كان الشعب الكويتي، لسنوات، الأعلى في نسبة حملة الشهادات العليا في العالم! لشكي، من واقع تجاربي مع الكثير ممن التقيت من حملة شهادات الدكتوراه، فقد قررت منذ سنوات التوقف عن مخاطبة الآخرين، شفاهة أو كتابة، بلقب «دكتور» إن لم يكن طبيبا! ويحيرني من يصر على أن يُخاطب باللقب وهو لا يستحقه، أو من يخاطب به وهو لا يحمله أصلا، ولا ينفي عدم حمله. ومع كم الفضائح التي صاحبت حاملي هذه الألقاب «العلمية» المرموقة، وما انكشف من كم المزورين بينهم، اصبح الصادق بينهم يشعر بالحرج من أن يخاطب به. ولا شك لدي أن الكويت «كانت» تتصدر دول العالم في عدد حملة شهادتي الدكتوراه والماجستير، والسبب لا يعود لذكاء شعبها، ولا لمتطلبات التنمية، ولا لحرص هؤلاء على اكتساب أعلى أنواع العلوم والمعارف، بل في الغالب الأعم للحصول على المزايا المالية الكبيرة التي تمنح لحامل اللقب، فوق راتبه، والمكانة الاجتماعية، ولسهولة الحصول على تصديق الوزارة على شهادات الدكتوراه، وغيرها، إن بسبب الجهل أو الفساد، فكل ما كان مطلوبا هو إبراز شهادة تحمل بضعة أختام وتواقيع، واسم جامعة معروفة، أو على الأغلب اسما خارجيا، حتى لو كان «منوفيا»!! وأجزم أنه لولا سوء استغلال المزورين لوضع تصديق الشهادات، وارتفاع أعدادهم لأرقام فلكية، لما افتضح أمر الكثيرين، الذين حصلوا على مئات آلاف الدنانير من دون وجه حق، خاصة حامليها في الستينيات والسبعينيات، حيث نجح عدد كبير منهم في تبوؤ مناصب عليا لشهاداتهم العليا، التي لم تكن غالبيتها تساوي قيمة الورقة التي كتبت به، ومن سيقرأ منهم هذا المقال صباح اليوم، سيبتسم ويقول لنفسه: «صج ربعنا كانوا سذّجُ تماما»!!
***
فجأة، ومن دون سابق إنذار توقفت حملة فحص الشهادات قبل فترة، وخاصة الدكتوراه منها، وأصبحت الجهات الحكومية تعتمد على المصادفة في كشفها، أو في تقاعد من يحمل المزور منها.
من الشخصيات التي لا يتردد مقدمو البرامج بإطلاق مختلف الألقاب العلمية والفكرية والفسيفساء عليها، من دون أن يحاول هؤلاء إنكارها استحقاقهم لها الأخ أبو زرافة، المعروف بخارق تنبؤاته، التي لم يتحقق منها شيء، كصاحبنا «شايف كيف» الذي سبق أن تنبأ عام 2014 بأن في عام 2025 لن تكون هناك في الخليج غير ثلاث دول، وستزول الثلاث الأخرى، ومنها الكويت! وكيف أنه تحدّث بالموضوع مع مسؤول كبير وأبدى له تخوفاته، لكن المسؤول، ولحسن الحظ، عطاه «بولبّاس»!
**
هناك ثلاث جهات يتطلب الأمر ضرورة الكشف عن صحة شهاداتها العلمية. الأولى لن نورد اسمها، ونترك معرفتها للقارئ، والثانية هي فئة الأطباء، والثالثة رجال القانون من المحامين. فقد انكشفت مؤخرا فضائح البعض من هؤلاء، ومن الفئات الثلاث، وانتهى الأمر ببعضهم للسجن. كما اصبح أحدهم يكثر من الظهور على وسائل التواصل، وغالبا للترويج إعلاميا لعيادته، التي هجرها البعض بسبب سوء استغلاله لنظام عافية، ولغريب آرائه الطبية، التي أصبح يكثر منها، ربما لاعتماده على جهل بعض من يتبعونه، وللحماية التي يتمتع بها من الحزب الديني الذي ينتمي اليه.
أحمد الصراف
التعليقات