عبدالله محمد الشيبة
لم يؤمن إنسان عربي بفكرة وقوة وأهمية الاتحاد كما فعل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه مؤسس اتحاد الإمارات العربية وباني نهضتها والذي عندما يستحضر مواطن الدولة ما فعله من تضحيات وإنجازات لا يسعه سوى تذكر قول الله عز وجل: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) آل عمران، 103. زايد، رحمه الله، أكد ذلك عندما أعلن صراحة لإخوانه أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات قبل إعلان قيام الدولة: "هذه فرصة هيأها الله سبحانه وتعالى لنا، فرصة وجودنا اليوم في مكان واحد، إن قلوبنا جميعاً عامرة والحمد لله بالإيمان بمبدأ الوحدة، فلنجعل إذن من اجتماعنا هذا فرصة تاريخية لتحقيق أملنا المنشود". ولقد تحقق له -طيب الله ثراه- ما أراد وعمل لأجله نهاراً وسهر له ليلاً وقامت دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي ما لبثت في أقل من أربعة عقود، أن تتبوأ موقع الريادة العالمي في العديد من المجالات.
وإذ نحن نمر بالشهر الثاني في "عام زايد"، فإنه لا يسعنا سوى التيقن من أن روح وجسد الاتحاد كانا في ذهن المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مهتدياً بكتاب الله عز وجل. فهو الذي بذل جل حياته في تآليف قلوب القبائل المتفرقة والتقريب بينها وضمها تحت راية واحدة هي راية دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971. ثم قام بوضع أسس الدولة الحديثة من اقتصاد وسياسة خارجية وتنمية مجتمعية ورعاية اجتماعية وبنية تحتية وخدمات صحية ونظام تعليم وقوات مسلحة عصرية وجهاز شرطة قوي ودعم للمرأة في كافة المجالات واهتمام غير مسبوق بالبيئة والزراعة والتراث والرياضات الخاصة به وغيره الكثير مما حققه "زايد الخير"، وما زال يصدح باسمه داخل الدولة. وعلى الصعيد الخارجي، فقد حظيت دولة الإمارات العربية المتحدة تحت قيادة "زايد الخير" رحمه الله بموقع ريادي متميز على المستوى العربي مما أكسبها حب القاصي والداني والمقترن دائماً بحب زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، والذي أطلق عليه العرب لقب "حكيم العرب" لما شهدوه من حكمة ورزانة وهدوء ورؤية ثاقبة. أما على المستوى الدولي، فلم يكن من المستغرب أن ينال المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله إعجاب وتقدير واحترام قادة العالم. فهو من قالت له الملكة إليزابيث الثانية ملكة المملكة المتحدة أثناء حياته رحمه الله: (إننا لمعجبون بالقيادة الحكيمة والخبيرة التي تمارسونها كرئيس والنجاح الاقتصادي الذي حققته بلادكم ماثل للعيان في المدن الجميلة والمنظمة وشبكة الطرق الممتازة والمطارات والموانئ والاتصالات الحديثة، والبيئة الخضراء التي يتمتع بها مواطنوكم في الأماكن التي لم يكن فيها يوماً إلا صحراء، ولم توجهوا ثروة أو تفكير وطاقة بلادكم للأشياء المادية فقط، ولكنكم وضعتم الأساس لما هو اليوم نظام تعليمي حديث وشامل استعداداً لمتطلبات القرن الحادي والعشرين). وهو الذي عند وفاته أقام له العديد من شعوب العالمين العربي والإسلامي واجب العزاء عرفانا بما بذله في مساعدة القاصي والداني.
ونحن إذ نفخر باستمرار مسيرة دولة الاتحاد التي زرع بذرتها "زايد الخير" رحمه الله لنحصد وأجيال المستقبل ثمارها، ونستمر نحيا في مجتمع الأمن والأمان والاستقرار، تحدونا دائماً مقولته الخالدة:
(الاتحاد ما قام إلا تجسيداً عملياً لرغبات وأماني وتطلعات شعب الإمارات الواحد في بناء مجتمع حر كريم، يتمتع بالمنعة والعزة وبناء مستقبل مشرق وضاح ترفرف فوقه راية العدالة والحق، وليكون رائداً ونواة لوحدة عربية شاملة).
التعليقات