الياس الديري

باهتمام شديد قوبلت زيارة الرئيس ميشال عون للمملكة العربيَّة السعوديّة، تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. لبنانيّاً ودوليّاً. وعلى أكثر من صعيد.

فما بين بيروت والرياض علاقات يعود تاريخها لى عهد المؤسِّس الكبير الملك عبدالعزيز آل سعود. حتى بات السعوديّون يشعرون وهم في العاصمة اللبنانية، أو في أيّة مدينة لبنانية، كأنّهم في الرياض أو جدَّة أو أيّة مدينة سعوديّة.
ثم حصل ما حصل...
فجأة تمَّ انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهوريَّة، بعد فراغ رئاسي استمر سنتين ونصف سنة. فعمَّت الفرحة المراجع العالية في السعوديّة، وبحجم فرحة اللبنانيّين إن لم يكن أكثر.


لقد رُدّت الروح إلى العلاقات الأخويّة المميَّزة بين لبنان والسعوديَّة. ومن شأن هذه العودة إضفاء الكثير والمزيد من الطمأنينة والارتياح على لبنان القلق منذ سنوت. بل على كل اللبنانيّين. وعلى الوضع الاقتصادي والمصرفي بصورة خاصة. كما على الوضع السياسي الذي ساده الهدوء وطرق أبوابه التفاهم والتوافق. وحتماً كان الوقع نفسه والانعكاس نفسه بالنسبة إلى موسم السياحة والاصطياف.


قدامى السياسيّين، قدامى المصرفيّين، قدامى رجالات الاقتصاد والتجارة، قدامى العاملين في الحقل العام، يعلمون جيّداً أن ما من مسؤول سعودي ينظر إلى لبنان إلّا بعين المحبَّة واللهفة، وفي كل حالات هذا البلد وحالات الزمان عليه.
وفي مرحلة حروب الآخرين، وحروب المتنافسين على زعامة لبنان ووضع اليد عليه، كانت السعوديَّة هي "الأم الحنون" الفعليَّة التي بذلت كل ما في وسعها من أجل انقاذ "اليتيم" من عقاب الانقسام، وتجنيبه الانزلاق إلى مؤامرة جبّ الأفاعي، والذي دفعته بوسطة عين الرمانة في اتجاهه.


من الضروري والمفيد هنا التوقّف طويلاً عند الجهود الجبَّارة التي بذلها في ذلك الحين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، سواءً تجاه بيروت التي يكنُّ لها حبّاً وودّاً نادرين، أو تجاه لبنان، وصيغته ونظامه، ودوره، وحاجة العالم العربي إليه...
ومرافقتي المتواصلة لتلك المرحلة عن كثب، جعلتني أدرك إلى أي مدى يبلغ اهتمام المملكة بلبنان، ومتابعة خادم الحرمين لمجمل التطوّرات والمخاطر، كما محاولات إيجاد قواسم مشتركة للاتفاق بين الأفرقاء والمتحاربين.
بناءً على هذه الوقائع والحقائق، يمكن تعليق أهميّة كبيرة على نتائج الزيارة الرئاسيّة للسعوديّة، وفي هذه الفترة العربيَّة الحرجة. والقول إنها ستبلور الكثير مما لدى السعوديّة والملك السعودي تجاه لبنان، مثلما ستجعل الوفد الرئاسي يسمع من الملك سلمان ما يكنُّه من لهفة خاصة ومحبَّة دائمة لهذا البلد، الذي تكاد خلافات حكّامه على "الحصص" أن تودي به في داهية.


الآن، لبنان في رعاية خادم الحرمين الشريفين.