لأربعين عاماً تقريباً والجميع، من دون استثناء، يشكون من وضع منطقة جليب الشيوخ، التي أصبحت مغلقة على من فيها، لا ترغب أية سلطة صحية، أمنية أو بلدية، ولا حتى دينية دخولها، وخلال ساعات اتُّخذ القرار، ودخلت قوات الأمن المنطقة وكسرت التابو.
سبق ذلك أن تبعه اتخاذ الحكومة لمجموعة من القرارات المهمة، التي طالما انتظرنا تحريك ملفاتها، وعلى رأسها التلاعب بالهوية الوطنية، ووجود كل هذا الكم الهائل من مزوِّري الجنسية ومدعيها.
كما كان جميلاً التعامل بحزم مع عشرات آلاف موظفي الحكومة، من مرتادي المقاهي، الذين لم يكترثوا يوماً بالتواجد في مقارَّ أعمالهم، فطبقت البصمة الثالثة عليهم، فأصبحوا يداومون قبل غيرهم. كما كان مهماً إلغاء التغطية الحكومية لعلاج المتقاعدين، التي تسابق وزراء الصحة في نفخها بمختلف الإضافات، فأصبحت عبئاً، ومصدر فساد وإفساد للمواطن والطبيب والعيادات والمستشفيات.
لا يتسع المجال حقاً في تعداد الإنجازات، التي حققتها الحكومة في الأشهر القليلة الماضية، ومحاولاتها خلق بيئة تجارية يمكن الاعتماد عليها، كحرصها على إبرام 18 مناقصة طرق، تشمل كل شوارع الدولة، في ظاهرة غير مسبوقة عالمياً، والسير قدماً في التوسعة الضخمة في مشروع ميناء مبارك، وميناء الزور، مع كل ما أبدته جهات عدة من محاذير وتحفّظات بيئة، أو عدم القدرة على خلق فرص عمل جديدة للكويتيين، والخوف من عدم زيادة نسبة الإيرادات غير النفطية، من مثل هذه المشاريع الضخمة في تكلفتها وإدارتها، أو في قدرتها على جذب استثمارات أجنبية كبيرة.
ما لا يرغب البعض إدراكه أن كل هذه المشاريع وعشرات غيرها، لا يمكن أن تتمتع بالاستدامة، طالما بقي النظام التعليمي بتخلّفه الحالي، وكل هذا الاهتمام، الذي تحظى به المواد النظرية والدينية، مع إهمال واضح ليس فقط للمواد العلمية، وبل حتى للمواد التي تحسّن من الذائقة الفنية وتطوّر الذوق، وتصنع بشراً من طراز مختلف!
* * *
أصيب أحد العاملين لديّ، من الجنسية الفلبينية، بطارئ صحي، فذهبت به إلى مستشفى مبارك لتلقي العلاج. تبيّن أن لديه فتقاً في المعدة، وبحاجة لعملية جراحية دقيقة عاجلة، غير مضمونة النتائج!
مكث السائق في المستشفى أسبوعاً، وبعد معاناة وآلام، خرج في أحسن حال.
قمت بدفع فاتورة علاجه، ووجدت أن المبلغ شمل الفحص النووي، وتحاليل الدم والخروج، وأشعة CT وإقامة 4 نجوم مع ثلاث وجبات مميزة، وكل ذلك مقابل 203 دنانير، وهذا كان سيكلفه عشرة أضعاف ذلك في أي مكان آخر، داخل الكويت أو خارجها!
كنت أزوره يومياً، وفي طريقي كنت أتفقَّد أحوال الجناح الذي كان يرقد فيه، ونظام العمل، وبقية مرافق المستشفى، وسرّني بالفعل ما شاهدته، وقمت بزيارة مديرة المستشفى الدكتورة موضي المطيري، لم تكن في مكتبها، أبلغتُ مساعدتها بانطباعاتي وملاحظاتي، وتحدثت معها تالياً هاتفياً، وكانت متجاوبة جداً.
كما تبيّن لي أن مشروع «عافية» لا حاجة له، إن قامت الحكومة بزيادة اهتمامها بمستشفياتها، والاستمرار في تحسين الخدمة ورفع مستوى العلاج، وجذب الكفاءات لها، من أطباء وإداريين.
أحمد الصراف
التعليقات