&عبدالعزيز السويد

ما هي قيمة الاعتراف بالخطأ بعد وقوع الضرر، لا أتحدث عن خطأ شخص تجاه آخر، بل اعتراف وسائل إعلام أو دول وحكومات بأخطاء تجاه دول أخرى لها نتائجها الوخيمة الوقتية أو الطويلة الأمد.

صحيفة "الغارديان" البريطانية اعتذرت لقرائها في بيان ذكرت فيه: «أن الصحافي جوزيف مايتون الذي عمل فترة مراسلاً لها من القاهرة انتهك قواعدها والثقة التي منحته إياها». وأوضحت أنها «حذفت 13 تقريراً كتبها المراسل، وحذفت ما لم تستطع التحقق من صحته من معلومات وتصريحات نقلاً عن مصادر، بعدما أنكرت مصادر عدة أنها تحدثت مع المراسل»... انتهى. التقارير كانت عن الأوضاع السياسية والأمنية في مصر.

والنتيجة أن الضرر وقع، والاعتذار للقراء لا يقدم للمصريين شعباً وحكومة شيئاً يذكر بعد مضي زمن ترسخت فيه جذور الضرر.

على مستوى العلاقات بين الدول، الولايات المتحدة الأميركية اعترفت بأن المعلومات التي روّجت لها وتذرعت بها لغزو العراق واحتلاله كانت غير صحيحة، ليست هناك علاقة لصدام حسين بتنظيم القاعدة ولا أسلحة دمار شامل في العراق، لكن الضرر الجسيم وقع، وتم تدمير دولة وقتل شعبها وتهجيره، وما زالت الفوضى تضربها، وسلمت لعدوها الأول، فلا قيمة في المحصلة لمثل هذا الاعتراف الخجول. كما لم يحدث اعتذار عن الفظائع التي اقترفها جنود القوات الأميركية في العراق، حتى صور الفظائع في سجن أبوغريب تكاد تختفي عن الأذهان، ولا ننسى أن «واشنطن رامسفيلد» حصّنت جنودها في العراق بعدم المساءلة.

ما هي قيمة الاعتراف بعد وقوع الضرر؟ لا شيء. مجرد أداة تجميل غربية مصطنعة تستخدم للرأي العام في الداخل، بل إن استغلال وتعميق مأساة العراق والعراقيين التي أنتجها ما أطلق عليه عدم دقة معلومات استخباراتية هما ما يجري العمل عليه على قدم وساق.

لذلك فإن التصدي للتقارير الأممية والقوانين المستهدفة وكذا الأخبار والافتتاحيات للصحف المعتبرة لدى الغرب، قيمته تكمن في العمل عليه في الوقت المناسب، طَرق الحديد الساخن، وليس الانتظار أو الاكتفاء برد على شكل بيان أو تصريح.