سمير عطا الله
في اليوم الذي ذهبت الولايات المتحدة إلى الانتخابات، ذهبت أيضًا دولة تدعى نيكاراغوا. المفاجأة في انتخابات ديمقراطية حرة كانت فوز الرجل غير المتوقع. العالم الثالث كانت له مفاجأته أيضًا: لم يفز الرئيس دانيال أورتيغا للمرة الثالثة بالرئاسة وحده كالعادة، بل فازت معه - نائبة للرئيس، السيدة روزاريو ماريو، زوجته.
دخلت نيكاراغوا التاريخ بهذه السابقة: أول زوجين في العالم، الرياسة ونيابتها. تصر دول العالم الثالث على الاستفتاءات والانتخابات. جميع دول أوروبا الشرقية في ظل الشيوعية، كانت تلحق باسمها صفة «الديمقراطية». الجماهيرية الشعبية العظمى كانت «ديمقراطية» أيضًا، لكن الانتخابات كانت ممنوعة لأن الحكم للشعب، ولا ضرورة لأرقام لا معنى لها، تبدأ عند مائة في المائة، كما في العراق، وتنتهي بأرقام علي عبد الله صالح المتواضعة في فرز الأصوات. لقد اكتشف مرة، لوهلتنا جميعًا، أن 10 في المائة من اليمنيين لم يصوتوا له. ومنذ ذلك الوقت، قرر الحرب على الشعب لاستعادتهم. هذه خطايا غير مسموح بها في الدول التي ينتخب فيها الزعيم نفسه إلى الأبد. والشعوب التي تصدق فعلاً أنها مدعوة للخيار، تُهدم الدول على رؤوسها، أيضًا إلى الأبد.
ليست الديمقراطية هي الحل الأمثل، لكنها الأقرب إلى خيار الناس. أحيانًا يكون الثمن وصول شخص غير ديمقراطي، مثل دونالد ترامب، لكن الخيار مسؤولية المقترع. أما الفائزان في نيكاراغوا بنسبة 70 في المائة، المتواضعة قياسًا بالأرقام العربية، فعنوان لديكتاتوريات لا نهاية لها في أميركا اللاتينية. تزعّم أورتيغا تحرير البلاد من ديكتاتورية يمينية طاغية، لكنه أقام مكانها ديكتاتورية يسارية متمادية. لم يسبقه أحد، لا في اليسار ولا في اليمين، إلى تنصيب الزوجة شريكة في الحكم، عن طريق الانتخاب. حتى نيكولاي تشاوشيسكو عين زوجته إيلينا دكتورة في الكيمياء ومناضلة أولى، لكنه لم يكن في مخيلة أورتيغا وشجاعته في تقسيم الحكم بينه وبين زوجته.
ما بين انتخابات الولايات المتحدة وانتخابات نيكاراغوا، عصر كامل من ممارسة حكم القانون وحرية الاختيار. لأن الديمقراطية، في نهاية المطاف، ممارسة طويلة المدى، ولا يمكن إسقاطها على الشعوب بالمظلات. آه، كما قال أحد مفكري بريطانيا بعد استقلال غانا، إنه لا يمكن نقل وستمنستر إلى أكرا بالطائرة.
التعليقات