أصعب الأحلام وأشقّها تحقيقاً، تأسيس وطن وتوحيده، وإرساء قواعد نجاحه، ولكن هذا الحلم الذي بدا مستحيلاً، تحقق على أرض الواقع؛ لأن الحلم رافقته عزيمة وقوة إرادة وإيمان، إضافة لصدق المسعى وسمو أهدافه، الذي التفت حوله آمال وطموحات شعب، عانى ويلات الحروب والتشرذم والنزاعات القبلية، فكانت راية التوحيد محققة للأحلام، جامعة للقلوب، متخذة من الإسلام دستوراً، ومن قيمه السامية نهجاً ونبراساً، وهذا ما أكده الملك عبدالعزيز آل سعود المؤسس، حينما أرسل نسخة من القرآن الكريم إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة، عندما طُلب من الدول أن ترسل دساتيرها إلى الأمم المتحدة، فكان القرآن الكريم دستور المملكة الخالد في أروقة المنظمة الدولية؛ ليتحقق حلم آخر ممثلاً في إطلاع العالم على القرآن الكريم وسماحته وشموله، وقيمه الإنسانية النبيلة.

لقد جمع الملك عبدالعزيز –رحمه الله– بين القول والعمل، فإنه لما طلبت هيئة الأمم المتحدة من الحكومات موافاتها بنسخة من دساتير بلادها، فإنه أمر أن تُرسل نسخة من القرآن الكريم، لأنه دستور المملكة العربية السعودية الوحيد وأحكامه نافذة في كل البلاد. لقد خاض الملك عبدالعزيز 520 موقعة؛ لتثبيت أركان دولة دستورها القرآن.. جاء ذلك في كتاب "الملك الراشد" لمؤلفه المؤرخ الكبير والأديب البارع عبد المنعم الغلامي.

ولأن الأحلام بداية تحقيق الإنجاز فقد تضمنت هوية اليوم الوطني عدداً من المشروعات السعودية العملاقة على الأصعدة كافة، الإقليمية والعالمية منها: مشروع بوابة الدرعية، مشروع سندالة، مشروع تطوير العلا، مشروع ذا لاين، مشروع السودة للتطوير، مشروع المسار الرياضي، مشروع حديقة الملك سلمان، مشروع الشعيبة للطاقة الشمسية، مشروع السيارات الكهربائية، برنامج المملكة لرواد الفضاء، ومشروع المكعب، والأجمل في تلك المشاريع تنوعها، ما بين السياحي والاقتصادي والعلمي والرياضي، وتصب جميعها في خدمة الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل، وخلق المزيد من فرص العمل، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، تجمعها التقنيات الحديثة، التي أضحت قاسماً مشتركاً في جميع المشروعات التنموية، لتحقيق جودة الحياة للمواطنين والمقيمين على أرض الواقع، وتلك المشروعات كانت مجرد أحلام، إلا أن القيادة السياسية وفق رؤية استراتيجية طموحة، حوّلت تلك الأحلام إلى واقع ملموس، حيث استلهمت هوية اليوم الوطني 93 من الأحلام، التي أصبحت إنجازات وصروحا تعكس الهوية الشاملة للمملكة العربية السعودية.

إن رؤية المملكة 2030 تجسدت في هوية اليوم الوطني 93، وهذا المزج يتناغم في صور المشروعات الأخرى التي قامت بها الدولة السعودية، خاصة في المجالات التقنية والعلمية والفضائية والبحث العلمي، والمجالات الصحية والثقافية والفنية، وما اتخذ من إجراءات تعيد رسم الخريطة الاقتصادية السعودية عالمياً، بعيداً عن اقتصاديات النفط، واتجاهاً صوب منابع الطاقة المتجددة، وآفاق الصناعات التقنية، والعسكرية، وتدشين خطوط مواصلات عصرية جديدة –لم تكتمل صورتها النهائية بعد- ولكنها خطوات على الطريق، فعلى أرض المملكة أصبحت الأحلام حقيقة ترسم المستقبل، ونواة لأحلام جديدة.

وأجمل ما في الأيام الوطنية زيادة الانتماء والاعتزاز بقيمة الوقت ومقدراته، فأصبحت تهل علينا تلك المناسبات، فتسير في ركابها الفعاليات الثقافية والفنية والرياضية والاجتماعية، لتعم ثقافة الفرحة والسعادة بهذا الوطن الكبير.