علي نون

 طبيعي أن تُعقد القمة الرباعية في مكّة المكرمة لدعم الأردن بمبادرة من العاهل السعودي، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

عدم انعقادها هو غير الطبيعي.

القمّة السعودية – الإماراتية – الكويتية – الأردنية هي تماماً مثلما قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير تؤكّد سعي المملكة الدائم والأكيد والمتواصل لدعم وتثبيت "تنعُّم الدول العربية وشعوبها بالاستقرار والتنمية".. عدا كونها في راهنها وتوقيتها مبادرة عاجلة لرفد عمّان بما يُعينها على تجاوز الأزمة التي بانت أخيراً جرّاء تداعيات الزيادات الضريبية.

السعودية تتصرف مبدئياً وانطلاقاً من تراثها المتراكم قيماً وحمية وأخلاقاً ولهفة إزاء أشقائها العرب والمسلمين عموماً، لكنها في الموضوع الأردني الراهن، تضيف السياسة والأمن الاستراتيجي، إذا جاز القول، على تلك المبادئ الذاتية الراسخة. وتعرف تماماً أن الاستقرار العربي مُستهدَف في صميمه. وأن سعي إيران دؤوب لتخريبه ولانتهاز أي فرصة ممكنة في أي دولة عربية عموماً، وفي تلك المحيطة بالمملكة العربية السعودية خصوصاً، من أجل محاولة إيجاد موطئ قدم، والشروع في بناء حيثيات ميدانية وتنظيمية وسياسية، بأي ثمن وأي طريقة، لتوظيف ذلك في سياق جموحها الغريب ومشروعها العجيب!

استهداف الاستقرار السعودي في قمّة جدول أعمال الجماعة الإيرانية، على ما يقول دُعاتها وعمّالها وخدّامها علناً وعلى المكشوف.. وليس الانقلاب الحوثي في اليمن سوى عيّنة عن الأداة والطريقة والأسلوب. بحيث أن "ورقة" بني حوث بالنسبة إلى طهران تزداد أهميتها تبعاً لجغرافيتها وليس فقط لهوية أصحابها المذهبية والسياسية.. وتلك الجغرافيا تسمح (وسمحت) بتفعيل التهديدات المباشِرة للمملكة أولاً وأساساً ولكل جيرانها في الخليج العربي تالياً.. مثلما سمحت في إنعاش "الإدّعاء" (الذي بقي أدّعاءً في كل حال) بتحكُّم إيران أو "مشاركتها" في ذلك التحكُّم بخطوط الملاحة البحرية الاقليمية – الدولية المتّصلة بالطاقة والمشتقات النفطية.

طبعاً الأردن ليس اليمن. والعكس صحيح. لكن البلدَين محوريان في الجغرافيا السياسية. وتأثيرات الأوضاع فيهما تتخطّى حدودهما الكيانية الوطنية.. وهذا ما عرفته وتعرفه إيران، وهي وإن "نجحت" في صنعاء ما أدّى حُكماً إلى خراب اليمن، فإنها في المملكة الهاشمية تنطح الصخر.. ولا يمكنها في كل الحالات سوى المراهنة على اهتزازات داخلية لمحاولة التسلل وإيجاد منصّة نفوذ. وهذه الاهتزازات وإن كانت موضعية وعابرة يجب تلافيها وتداركها ومعالجة أسبابها.

والبداية المزدوجة تحققت بالفعل: في الداخل من خلال الإقرار الشجاع بضرورة التغيير الحكومي والتراجع عن الإجراءات الضريبية. وفي الخارج من خلال الدعم العربي، والسعودي تحديداً.. وفي هذا تؤكّد العربية السعودية طباعها الأولى والجذرية بأنها الشقيقة الأكبر، والحامي والحاني. والكتف التي تستند إليها أمّة العرب والمسلمين. والدولة المحورية والقطبية التي تعرف حجمها ودورها، وتتصرّف تبعاً لهما.