شهيد جديد سقط أمس على يد عصابة هذا المستوى السياسي الفاسد، أنه علي محمد الهقّ الذي ترك شهادة للتاريخ عن عار العصابة التي نهبت لبنان، عندما كتب بأحرف واجفة صارخة متفجرة في وجوهنا جميعاً، كلمات تفجّر كل الغضب وتستدرّ كل دموع من هم فعلاً من البشر: “انا مشّ كافر الجوع كافر”، ثم اطلق رصاصة على رأسه وهو يقول “لبنان حر مستقل”!

يا للهول ويا الفجيعة تتكرر مرة جديدة أمام أعيننا جميعاً، لكنها هذه المرة ستبقى شهادة عار للتاريخ لمجرد ان كلماته غطّاها بإخراج قيد و”لا حكم عليه”، غطّاه بالعلم اللبناني، الذي إختاره كفناً لموته الهائل، ولمجرد انه أصدر حكمه الأكثر صدقاً في هذه المرحلة من تاريخ هذا البلد المقتول مثله، عندما صاح “لبنان حرّ مستقل”، لا لتسمع العصابة السياسية المتوحشة، فهي لم تسمع من قبل ولن تسمع الآن فلقد مات وسيموت كثيرون، بل بالضرورة ليسمع الأحياء منا، المتخمون والجياع والذين يبحثون عن لقمة لأولادهم، لنسمع جميعاً ونعرف أنه لو إنتحرنا من الناقورة الى النهر الكبير، لن يتغيّر شيء أو يرمش جفن في هذه العصابة من الكفّار التي أوصلت الناس الى الموت جوعاً.

لا يا علي، أيها الشهيد المسجى في أحضان العلم اللبناني الذي قتلوه هو أيضاً، لست بكافر، هم الكفّار الذين ما جلبوا لهذا البلد غير الجوع والموت والقهر والمرارات، ولن يتوقفوا لحظة الآن أمام شهادتك الشريفة “لبنان حر مستقل” لأن لبنان هو المنهبة التي سطوا على ملياراتها، ويعملون للسطو على ما تبقى منها!

أولم تسمع بالصندوق السيادي الذي يعدّون به هذا الشعب المسكين، الصندوق الذي هو مجرد عملية سطو وسخة، على مقدرات الدولة وأملاكها، ولكن بأموال الشعب التي سرقوها، بما يعني أنهم نهبوا الشعب اللبناني منذ ثلاثين عاماً، ويعملون لشراء لبنان بالأموال التي سرقوها ويسمون ذلك تعويماً للبلد!

لا يا علي لست الأول ولا أنت الأخير، الذي صار الشرف عندك رصاصة لم تمزق حياتك فحسب، بل مزقت ما بقي لهذا الشعب المنهوب من الكرامة والشرف، لمجرد ان الإعتراض على الجوع لا يفترض ان يستمر بإختيار الموت إنتحاراً، بل بإقامة الحساب للذين يقتلون الناس جوعاً ولهذا طرق كثيرة، وقد آن الآوان لينفجر البركان الذي يبتلع الضحايا، فقد حان دور القتلة والذين يقتلون الناس الجائعين الى الخبز، لكن المفعمين بالقهر وبالشرف والإيمان بالوطن …لا يا علي انت لست بكافر. لست بكافر اطلاقاً، ولا الذين سبقوك الى الموت اعتراضاً على الجوع، الذي تنزله بهذا الشعب البائس عصابة السياسيين والمسؤولين التي تتصارع على نهب البلد، تكراراً كما قال الرئيس حسين الحسيني يوماً، هم من الكفّار الذين صنعوا الجوع.

لست بكافر أبداً، انت بطل إختار ان يموت في حضن العام اللبناني داعياً بالحرية والإستقلال للبنان، لكن العصابة السياسية ملتهية الآن بالبحث عن طريقة لدفن التفاصيل كل التفاصيل وكل الأرقام، التي أوصلت البلد الى الإفلاس وأوصلتك الى الإنتحار. لكن يمكن ان يكون للبطولة وجه معاكس ليس بالضرورة عبر الرصاص، ففي بلاد أخرى سيق السياسيون السارقون الى السجون في مستوعبات النفايات، وليس من سارق غير معروف في هذا البلد المتعوس، وها هم نهبوا البلد ويريدون تحميل الشعب المسؤولية!

طفح الكيل بالدم، وآن الآوان ليقوم الشعب بكل طوائفه ومذاهبه وجوعه البائس بسحب عصابة النهب الى ساحة الشهداء، وعرضها داخل قفص كبير الى ان تعيد ما نهبته، فلا الجزائريون ولا السودانيون اشجع منا، وكفانا إنتحاراً، حان وقت عصابة النهب!