&الارتدادات السلبية على قوى 14 آذار تكبر قصة رئاسة وملف علاقات فُتح على غاربه

&روزانا بومنصف

الارتدادات السلبية التي بدأت تظهر على قوى 14 آذار نتيجة التمايز بين موقفي الرئيس سعد الحريري في اتجاه دعم ترشيح النائب سليمان فرنجيه، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي لوح برسائل وتسريبات اعلامية مؤداها انه سيدعم في المقابل ترشيح العماد ميشال عون، أثارت علامات استفهام كبيرة لدى بعثات ديبلوماسية اجنبية حول الاتجاه الذي ستسلكه هذه القوى، وما اذا كانت تخط نهايتها بنفسها. والانطباع عن انتهاء هذه القوى يغلب على محاولة الطمأنة من هذه الجهة او تلك الى أن هذه القوى باقية، وان التحالف بين قواها استراتيجي ومتين، أيا تكن الخلافات. والواقع أنه بعيدا من المكابرة، وعلى رغم تمني مراقبين كثر أن تنتهي الثنائية القائمة في البلد بين قوى 8 و14 آذار، هناك استهوال لواقع انهيار قوى 14 آذار على النحو الحاصل، أي الاختلاف او الخلاف على دعم مرشحين من قوى 8 آذار لرئاسة الجمهورية، بحيث أن هذه القوى، وإن أتيح ترشيح جعجع لعون بما يمكن أن يخلط الاوراق الداخلية، فإن ما يحصل على صعيد انهيار خصومها يسجل انتصارا كبيرا لها ستكون انعكاساته الكبيرة على هؤلاء الخصوم. وسيكون متعذرا، حتى في ظل حسابات شخصية طاغية في خيارات الترشيح من هنا أو هناك من أجل قطف الثمار لاحقا، أن يكون الأمر متاحا أمام من ينتظر، نتيجة احتمال احتراقها او احتمال بروز من يقطف هذه الثمار.

&

في المقابل، يدفع البعض الاختلاف القوي في اتجاه آخر، بحيث يمكن أن يحرج الحليف السني في الدرجة الاولى. فما يقال هو أن ما يجري بين عون وجعجع لجهة التقارب وردة فعل جعجع على مبادرة الحريري دعم ترشيح فرنجيه، يتخطى الرئاسة الى ملف المصالحة المسيحية التاريخية بين "القوات" والتيار العوني، وإذا كانت الرئاسة هي المدخل لذلك فينبغي أن يكون الجميع معها من دون تحفظ. ومن جهة أخرى، وكما أن الحليف الشيعي القوي لـ"التيار الوطني" وضع ملف الرئاسة في خانة هذا الحليف من أجل ان تكون له الكلمة النهائية فيه، فلا بأس أيضا أن يعمد "تيار المستقبل" الى الاسلوب نفسه، على أساس تفويض حليفه المسيحي، أو بالاحرى مرشحه الاساسي، من أجل التفاوض حول الرئاسة. فما يثار على هذا الصعيد او يبرز كضرورة تتعدى كل الضرورات هو أهمية المصالحة التاريخية بين طرفين مسيحيين، بحيث يماثل وضعهما السياسي ما هو قائم على الساحة الشيعية من اختصار للطائفة بهما، فقط في ظل تسوية بينهما تحترم خصوصية كل منهما، بحيث يمكن أن تنبثق الرئاسة من اتفاق الطرفين المسيحيين الاساسيين في الدرجة الاولى، خصوصا أن كلا من الطرفين الاقليميين المعنيين بالوضع اللبناني، أي ايران والمملكة العربية السعودية، غالبا ما يضع موضوع الرئاسة في اطار اتفاق المسيحيين في ما بينهم. كما ان ما سيتم ابرازه في هذا الاطار هو أن على الافرقاء الداخليين احترام ما سيعتبر مصالحة تاريخية بين المسيحيين، بحيث تكون الوحدة المسيحية في خانة مصلحة الجميع. والكلام على احراج الحليف السني مبني على حسابات او اعتبارات مؤداها أن ايران ومعها "حزب الله" لا يبديان انزعاجا من المصالحة المسيحية، لانها ستكون قيمة مضافة في التحالف مع حليفه العوني، وان هناك خطأ استراتيجيا ايرانيا بعدم التفريط بالحليف المسيحي للحزب في لبنان.

ويقول من يتبنى هذا المنطق ان المصالحة المسيحية ليست ضد تحالف قوى 14 آذار، ولن تؤثر على الامتداد الاقليمي لهذا التحالف. الا ان واقع الامور ان التوقيت والظروف المحيطة بالتطورات الاخيرة ترسم علامات استفهام لا تتصل بالمصالحة المسيحية، على رغم أهميتها بالنسبة الى الدور المسيحي في لبنان والمنطقة، بل هي تنطلق من رد فعل منزعج من دعم الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجيه، وتاليا الرد على ذلك بدعم ترشيح عون وخلط الاوراق الداخلية، الذي يمكن ان يؤدي الى البناء على ذريعة انه لا ينبغي ان تكون هناك مشكلة مع دعم "القوات" لعون ما دام الحريري نفسه كان في هذا الوارد قبل اكثر من عام لو قبل جعجع بذلك، في حين ان فرنجيه رفضه حلفاؤه في قوى 8 آذار، اي عون و" حزب الله" وفق هذا المنطق. بعض شخصيات قوى 14 آذار تدفع في اتجاه لملمة صفوف هذه القوى ايا يكن الثمن، فيما يقول معنيون ان مشكلة قيادات قوى 14 آذار استهانتها بجمهورها وتضحياته ودفعه الى خيارات يصعب القبول بها ايا تكن تبريراتهم الموضوعية في هذا الاطار. وراهنا، هناك مآخذ على اداء هذا او ذاك من القيادات وعتب كبير، بحيث تحتاج المسألة الى عملية غسل قلوب حقيقية بين الطرفين، استنادا الى ما بات يكبر الحديث عنه في الاروقة عن تجاهل او اهمال او تفريط بالتنسيق بين افرقاء الصف الواحد.

هل يجب انقاذ 14 آذار ام تركها تنهار تحت وطأة الصراع على مرشحين من قوى 8 آذار، انما بعناوين باتت تكبر لتتخذ منحى آخر؟ وهل المصالحة المسيحية بدعم عون تنهي الصراع على الشارع المسيحي بين السنة والشيعة؟