خلال موسم الحج جاء التوجيه الكريم مقترحاً تخفيف خطبتي الجمعة في الحرمين الشريفين على غير ما هو معتاد، ولهذا القرار أسبابه الشرعية والمنطقية، فشرعاً جاء القرار انطلاقاً من مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة وضروراتها الخمس، إذ يقول الله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، وتأسياً بذلك فقد جعلت المملكة حفظ النفس، وحياتها، وحمايتها من مبادئها السياسية الأساسية.

* *

ولأن مبدأ الحكومة السعودية كان ولا يزال (الإنسان أولاً)، كان مقترح تقصير خطبة الجمعة في الحرمين الشريفين لتكون 10 دقائق بدلاً من 30 إلى 45 دقيقة حالياً، إنما هو تخفيفٌ عن المصلين في ظل ظروف الحرارة المرتفعة التي سادت مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهو ما يُفسَّر بأنه أخْذٌ بمبدأ الوقاية، والحفاظ على النفوس.

* *

المملكة أدركت أن وصول درجة الحرارة إلى ذروتها من الساعة 11 صباحاً إلى 4 عصراً، يجعل الأذى والضرر الذي يتعرض له المصلون أمراً مؤكداً فيما لو لم يتم تخفيف مدة خطبة الجمعة، فقد استوجب ذلك التخفيف من مدة خطبة الجمعة لحمايتهم من الإجهاد الحراري، وما يسببه من إعياء للمرضى وكبار السن، فكان هذا القرار في مكانه الصحيح.

* *

وهكذا هي المملكة لا يغيب عن أنظارها وإدراكها واهتماماتها حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسول الله، فهناك علاقة وثيقة بين حماية النفس البشرية الطاهرة وبين الإخوة الإنسانية، وحفظ النفس مقصدٌ من مقاصد الشريعة الغراء، ومبدأ إنساني من مبادئ الحفاظ على حياة الناس وأرواحهم، وهذا ما فعلته المملكة.