حسين شبكشي
المهزلة القطرية لا تزال مستمرة، وفصول نظام الانقلاب في قطر ومسرحياته لا تزال متواصلة. هذا النظام بأفعاله أصبح أضحوكة العالم ورمزاً للغدر والخيانة. كيف يؤذي نظام نفسه بهذا الشكل؟ عجزت الناس عن أن تفهم.
كان من السهل جداً ومن الممكن جداً أن تحقق قطر حلمها ومشروعها أن يكون لها الحضور العربي والقامة الخليجية والميزة الإقليمية والقيمة الدولية. هذا كان من الممكن أن يكون حصاد ما زرعته لنفسها واستثمارها العاقل لمواردها وثرواتها بعد أن تمكنت من استكمال بنيتها التحتية من المطارات والموانئ والطرق والجسور والمستشفيات، والجامعات والمدارس والمراكز الثقافية، والمسارح والمتاحف والمباني الشاهقة، وناطحات السحاب المبهرة، وتعاقدت مع أهم الجامعات العالمية والمؤسسات البحثية وأرقاها، وغير ذلك من النماذج الحضارية والمميزة.
أيضاً، هذا كان من الممكن أن يكون لو وزعت ثرواتها بشكل ذكي لتوزع المخاطر، وتكون جسوراً لها وتضمن تأييد أصحاب المصالح المشتركة لها ومعها. ليس هذا فحسب، لكن كان من الممكن لقطر أن تستغل الحالة الإيجابية التي كونتها في الترويج والتسويق لنهجها ذلك عن طريق البناء الإيجابي، وأن ترعى مشاريع خيرية وتعاونية وطبية وتعليمية وعصرية ومدنية وثقافية وترفيهية تستفيد منها أمم وشعوب حول العالم هي في أمس الحاجة لها، فيكون العائد لها شلالات من الاحترام والتقدير والحب والتأييد والتشجيع، وقد يحصل أن يأتي لها بعد ذلك الولاء والوفاء.
ولكن الغرور قاتل، والنفس الأمّارة بالسوء حاضرة ومتوغلة، والنية السيئة تقود صاحبها إلى الهلاك وبأسرع الطرق المدمرة وبشكل مرعب؛ فبدلاً من كل ذلك اختار نظام الانقلاب في قطر أن يتبنى الخط المتشنج باسم الدين، واحتضنت التيارات الراديكالية المهووسة ومولت الإرهاب الدولي بشتى أشكاله، واختارت شركاءها من على شاكلة تنظيم القاعدة و«جبهة النصرة» وتنظيم داعش و«حزب الله»، ولعبت معهم على كافة الحبال واستعملتهم لمآربها السياسية كوسائل قذرة ودموية ومدمرة، وكانت راعية الفتن والمآسي السياسية بامتياز، وساهمت في إشعال النيران وتأجيج الخلافات وإزكاء الحروب الأهلية وتحطيم دول العالم العربي واستعدائهم لبعض، وكل ذلك بتكاليف باهظة هائلة كانت في محصلتها تشكل فاتورة أضعافاً مضاعفة للخيار الأول المسالم لها.
نظام الانقلاب في قطر أضاع على نفسه وعلى شعبه أن يكون نظاماً محترماً وراقياً ينال الرضا والثناء والاحترام ليصبح مسخة لا يلقى سوى السخرية والازدراء.
على نفسها جنت قطر.
التعليقات