسؤولية، ومن هنا أضاف الشيخ محمد «أن الإمارات العربية المتحدة مع شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي تدرك جيداً حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها للحفاظ على سلامة وحيوية المنطقة وتمكنت عبر مراحل وفترات مختلفة من توظيف طاقاتها وإمكانياتها لمواجهة تحديات ومخاطر عديدة» وهو ما يؤكد ما تم استعراض جزء منه أعلاه.

وقد تعرض الشيخ محمد لأهم ما يشغل دول الخليج من صراعات إقليمية وخصم عنيد ذي طموحاتٍ توسعيةٍ وتدخلاتٍ سافرةٍ في شؤون الدول العربية، وأهمية العلاقات الاستراتيجية بين دول الخليج والولايات المتحدة الأميركية ووعي بخطورة المرحلة التاريخية التي تعيشها المنطقة، وتحدث صراحة عن التحالف العربي الذي يقود العالم العربي ويدافع عن مصالحه في المنطقة عبر بوابة إنقاذ اليمن وقال: «إننا نجحنا معا بالتعاون البناء في التحالف العربي وبمساعدة الأصدقاء من خلال عملية إعادة الأمل في اليمن والتي استطعنا من خلالها وأد مشاريع إقليمية كانت تسعى لبث الفوضى والخراب والفتن في المنطقة».

إن الوعي بالمشكلات والتهديدات والصراعات الحالية في المنطقة هو الباب الرحب لبناء تصورات الحلول وطرق الخلاص، والدول القوية بسياساتها واقتصادها وعلاقاتها الواسعة قادرة على بناء التحالفات الاستراتيجية التي تعزز من قوتها وتحمي منجزاتها وتضمن مستقبلها، وهذا تحديداً ما سعت إليه دول الخليج في قمة كامب ديفيد.

إن دول الخليج والدول العربية لديها مشكلاتٌ مع إيران في تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية ودعم «استقرار الفوضى» في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ولدى دول الخليج مشكلات تكمن في الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية وخلايا التجسس في دول الخليج كالكويت والبحرين وخلايا التخريب والإرهاب السُني والشيعي وآخرها محاولات إدخال متفجرات للسعودية في سيارةٍ قادمةٍ من البحرين.

ومما يزيد الثقة في نتائج قمة كامب ديفيد أن الكونجرس الأميركي أقر بصورةٍ نهائية الخميس الماضي قانوناً يمنح البرلمانيين حق النظر في الاتفاق النووي النهائي المحتمل بين إيران ودول الخمسة زائد واحد، وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب «إد رويس» في معرض ترحيبه بنتيجة التصويت إن «الكونجرس سيكون في موقع أفضل حتماً للحكم على أي اتفاق نهائي وضمان عدم إبرام ادارة أوباما اتفاقا سيئاً». عوداً على بدء، فقد أشار الشيخ محمد بن زايد إلى «أن هذه القمة التاريخية غير المسبوقة تمثل إضافة نوعية حقيقية إلى مسيرة العلاقات الخليجية- الأميركية وهي تعكس حرصاً مشتركاً على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة الأميركية. ثمة مفارقة في المشهد في المنطقة وهي أن إيران التي يعتمد خطابها الإيديولوجي على أميركا بوصفها «الشيطان الأكبر» وقائدة «المؤامرة الصهيوأميركية» قد أصبحت تركض للحصول على رضاها، وهي تنفس على دول الخليج تحالفها القديم مع القوى الأكبر في العالم، وهي تشعر بعدم الطمأنينة كلما تمّ تعميق هذا التحالف وتجديده وتطويره كما جرى في قمة كامب ديفيد.

أخيراً، بمقدور إيران أن تعود لرشدها وتلقى ترحيباً ببناء علاقات جوار طبيعية مع الدول العربية ودول الخليج تحديداً فيما لو تخلت عن طموحات النفوذ ودعم الطائفية والإرهاب.
&