دبيُّ التي ما انحنت للرياحْ
وظلّتْ تَميسُ بفرسانها
إذا طوّقتْها عوالي الرماحْ
تصدُّ الرماحَ بشجعانها
كمثل الطيور ذوات الجناحْ
تطيرُ القلوبُ لأكنانها
وتشدو غناءً بكل صباحْ
على العاليات من أفنانها
في القصة الثامنة من كتاب (قصتي: 50 قصة في خمسين عاماً) الذي هو سيرة ذاتية مُبدعة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، سَرْدٌ أدبيٌّ بليغٌ لقصة البحث عن دبي عبر مسيرتها التاريخية الطويلة، حيث افتتح صاحب السمو كلامه بقوله: «دبي ليست صدفة، دبي هي ثمرة رحلة استمرّتْ أكثر من 185 عاماً. دبي هي قصةٌ طويلةٌ من الكفاح والتغلب على مخاطر هدّدت وجودها واستمراريتها، دبي اليوم دانةُ الدنيا وستبقى بإذن الله».
وبحسه الأدبي البليغ يسطر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد سيرة ثمينة لواحدة من أزهى المدن العربية التي قام على صناعة مجدها الصِّيدُ الشجعانُ من آل مكتوم ابتداء من الشيخ مكتوم بن بطي رحمه الله في الثلث الأول من القرن التاسع عشر مروراً بمسيرة في غاية الصعوبة والقلق والبحث الدؤوب عن الهوية والذات لتأخذ دبي نفَساً عميقاً مع مجيء المغفور له الشيخ سعيد بن مكتوم رحمه الله عام 1912 حيث توقّف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد طويلاً عند الجهود الكبيرة التي بذلها جدُّه طيب الذكرى المغفور له سعيد بن مكتوم رحمه الله الذي وضع القواعد الأساسية لنهضة دبي خلال خمسين عاماً من الحكم من خلال تبني سياسة الاقتصاد المفتوح وترسيخ فكرة التنوع الاقتصادي وعدم الاعتماد على مصدر واحد، لتنطلق دبي نحو مدارها العالي المتوهج مع مجيء المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم رحمه الله الذي استحق لقب «مهندس دبي» عن جدارة واستحقاق، وغرس في قلوب أبنائه أمانة الحفاظ على مجد دبي حتى تولى حُكمها إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عام 2006 وكانت قد بلغت في سُلّم المجد مبلغاً عظيماً تجلّى في تنفيذ كل تلك الأحلام التي كانت تُداعب خيال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حين زار لندن صحبة والده حين كان في مدارج الصبا، وحين عاد إليها فارساً عسكرياً ليتخرج من أرقى كلياتها، ثم ينخرط بقلبه الجسور وفكره الثاقب في بناء قصة مجدها حتى أصبحت بإشارة من والده طيب الذكرى الشيخ راشد بن سعيد هي الوجهة التي يجب أن تكون معها مدينة عالمية تتجاوز حدود الزمان والمكان وتتمرد على الجغرافيا حين توفرت لها إرادة فارس يقهر المستحيل في سبيل مدينته التي احتلت ثُلُثَ قلبه وذاكرته حين قال ذات يوم: «أبي والخيل ودبي هي ذكرياتي الأولى عن طفولتي، أبي والخيل ودبي هي ذاكرتي التي ستبقى معي حتى النهاية».
ولقد عاش صاحب السمو الشيخ محمّد بن راشد ساعياً في سبيل رفعة دبي في مسيرة الوطن الشاملة نحو الرفعة الحضارية، وما زال يرعاها بقلبه وروحه وعقله حتى أصبحت «دانة الدنيا» ومدينة الإنسانية الكبرى التي عبرت عن ثقتها بهذه المدينة العظيمة في إكسبو دبي 2020، وفي كثير من النشاطات العالمية التي تشهد بحيوية هذه المدينة وقدرتها الاستثنائية على التطور في جميع مرافق الحياة.
لكن دبي قد أصابها جُرحٌ عميق قبل أيام قلائل كدّر صفوَ مسيرتها حين عصفت بها الرياح وداهمتها السيول مثل أي مدينة عالمية، فما كان من فارسها وصانع مجدها إلا أن مسح على جرحها، وطلع على عُشّاقها بقرار سيغير واقعها إلى حالة تستعيد فيه كل ذلك الألق الذي ترسخ لها عبر مسيرتها الحضارية الطويلة، فقد نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على حسابه بُشرى كبيرة للمواطنين باعتماد تصاميم مطار آل مكتوم بتكلفة 128 مليار درهم ليكون أكبر مطار في العالم لتظل دبي هي دانة الدنيا ولؤلؤة المستحيل.
«الإخوة والأخوات: اعتمدنا اليوم تصاميم مبنى المسافرين الجديد في مطار آل مكتوم الدولي، وأمرنا بالبدء الفوري بتشييد المبنى بتكلفة 128 مليار درهم وذلك ضمن استراتيجية مؤسسة الطيران بدبي» بهذه العبارة الإنسانية الدافئة يخاطب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد المواطنين وينقل لهم هذا الخبر الذي تستقبله القلوب والأرواح بما يستحقه من الحفاوة التي تليق بمدينتهم دبي التي ستحتضن هذا المطار الدولي الكبير الذي سيُعيد موقعها المتقدم إلى سالف عهده حين تفوّقت على مطار هيثرو الدولي الذي كان ذات يوم أعظم مطار في العالم.
وبلغة الأرقام المدهشة التي لا تحتاج إلى تعليق يواصل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الحديث عن هذا المطار الاستثنائي حيث يقول: «مطار آل مكتوم سيكون الأكبر في العالم بطاقة استيعابية نهائية تصل إلى 260 مليون مسافر، وسيكون خمسة أضعاف مطار دبي الدولي الحالي، وسيتم نقل كافة عمليات مطار دبي له خلال السنوات القادمة».
وعن سعة المطار وفخامة تصميمه وروعة استيعابه يقول صاحب السمو: «سيضم المطار 400 بوابة للطائرات، وخمسة مدارج متوازية، وسيستخدم تقنيات جديدة لأول مرة في قطاع الطيران».
وتأكيداً على العزيمة الفذّة لهذا المشروع العظيم الذي سيُدشِّن مرحلة جديدة في تاريخ دبي يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «نحن نستعد لمرحلة جديدة من نمو قطاع الطيران العالمي، نستعد لمرحلة تتصدر فيها دبي قطاع الطيران الدولي للأربعين عاما القادمة».
وإلى جانب هذا الإنجاز المرتقب المدهش يؤكّد صاحب السمو الشيخ محمّد بن راشد على أن هناك مشروعا مرافقاً عبر عنه بقوله: «كما نبني مدينة كاملة للمطار في دبي الجنوب سترفع الطلب على السكن لمليون نسمة، وستضم أهم شركات العالم في القطاع اللوجستي والنقل الجوي».
وبنبرةٍ ملؤها التفاؤل والأمل والإحساس العميق بالمسؤولية يختتم صاحب السمو كلمته بالقول: «نحن نبني مشروعاً جديداً للأجيال نضمن فيه تنمية مستمرة ومستقرة لأبنائنا، ولتكون دبي مطار العالم وميناءه وحاضرته العمرانية ومركزه الحضاري الجديد... والله الموفِّق أوّلاً وأخيراً» لتكون هذه الكلمات المشعّة بالأمل صفحة جديدة في تاريخ دبي الزاخر بالمنجزات الكبرى التي جعلت منها نخلة الجزيرة الشامخة ودانة الدنيا الباذخة..... وسلامٌ على دبي وعلى وجه فارسها الذي لا يخذلها مهما كانت التحديات والتضحيات.
التعليقات