صحف عراقية: أين قانون تجريم الطائفية؟ وثورة مقبلة ضد الإسلام السياسي ولا مصالحة مع عقلية الأحزاب الإسلامية… والكتل تتقاسم الميزانية
مصطفى العبيدي
تنوعت المواضيع ذات الاهتمام في الصحف العراقية هذه اأيام، وأهمها الدعوة لإصدار قانون تجريم الطائفية ،وخدعة فكرة «حكم الشيعة للعراق»، والتنبؤ بثورة مقبلة ضد رجال الدين المسيسين، وفشل الوعي الجمعي الزائف في حل مشاكل العراق، ولا مصالحة مع عقلية أحزاب الإسلام السياسي، وتقاسم الأحزاب لكعكة الميزانية.
قانون تجريم الطائفية
كتب فاتح عبد السلام، مقالا افتتاحيا في صحيفة الزمان المستقلة، قال فيه «ما دمنا نرى القوانين وهي تنزل ترفرف في سماء البرلمان العراقي بين يوم وآخر، من أجل ما يقال إنه الحفاظ على وحدة العراق واستقراره وتخليصه من الإرهاب، فإن القانون الأجدر بالصدور اليوم وليس غداً وقبل عقد من الزمان وليس اليوم، هو قانون مكافحة وتجريم الطائفية قولا ًوعملاً وسلوكاً وسياسةً وتصريحاً وتلميحاً.
هذا القانون هو الوحيد الكفيل بمعالجة مصيبة العراق الكبرى التي غلفها السياسيون بعبارات الخديعة البراقة لمقتضيات الحال. المشاكل الجدية التي لا علاج لها بعد الانتهاء من صفحة تنظيم الدولة إنما سببها الطائفية.
لا خوف من سلبيات أي قانون أو وضع، بعد اقرار قانون تجريم الطائفية على طريق اجتثاثها والاعتراف بالانسان العراقي كمواطن متساو مع اي مواطن آخر في البلد، في كل شيء.
اذا لم يحصل العراقيون على هذا القانون من برلمانهم الذي يقترض انه يمثل ارادة الشعب، فإن الانهيارات لن يكون لها حد والأزمات سوف تتناسل وستعود لغة القوي الذي يأكل الضعيف في أية فرصة سانحة.
لا تضيعوا وقتكم في اصدار قوانين، ستكون مقموعة في النهاية بسقف الطائفية ،
أعرف أن هناك الكثير من رجالات العراق يرفضون الطائفية ويريدون الخلاص منها، لكنهم لا يزالون خاضعين أو مهادنين لها أو سائرين مجبرين في ركابها، لأن حشداً من أغلبية المشهد السياسي في العراق يقتات على الطائفية المبطنة والمعلنة حسب الظروف.
إذا كنتم لا تريدون إصدار هذا القانون، فصارحوا العراقيين عن سبب رفضكم في الأقل».
حكم الشيعة في العراق
ونشرت صحيفة التآخي الصادرة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، مقالا لصبحي ساليي، قال فيه « من بين المصطلحات والتعابير التي سميناها بالمتناقضة والمتخلفة، عبارات تقول أن الشيعة يحكمون العراق وأن الدولة والسلطات تخضع للهيمنة والسيطرة الشيعية، والشيعة الذين إعتادوا على أن يدفعوا فاتورة شيعيتهم، يظلمون الآخرين.
بعد إسقاط صدام، وصل الكثير من سياسيي الشيعة إلى مواقع المسؤولية، وإحتل أحدهم، الذي يدعى ( نوري المالكي )، في وقت واحد عدة مواقع مهمة في الحكومة، وبات اللاعب الشيعي الأكثر حيلة وتحركاً على الساحة السياسية، والأبرع في خداع البسطاء من الناس وربطهم بدوامة الخضوع لإرادته بأسم الله والدين والمذهب، وأصبح الأكبر فشلاً في إقرار الأمن والسلام، وإستولى على المال والسلاح، فحول مع المحيطين به طوال ثمان سنوات عجاف، محنة الشيعة إلى مكاسب ذاتية وحزبية والى منح مالية ومادية لأقاربه وأتباعه ومؤيديه، وفي عهده تم إستغلال المناصب للفساد والافساد والنهب والاثراء غير المشروع، والترهيب والكذب والتبجح.
ولكن، عدا الذين حصلوا على مكاسب أو مناصب على حساب الوطن ومصالحه، ماذا جنى الشيعة من حكم يسميه بعضهم بـ( حكم الشيعة )؟ في المناطق الشيعية الواسعة التي كانت محرومة من كل شيء، لم يتم تشييد البنى التحتية الارتكازية، كالطرق والجسور، ومحطات توليد الطاقة، كما تم تعطيل المصانع التي كانت تعمل. وعلى مدى ثمان سنوات عجاف من حكم المالكي عاش الكثير من المواطنين الشرفاء في جنوبي العراق الزاخر بالخيرات، على ضوء الفوانيس عاطلين عن العمل وهم يواجهون البرد والحر من دون ساعة راحة مع شبح الجوع والعوز والحاجة والبؤس.
ونرى السياسيين المعارضين للمالكي، أو الذين لا يؤيدونه فإنهم لم يستطيعوا حتى الآن ترتيب صفوفهم وتحالفاتهم وفقاً للدروس المستفادة ويصعب عليهم الإحتفاظ بزخم علاقاتهم مع الكرد، وتسوية خلافاتهم مع العرب السنة.
ولكن المؤكد الذي لا يقبل الشك هو أن قاعدة بوصلة الموقف الشيعي ستمضي نحو الإتجاه الصحيح، ولا تنسى الذين عاثوا في الارض فساداً، وإن كانوا يدعون الشيعية ويرفعون شعارات (ما ننطيها) و(أنا ولي الدم) و(قتل سبعة مقابل سبعة) ويتحدثون عن استمرار الصراع بين أنصار الحسين وأتباع يزيد، وستجعل من طموحات المالكي المصاب بجنون العظمة، سحابة صيف لا تلبث ان تنقشع من دون قطرة ماء».
الثورة المقبلة
ونشرت صحيفة المدى المستقلة، مقالا بعنوان «الثورة مقبلة» لعبد الخالق كيطان، جاء فيه « ثورات «الربيع» العربي، التي أفادت من وسائل التواصل بل وانطلقت منها، وبالرغم من تقهقرها اللاحق، إلا أنها قدمت نموذجاً جديداً للثورة. أما لماذا تقهقرت تلك الثورات فيكفي القول أن أحد الأسباب الرئيسة لهذا التقهقر هو في بروز طبقة رجال الدين القادرة، على الدوام، على سرقة أعظم الأحلام وتحويلها إلى واقع مرّ وظلم، مستغلة النزعة الأصيلة للتدين الشعبي عند الجمهور، والتي من السهل ركوبها وتدجينها لكل أفّاق ارتدى جلباب رجل الدين؟
لقد دشن الخميني ثورته الإسلامية في إيران بوسيلة بسيطة لنشر أفكاره بين الشباب. لقد كان استخدام أشرطة الكاسيت وسيلة ناجعة في الترويج للأفكار قبل النزول إلى الشارع والاستحواذ بقوة الشعب على السلطة في طهران.
ومع القوة الهائلة التي يتمتع بها رجال الدين في منطقتنا، والتي يمكن أن تعود جذورها لثورة الخميني تلك، ثم عززتها ثورات «الربيع» العربي، والمنصات الحداثية للتواصل الاجتماعي، أصبح هؤلاء، أي رجال الدين، بمثابة آلهة على الأرض. أصبحوا يمتلكون أموالاً طائلة، وقدرة على تجنيد الأتباع، وضعوا أنفسهم في مصاف المقّدس الذي لا يأتيه الباطل لا من يمين ولا من شمال.
والآن، ما الذي قدمته وسائل التواصل الاجتماعي في التهيئة لثورة ما بعد ثورات «الربيع» العربي، وربما لتصحيح مسار تلك الثورات؟ الثورة الجديدة التي أقصدها هي تلك التي ستطيح بسلطة رجال الدين، وربما إلى الأبد.
اما امارات هذه الثورة فلقد بدأت بالفعل، ومسرحها هو الفيسبوك وتويتر ويوتيوب وغروبات الفايبر و واتس آب وما إليها. الذي سيفعل فعله في تسخيف فكرة رجل الدين المقدس، وفضح أكاذيبه وادعاءاته، وهو الهدف المرجو من أجل الإطاحة بسلطته المتضخّمة.
الثورة هي ثورة الانسان المقهور ضد ظلم طبقة رجال الدين التي تحالفت مع كل شيء من أجل أن يظل البشر عبيداً لهم».
الوعي الجمعي المخادع
ونشرت صحيفة العدالة المقربة من المجلس الاعلى الإسلامي، مقالا افتتاحيا لعادل عبد المهدي، جاء فيه « لم يستطع العراق، والمنطقة عموماً، مواكبة التحولات التاريخية الكبرى خلال العقود والقرون الماضية، لمواجهتها، بمعرفة الغير والتعلم منه، وبمعرفة الذات وتأصيلها.. باختصار اكتشاف ووعي الذات والآخر.
ويندر ان قدمت امة من التضحيات، كما قدمنا. خضنا معارك الاستقلال والدفاع عن فلسطين والدين والوطن. وخضنا مستحقات بناء الدولة.. ومقاومة الاستبداد وبناء النظم والديمقراطية والحياة الدستورية والحقوق الخاصة والعامة والحريات ومرتكزات التقدم الروحي والمادي، فكانت الاخطر من حيث البذل في الانفس والاموال. فالهند تحصل بالمقاومة السلمية على استقلالها ومقومات نهضتها، ونُحتل نحن وتدمر بلادنا، في مطلع القرن رغم مقاومتنا المسلحة.. وتتقدم الصين ودول آسيوية وغيرها كانت لعهد قريب مثلنا.. وتنهض دول في الخليج وتركيا وإيران المسلمتين.. ونتراجع نحن إلى دول العالم الرابع والخامس، رغم الثروات والخبرات البشرية.
لا نجد تفسيراً، سوى الوعي المزيف وخواء برامجنا من اي منظور عملي وعلمي يحمي ويحمل مصالحنا. ما زلنا نكرر الشعارات والمناهج الفاشلة، التي قادتنا للكوارث والهزائم.. فنصر عليها، لنحولها إلى أصنام وأرباب نتعبد بها. فهل هناك معايير لعقلنا الجمعي ووعينا الوطني.. ام سيستمر الوهم المكرر، والاعذار الجاهزة والمشاريع الفاشلة؟
قلنا ـ عن حق- ان الغرب يحجز طريقنا.. لكنه لا يمكنه غلق خياراتنا. فهناك دول إسلامية، وخارج المعسكر الغربي حققت التقدم. قلنا ـ بصواب- ان إسرائيل وحلفاءها قطعت اوصالنا وارهقتنا وعزلتنا.. لكن ذلك بدل ان يحثنا ويزيدنا عزماً لاستغلال كامل امكانياتنا، صار برهاناً لارتباك سياساتنا واولوياتنا وفشلنا، في ان نكون ثقلاً حقيقياً، لاستخدام مصادر قوتنا ولكسب الآخرين والنجاح في معاركنا لمصلحة شعوبنا واوطاننا. وقلنا ـ بصدق- ان الاستبداد يحجز عقولنا وحراكنا.. فتخلصنا من المستبدين، لكن الجهل والتخلف يجددان دورتهم. لن نخرج من هذه الحالة ان لم ينعقد وعي حقيقي ـ قيادي وشعبي- يقف بوجه الوعي المزيف الذي يزايد في الوطنية وهو يخسر المواطن والوطن. وندعي الانجازات التي نخدع بها انفسنا، بينما البلاد تتراجع وتحترق».
الميزانية «الكيكة»
وكتب حسين عمران في صحيفة المشرق المستقلة، مقالا جاء فيه « كان الله في عونك أيها المواطن العراقي الفقير، وأتوجه بالدعاء إلى العلي القدير ليلتفت نوابنا الكرام إلى الموظف البسيط، وهم يواصلون ماراثونهم لإقرار الموازنة «الكيكة» التي تريد كل كتلة سياسية اخذ حصتها منها، متناسين هموم ومعاناة المواطنين والموظفين معا.
كتلة التحالف الوطني تطالب بنسبة الـ»5» دولارات للمحافظات النفطية وإلا فانها لن تصوت على الموازنة، التحالف الكردستاني يطالب بأن تكون رواتب البيشمركه من حصة وزارة الدفاع الاتحادية وإلا فانها ستقاطع جلسة التصويت على الموازنة، تحالف القوى العراقية يطالب بنسبة 30 في المئة في الحشد الشعبي وإلا فإنه يرفض التصويت على الموازنة.
هذه هي أهم مطالب الكتل السياسية التي برز صراعها على «كيكة» الموازنة إلى العلن مما نتج عن ذلك فشل البرلمان في إقرار الموازنة لثلاث جلسات ماراثونية
اما المواطن المسكين ومعه الموظف البسيط فان حصته من الموازنة « كبيرة» وكبيرة جدا، ففي فقرات الموازنة نعرف ان نسبة الاستقطاع من رواتب الموظفين والمتقاعدين زادت من 3٪ إلى 3.8٪. وليس هذا فقط، فهناك أضرار مادية أخرى سيلمسها المواطن الفقير خلال العام المقبل منها زيادة ضريبة كارتات الموبايل والانترنت 20٪ وفرض ضريبة على تذاكر الطيران الخارجي بنسبة 25٪ والداخلي بنسبة 10٪، ونحمد الله ان الموظف البسيط والمواطن لا يسافران كثيرا إلا حين ترغمهم ظروفهما للسفر للعلاج بعد ان يصيبهم اليأس من وجود علاج شاف من أطبائنا الذين تحولوا إلى «تجار»!
من المقرر عقد جلسة برلمانية أخرى للتصويت على الموازنة التي أكرر بتسميتها «الكيكة» لأن أغلب الكتل السياسية تبحث عن حصتها من «الكيكة»، أما المواطن والموظف والمتقاعد فيرفعون عيونهم قبل أيديهم إلى الرحمن الرحيم لإنصافهم بعد أن فقدوا «الرحمة» من أصحاب السلطة ومالكيها».
التسوية والمصالحة
وكتب فلاح علي، مقالا في صحيفة طريق الشعب الصادرة عن الحزب الشيوعي، ذكر فيه « ان المصالحة الوطنية الحقيقية في العراق تواجهها صعوبات كبيرة منها ان احزاب الإسلام السياسي هي استئثارية اقصائية غير ديمقراطية وهي متمسكة بنظام المحاصصة الطائفية والاثنية. والمشكلة تكمن في فكر هذه القوى انه فكر شمولي طائفي قائم على التطرف والهيمنة والاستبداد والاقصاء ومصادرة الحقوق والحريات ان سنحت لهم الظروف لن يترددوا في ذلك،
والمصالحة الوطنية تتطلب دستورا ديمقراطيا فهل ستعدل بعض فقرات الدستور بالاتجاه الديمقراطي ؟
وتخشى احزاب الإسلام السياسي الحوار الوطني والعلني واشراك الأحزاب الوطنية والديمقراطية المهمشة والمواطنين وممثليهم في الحوار انها تريد حواراً قائماً على جلسات مغلقة مع اطراف المحاصصة ومع نخب لغرض ان تتمكن من عقدالصفقات والمساومات والاتفاقات والتنازلات المتبادلة.
ورقة التحالف الوطني حول التسوية التاريخية جاءت متأخرة جداً رغم انه لم يتم اعلانها للشعب بعد، لكن ارى من وجهة نظري لو كان اطلاق مبادرة المصالحة الوطنية جاء من قبل رئيس الوزراء او الرئاسات الثلاث لكان لها أثر ايجابي جماهيري شعبي واسع يخلق الامل ويسهم في تهيئة مستلزمات تحقيق المصالحة الوطنية.
لا توجد بين مواطني الشعب ازمة او صراع، لكن المشكلة والازمة تكمن بين كتل نظام المحاصصة الطائفية والاثنية الذين صادروا الديمقراطية وهمشوا القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية وجماهير الشعب.
هنالك مجموعة تساؤلات اضعها امام كتل المحاصصة الطائفية والاثنية وفي مقدمتهم التحالف الوطني منها : لأجل انجاح المصالحة الوطنية السياسية والمجتمعية الحقيقية التي هي حاجة للشعب والوطن. هل بمقدوركم الاستجابة لإرادة الجماهير وتطلعاتها في تلبية مطاليب الحراك الجماهيري وفي مقدمتها انهاء الفساد واصلاح القضاء وتحقيق الاصلاح والتغيير؟ والغاء كل الهويات الثانوية وابراز الهوية الوطنية، وانهاء الخطاب السياسي الطائفي وكل حواضن الإرهاب والبدء بعمليات التنمية وتطوير الارياف ؟ واقامة دولة المواطنة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين؟».
التعليقات