مطلق بن سعود المطيري

الإرهاب فكر ومصالح، خلق دولة لها شعب وحكومة وجيش، ومن فرضية وجود دولة الإرهاب في أكثر من مكان يصبح من المنطقي تتبع آلية استمرارها ومكان وجودها، دولة الإرهاب وخليفتها إلى اليوم والعراق أرضها وحاضنتها وحكومتها، إلا أن استمرار وجودها في العراق بعد محاصرتها في الموصل وتشديد الخناق عليها من قبل القوات العراقية والتحالف الدولي أصبحت نهايتها شبه مؤكدة، وبعد هذه النهاية ربما ينتقل العراق لشكل آخر من الصراع وهذه المرة ليس مع الإرهاب الداعشي ولكن قد يكون مع الدول المجاورة أو صراعاً على شكل التقسيم النهائي للعراق..

أما دولة داعش فإمكانية وجودها في أرض أخرى غير العراق قد يكون صعباً بسبب التتبع الدولي لمقاتلي داعش في ليبيا وسوريا وباقي دول العالم، إلا أن هذا المستحيل قد يسمح ببعض الإمكانية المدروسة من قبل الدول الكبيرة المستفيدة من وجود الإرهاب لإدارة مصالحها، وهنا قد تكون الدول سوريا أو ليبيا أو حتى اليمن، فكل دولة من تلك الدول توجد بها فرصة لخلق أرضية تمكن دول داعش من الاستمرار، ففي سوريا ربما تتواجد داعش كقوة إرهابية توجه لخارج سوريا بعد أن يكون الحل النهائي لسوريا التقسيم، فتكون سوريا المفيدة تحت حكم النظام الحالي وسوريا غير المفيدة مشروعاً لعدم استقرار الدول المجاورة، وكذلك ليبيا، في اليمن سيكون الأمر كارثياً على أمن الخليج، إذا أصبح الحل النهائي للأزمة اليمنية يصب في صالح الحوثي، وهذا قد يكون لأن جميع الحلول السياسية المطروحة تصب في هذا الاتجاه، فوجود الحوثي على رأس السلطة في اليمن سوف يشعل الحرب الطائفية، ويكون بها التدخل الدولي كبير، ولكن هذه المرة بقصد تسليح فصيل ضد فصيل، وهذا السيناريو هو الذي سوف يسمح لقيام داعش في اليمن، ولإعطاء هذه الدولة عنصر إثارة جديد ربما يكون خليفة داعش باليمن اسماً سعودياً، لتحقيق هدفين خبيثين أولهما تحريك نشاط الإرهاب في المملكة وثانياً ربط الإرهاب بالمملكة، الشيء الذي مهد له الإعلام الدولي، من هذه الأفكار الشيطانية علينا وضع إستراتيجية مواجهتنا للإرهاب وكأن هذا السيناريو هو ما سوف نواجهه، فالإرهاب إن كان -في جانب منه- تطرفاً أعمى ففي جانب آخر هو أداة بيد بعض الدول الكبيرة تستخدمها لتحقيق مصالحها، الدول الكبيرة أعلنت أن حربها على الإرهاب سوف تستمر سنوات طويلة، وهذه المدة الطويلة تفسر لنا أن ملاحقة الإرهاب سوف تتعدى وجوده في العراق إلى دول أخرى، وفي عالمنا العربي هناك أكثر من دولة ظروفها الأمنية تسمح بإعلان دول داعش فوق أرضها، ولضعف جامعتنا العربية المحترمة لن يكون هناك مساندة عربية قوية للدولة التي ستشهد انتقال دولة داعش من العراق إليها.