منيف الحربي

في عالمٍ يتزايد اتساع أطرافه وتكتظ مساحاته بالبشر، يعتبر الطيران أهم وسائل النقل التي ساهمت بشكل كبير في ربط سكانه ببعضهم حتى باتت الكرة الأرضية قرية صغيرة يتهامس قاطنوها، وتنتقل أخبارهم من طرف لطرف خلال لحظات.

منذ أن بدأت الرحلات الجوية التجارية بعد الحرب العالمية الثانية؛ شهدت صناعة الطيران نمواً مذهلاً ساهم في تسهيل حركة الأشخاص والبضائع عبر القارات والمحيطات، وهذا النمو شكّل دوراً محورياً في نمو الاقتصاد، كما ساهم في تعزيز صناعة السياحة والسفر بصورةٍ لم تكن موجودة في السابق، حتى بات الطيران أحد اللاعبين الرئيسيين في الاقتصاد العالمي.

تقول آخر إحصاءات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) إن قطاع الطيران يوفر 65.5 مليون وظيفة حول العالم، ويساهم بحوالي 2.7 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهذه الأرقام مرشّحة لتكون أضعافاً مضاعفة خلال السنوات المقبلة، وهي -بلا شك- تعكس أهمية الطيران كعصب حيوي للاقتصاد العالمي.

عام 2019، سافر أكثر من 4.5 مليار مسافر جواً، ورغم الآثار المدمّرة لجائحة كورونا إلا أن قطاع الطيران العالمي استطاع تجاوزها خلال عامين وعاد لتحقيق قفزات كبيرة فاقت أرقامه السابقة، وانتعاش الطيران يعني انتعاش السفر والسياحة فقد تضاعفت أعداد السياح الدوليين بشكل كبير، حتى وصل العدد إلى 1.5 مليار سائح دولي عام 2023؛ وفقًا لمنظمة السياحة العالمية (UNWTO).

هذه الأرقام لها تأثير مباشر في زيادة الإنفاق السياحي حيث تنمو على ضفاف السياحة قطاعات كالعقار والطعام، والترفيه، والتسوق، وغيرها، حتى بلغت عائدات السياحة الدولية عام 2023م ما يقارب 1.4 تريليون دولار.

أيضاً يؤثر الطيران بشكل مباشر على الإنفاق الحكومي من أجل تحسين البنى التحتية في الوجهات السياحية، ففي عام 2019، تم إنفاق ما يقرب من 130 مليار دولار على تطوير وتحديث المطارات والبنية التحتية المرتبطة بها.

جال كل هذا في بالي وأنا أتابع قبل أيام خبر افتتاح جزيرة سندالة الفاخرة، أول مشروع يرى النور في مدينة نيوم المستقبلية، وكذلك افتتاح منتجع شيبارة ضمن مشروع البحر الأحمر، وهما أيقونتان سياحيتان على مستوى المنطقة.

إن اقتصاديات الطيران تلعب دوراً مهماً في تعزيز السياحة والسفر والبنى التحتية؛ مما أدى وسيؤدي إلى زيادة تنمية الاقتصاد العالمي والاقتصادات المحلية، مع ذلك يواجه القطاع تحديات كثيرة ومستمرة، فهو الصناعة الأكثر هشاشة أمام الأزمات والشماعة الأكثر تكراراً في المبررات البيئية التي تستخدم عادةً لخلق عوائق أمام الاقتصادات الناهضة.