علي عبيد الهاملي

يظهر لي من متابعتي للأخبار أن العالم يقف على رجل واحدة بانتظار يوم 20 يناير 2025م. ففي هذا اليوم سيدخل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب المكتب البيضاوي في الجناح الغربي من البيت الأبيض.

وعلى العالم أن يقف على رجل واحدة بانتظار ذلك اليوم، وأن يدهن الرجل الواقف عليها بمختلف أنواع الزيوت، ويحقنها بأقوى المسكنات، ويسندها بمختلف الدعامات كي يحافظ على وضعه، وعليه أن يضبط أعصابه، ويستنشق كمية كافية من الأكسجين.

في الشرق الأوسط هناك أكثر من قضية تنتظر دخول ترامب في المكتب البيضاوي كي تأخذ مكانها فوق المكتب المطل على الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، منها قضية غزة التي اختفت منازلها من على الأرض تقريباً، ودُمِّرت بنيتها التحتية، وتم تهجير سكانها الذين أصبحوا يعانون من المجاعة بعد أن كانوا يقيمون في بيوتهم آمنين مطمئنين قبل «طوفان الأقصى».

وهناك أيضاً قضية الجنوب اللبناني الذي زج به «حزب الله» في أتون معركة دمرت أغلب مدن الجنوب وقراه، إضافة إلى ضاحية بيروت الجنوبية ومناطق أخرى.

وأدت إلى اغتيال قادة الصف الأول والثاني من قياداته التاريخية التي كانت قبل شهور تهدد بإنهاء الوجود الإسرائيلي في المنطقة، وتبشر بشرق أوسط جديد تبدو ملامحه من بعيد.

لكنها ليست وفق مواصفات خطابات قادة الحزب الذين لم يعد منهم على قيد الحياة سوى عدد قليل جداً، يطلون بين فينة وأخرى مرددين الشعارات نفسها التي كان يرددها من سبقهم إلى الخروج من المشهد الذي يزداد مأساويةً يوماً بعد يوم.

ما تتناقله الأخبار، والعالم كله يقف على رجل واحدة، هو أن إسرائيل تنوي أن تقدم للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب هدية لها علاقة بحل هاتين القضيتين، أو إحداهما على الأقل.

ولكن ليس الآن، وإنما عندما يدخل المكتب البيضاوي ليختار الأثاث والستائر والسجاد والأعمال الفنية التي تزين المكتب على ذوق الساكن الجديد، والتي غالباً ما يتم اختيارها من مجموعة البيت الأبيض، أو تتم استعارتها من المتاحف لفترة ولاية الرئيس، جرياً على العادة المتبعة منذ تشييد أول مكتب بيضاوي قبل 115 عاماً.

هناك قضايا أخرى أيضاً على قائمة الانتظار، مثل قضية أوكرانيا، التي طال أمد المعارك فيها أكثر مما كان متوقعاً عندما بدأت الحرب في شهر فبراير من عام 2022م، وهي حرب أدت إلى سقوط عشرات الآلاف من العسكريين والمدنيين بين قتيل وجريح.

كما أدت إلى تهجير الملايين من الشعب الأوكراني ليصبحوا لاجئين داخل أوكرانيا أو في الدول القريبة من الحدود الأوكرانية، بينما يعاني الذين لم يستطيعوا مغادرة أوكرانيا من ظروف إنسانية صعبة، أولها الجوع والمرض، وليس آخرها البرد القارس في فصل الشتاء.

ولا يعرف أحد مَنْ الذي سيقدم لترامب هدية إنهاء هذه الحرب الطاحنة عندما يدخل المكتب البيضاوي يوم 20 يناير المقبل، ليجلس قريباً من المدفأة التي تقع في الطرف الشمالي من المكتب، أو أمام خزانة الكتب التي في الجدار الغربي منه.

وبينما يقف العالم على رجل واحدة، ينشغل الرئيس الأمريكي المنتخب باختيار مسؤولي إدارته المقبلة. وكما هو الحال في دول العالم الثالث، الذي كنا نظن أن الولايات المتحدة خارج دائرته.

فإن أصحاب الثقة يتقدمون حتى الآن على أصحاب الكفاءة والنزاهة في اختيارات ترامب لمسؤولي إدارته، فما يرشح من معلومات عن أسماء الذين سيتولون مناصب مهمة وحساسة في الإدارة الأمريكية الجديدة يدل على أن ثمة سمات «عالم ثالثية» تطل بوجهها من خلال هذه الاختيارات، نذكر منها ترشيح «مات غيتز» لتولي وزارة العدل.

وهو الذي أثار ترشيحه جدلاً كبيراً، كونه خضع للتحقيق من قبل «لجنة الأخلاقيات» بمجلس النواب بتهمة «سوء السلوك الجنسي». وقد قالت اللجنة في بيانٍ، صدر في شهر يونيو الماضي، إن بعض الادعاءات ضد «غيتز» تستحق المراجعة المستمرة.

وأعلنت أن التحقيق شمل احتمال انخراطه في سوء سلوك جنسي، وتعاطي مخدرات غير مشروعة، وتلقي هدايا غير لائقة، ومنح امتيازات خاصة لأفراد كانت تربطه بهم علاقة شخصية، وسعي إلى عرقلة تحقيقات الحكومة في سلوكه.

كل هذا يجعلنا ننضم إلى طابور الواقفين على رجل واحدة، بانتظار ما سيحدث بعد يوم 20 يناير 2025م، أي اليوم التالي لدخول ترامب المكتب البيضاوي في البيت الأبيض.

كاتب وإعلامي إماراتي