الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لديه مقدرة عجيبة، بل وفذة على اكتساب العداوات، وخسران الحلفاء، خاصة وهو يتصرّف وكأنه دولة عظمى، لا يخشى أي قوة، ولا يكترث بأي دولة، رغم أنه يعاني من ديون بمئات المليارات، وعملته يتراجع سعر صرفها، ومعدلات التضخم في تزايد مطرد، ناهيك عن انتشار وباء كورونا الذي يتزايد الأتراك المصابين به يوماً بعد يوم.

مثل هذه الممارسات والعنتريات الفارغة والاستفزازية ستنتهي قطعاً إلى الفشل، كما أن أطماعه في ثروات النفط والغاز في قاع البحر الأبيض المتوسط لا تتكئ إلا على أدلة فارغة، وليس لدي أدنى شك أنه سيؤوب من عنترياته بخفي حنين، ولاسيما أن الاتحاد الأوربي بكل دوله سيساندون اليونان، كما أن الولايات المتحدة في حركة غاية في الدلالة رفعت حظر التسلح عن قبرص.

الورقة الوحيدة التي تلوّح بها تركيا في وجه الاتحاد الأوربي هي الانحياز إلى روسيا، وخطوة خطيرة كهذه لن تجرؤ تركيا على اتخاذها، لا سيما وهي عضو في حلف النيتو، الأمر الذي سيأخذ الأزمة إلى تطور آخر.

أردوغان يبدو أنه مصاب بداء العظمة، وهاجس إعادة الإمبراطورية العثمانية الهالكة حلم لا يفارق مخيلته، إلا أن أوضاعه الاقتصادية، والديون التي تطوِّق عنقه، من شأنها أن تجعل هذا الحلم ضرباً من ضروب الخيال.

تركيا أردوغان تعادي الآن أوربا وكل دول الشرق العربي وكذلك مصر ما عدا دويلة قطر، كما أنه متورِّط في ليبيا، التي اتخذت أزمتها مستجدات لم تكن في الحسبان، بعد أن اختصم حلفاؤه فيما بينهم في الغرب الليبي وهم الذين يراهن عليهم هناك. إضافة إلى أن الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس عبدالفتاح السيسي في الهلال النفطي في وسط ليبيا جعله يتوقف، ويلجأ إلى الحوار. وتوقف اندفاعه يعكس حقيقة أنه أجبن من أن يدخل في حرب غير مضمونة العواقب، وهو ما يشير بوضوح إلى أن هذا الرجل مجرد ظاهرة صوتية، يقول ويهدِّد ويجعجع ولا يفعل.

أما بالنسبة لأردوغان (المتأخون) فلا أعتقد أنه جاد في تأخونه، فتمظهره بمظهر الإخوان هو مجرد وسيلة لاستقطاب العرب، الذي وجد أن هذه الفئة منهم مجموعة خونة لأوطانهم، تقوم أدبياتهم على تسليم بلدانهم لتركيا على طبق من ذهب، غير أن عصرنا اليوم لا يمكن أن يحتمل إمبراطوريات الزمن الغابر، حتى وإن تآمر معك مجموعة من الخونة، الذين يفرخ الماضي في تلافيف أذهانهم مثل جماعة الإخوان التي تضمحل شعبيتها، وبالتالي انتشارها مع كل يوم جديد.

ومهما يكن الأمر فإن أردوغان، وهذه المغامرات غير محسوبة العواقب، سيجد نفسه عند نهاية ولايته عام 2023 في مأزق حقيقي، من شأنه أن يقوده ويقود حزبه، بل وكل من تحالف معه، إلى طريق مسدود.

إلى اللقاء