هل يكفي القول كل عام وأنتم بخير؟ يقيناً، الأمانيُّ ورود نتهاداها بحبٍّ، تفعم القلب سعادة. لكن التهنئات تغدو لها معان ذات طاقة وحيوية، حين تكسوها الدول حلل التنمية الشاملة.

التهنئة تنقلنا إلى المحور المقصود: لماذا تعثرت التنمية في عدد من البلدان العربية؟ ولماذا تحققت في الصين، ونفوسها ثلاثة أضعاف ما للعالم العربي؟ دولة الإمارات والصين كلتاهما شهدت في نصف قرن نمواً غير مسبوق. ستكون الذرائع يسيرة على اللاّئذين بالتعلّل. سيقال إن الإمارات ثريّة لها موارد وإمكانات وليست من ذوات عشرات الملايين أو مئاتها سكّانياً، لكن ماذا عن الصين؟ أغلبية البلدان العربية لم تهتدِ إلى مفتاح النمو المتناغم المتألق جرّاء استفحال الفساد المالي والإداري من جهة، فالسؤال: كيف تتوهم تلك الدول القدرة على السباق التنافسي في الزحام العالمي، بينما جسد البلد مصاب بألوان العلل والآفات؟ من ناحية أخرى، نرى الخلل في الرؤية الشاملة العامة للتنمية. لا يمكن أن ينطلق موكب بتناغم وتناسق وتضافر، بينما فيه فئات وقطاعات نطيحة وأخرى متردية. كيف يزدهر الاقتصاد وينمو في بيئة كسيحة مشلولة بالبطالة والأمية وسوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية وتخلف البنية التحتية، وعدم استقلالية القضاء، وقائمة الترديات تطول؟
العام المقبل سيكون عام مفاجآت كبرى على الصعيد الدولي، ولا نتمنى غير أن تكون النقاط الساخنة قابلة للتحمل وقيد التحكم والسيطرة. الحبال مشدودة في أوكرانيا وتايوان، غير أن مواطن التوتر أوسع بكثير. ماذا يتبقى من مراكز القوى، إذا كانت الحلبة تتصارع فيها الولايات المتحدة وروسيا والصين وأوروبا كلها؟ صراعات جهنمية وقودها الطاقة والغذاء، بالتالي وقودها الناس والتجارة. ما يعني أن البلدان التي حققت تنمية شاملة هي التي سيكون في مقدورها أن تصبر على الشدائد. الآن ستدرك الاقتصادات المتعثرة أن التنمية الشاملة هي أوّلا وآخرا ثقافة حياة، ثقافة فعل واستشراف.

في العام المقبل 2023 وما بعده، ربما لسنوات، لن ينفع الدول غير صالح الأعمال التنموية. الغرب سيكون ضنيناً بمساعدة الدول المتقاعسة المتعثرة تنموياً، فمتطلبات إذكاء الحرب في أوكرانيا تلتهم مئات المليارات ووطيسها الحامي يقول هل من مزيد؟ لقد ظهرت للعالم القسمة الضيزى، مئة مليار دولار لكييف خمسة عشر ملياراً لخمسين بلداً إفريقياً، ولو لم تكن الصين في الموازين الإفريقية، لكان نصيبها خمسين همبرجراً.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستباقية: الوقاية والعلاج معاً للمفاجآت غير السارة مستقبلاً، هما الاستعداد بالتنمية الشاملة الفورية للسنوات الدولية العجاف.