“Nothing more certain than death . لا ظاهرة مؤكدة أكثر من الموت ”
أولاً . أتظن أنهم كانوا يعلمون أن ظاهرة الموت مؤكدة ؟ هذا المقال يقبل الجدل والنقاش والتفسير والتثقيف الديني والعلمي " وهل كانوا يعلمون" حسب الأعتقادات الدنيوية والديانات السماوية الأيمانية الأبراهيمية وخلافها .
ثانياً ،تعتقد البيئة الأكاديمية إن التغيّرَ السريع في وجه الحياة على كوكب الأرض ، غيّرَ أرض البيئة الموبوئة بمعتقدات الفرض والرفض بمحاولات الألمام التاريخي بالديانات الأبراهيمية والتأويلات المُعرّفة بما سطّرته الروايات المتضاربة عن النبي إبراهيم أبو الأنبياء . أمر يثير علماءالثيولوجيا والأجتماع والسياسة في دول وممالك الأرض ومستعمرات وإمبراطوريات إستوطنها البشر وتصارع علىيها على مر التاريخ .
وبدون شك ، فالحياة مؤكدة وظاهرة الموت كذلك " كلُ نفس ذائقة الموت " وإن تعزيز الخلاف والصراع بين الأديان الأبراهيمية الثلاث " اليهودية ، المسيحية ، والأسلامية " هدف لايسمو الى الخُلق البشري بشيئ ، ساهم فيه البعض وكما يحلّلهإليهم الشرع في تحليل للمحرمات وتحريم الحلال ، وتسهيل التطرف للتعاليم العنصرية ودحض للأيمان العقلاني الشخصي . مع ذلك ،علينا سرد التناقض والتصادم الذي لا يخلو من المبالغة في القول والتأويل والحشو والمغالاة في النقل الذي تعودت عليه البشرية بتناقض تعليمات الكهنة والبابوات وأئمة المسلمين وعلمائهم في سرد هذا الخلاف وتهويله وتسويق النبي إبراهيم للعقل البشري.
ثالثاً ، في الأساطير اليهودية الدينية الأولى عن إبراهيم ومنذ عبوره نهرالفرات الى أرض فلسطين ، إختلفتْ تسمياته . فوردَ إسمه : أب رحيم ، وإبرم ، وأبا ايبن رخيم ، وإبراهام ، وإبراهيم . فأيهم هو الأصح ؟ لاأعرف لأختلاف المصادر وصحتها وتفسيراتها وترتيب كلماتها اللغوية العبرانية والعربية وعدم تلاصق الحروف واللفظ المختلف لحرفي الهاء والحاء والخاء .
مكان ولادة النبي إبراهيم مدينة أور قرب بابل ، وتنقضه وتنفيه المصادر اليهودية المدونة ولا نعلم على وجه اليقين تفسير الحاخامات اليهود خاصةً وأن معظم القصص اليهودية تنقضها وتكذبها مصادر يهودية مناوئة واراء مخالفة وتفسير مجازي لكثير من المفسرين اليهود و المسيحيين والمسلمين ، كقصة زواج الملك اليهودي هوشع في القرن الثامن قبل الميلاد وأمر الرب له بأن يأخذ لنفسه امرأة زنى ، فتزوج من إمرأة إسمها "جومر بنت دبلايم" والتي ولدت له ولدين وبنت ، وتركها بعد ثبوت خيانتها له ، ثم بعد ذلك أمره الرب أن يستعيدها من عشيقها، فاشتراها بخمسة عشرة شاقل فضة.
وفي كل الأحوال ، فقد ورد في كتاب التوراة " العهد القديم والجديد والزبور ونسخ التلمود"واللغة العبرانية أنّ النبي إبراهيم ، ولد عام ألفٍ وتسعمئة قبل الميلاد في منطقة تُدعى حرّان، وهو عكس الروايات المدونة باللغة العربية التي تؤكد أنّه وُلِد في أور القريبة من بابل في العراق ، ومن سلالته جاءت الرسل. وقد ذكر القرآن الكريم (والقرأن نسخة واحدة ) إسم إثنين من أبناء إبراهيم - عليه السّلام - إسماعيل وأمه هاجر المصرية وإسحاق وأمه سارة . تزوّج إبراهيم من زوجته سارة التي كانت عاقراً الى سن التسعين وأنجب منها بقدرة ألله طفلاً سُميّ إسحاق ، كما تزوّج من هاجر وهي جارية زوجته سارة وأنجب منها إسماعيل، وهاجر بها إلى الحجاز حيث بنى هو وابنه إسماعيل الكعبة المشرفة في مكّة المكرّمة وكانت أول بيت يبنى لعبادة الله عزّ وجلّ والصلاة والحج إليه. وقد توفي سيدنا ابراهيم عليه السلام بعد عودته من بلاد الحجاز إلى فلسطين في عام 1900 قبل الميلاد، ودفن في مدينة الخليل التي سمّيت على اسمه إبراهيم الخليل، وبني قبره بجانب قبر زوجته سارة في مغارة المكفيله .
كذلك تختلف وتتناقض الأساطير اليهودية عن المسيحية والأسلامية عمن يدخل جنان الله ونعيمها ، حيث جاء في التلمود أن "الجنة مأوى الأرواح الزكية ولا يدخلها إلا اليهود". وهنا يجب أن نتمهل قليلاً في التفسير الذي جاءت الديانة المسيحية والأسلامية لتنقيح ماورد فيه ، بعيداً عن أساطير العذاب والحساب العسير، وأي من الألهة يُحيي ويُميت. لنتأمل معاً رابطة الأديان المحورية التي تجمع الغصون من فروع الشجرة الأصل ، بتأمل مايلي :
كل يوم ، وحسب تأؤيلات مراجعها نصل الى عدم ثبات القيم والمعتقدات والمذاهب . ويثبتُ دارسوا علم الأخلاق وكمال الدين والقيم الأنسانية axiology ،وعلى عكس مايعززُه رجال دين أولياء وأدعياء التذكير بأقوال حكمة وحكم الله في خَلقه بإنزال اللعنات على دين وإحلال البركات على دين آخر.وفي أحوال غير طبيعية إستكثرت التوراة حب الله لخلقه بعبارة تمجيد دينية عميقة التطرف " شعب الله المختار" في كتاب (التاناخ المكتوب المدون والتوراة ذات الحفظ اللفضي التعليمي ) وإدانة للخالق بتمييزه وتفضيله لليهود وإعلائهم عن الخَلق أجمعين ، علماً بأن النبي موسى كان يشكوهم الى الله. وبكل صلافة ، يُعزز أدعياء بسخرية الرسل والكتب السماوية بأنها صنيعة بشرية وروايات إيحائية مكتوبة ، والحشوالجنوني من إدعياء "دخول الجنة والنار" . وهنا أقول ، أنه حتى لو فرضنها إنها كانت مكتوبة ومدونة خطياً للبشر ، فلماذا يكتبها أدعياء الدين بحشو ومغالطات التمييز بين أبناء آدم وحواء ولايعتذرون عن الأساءة الى الأديان ، دون الظن بأنها تُزيد من الفتنة والتفرقة والتمييز والكراهية بين الأديان الأبراهيمية ؟
أساتذةُ جامعات أمريكية في جورج تاون وبرنستن ساهمت في دراسات علوم سياسية -إجتماعية – ودينية للقيم الأبراهيمية (اليهودية ، المسيحية ، والأسلامية ) وتوصلت الى عدم وحدة التفسير وقصص الأنبياء والتي سبّبت في تباين ديني وخلاف بيئي ،سارع في حروب زمنية وإنتشرمبدأإستغلال الدين لإستعباد الأخرين.
والنقطة الرابعة وفي حالات عديدة ، تُسهم سخافة المتحضرين السياسيين والحكام والملوك والأمراء والشيوخ والمتهيئين من " سفهاء القوم " في دول الشرق والغرب ، بسلوك طريق السخرية من الأديانالتي لم تنعم بحرية العبادة في أرضهم إطلاقاً ، وأدت في الماضي وتؤدي اليوم الى توسع حالة الأضطراب الفكري وإضرام روح القتال بين الناس وزيادة رقعة ساحة الحروب وزيادة اللاجئين والمصابين والمعوقين و توزيع الخيام على الأنسان المُستعبَد وتغلب فوضى المُزيدات اللاإنسانية.
للدين كتاب يهدي حرية العبادة وقوة حديدةتنصره. ليس حلماً أو خيالاً أو سذاجة أو خرافة المتنعمين والنادمين على ماحصل من خراب في " دول الهلال الخصيب " سوريا والعراق ولبنانمثلاً. وليس خيالاً أو حلماً ضياع "أرض فلسطين "وتشرد أهلها ، فنجاحنا في دمارنا وخراب مدننا والأنزواء الى دول لإحتضاننا أصبحت فريضة . ولا خرافة في كون التلقين العقلي الديني وبواطنهيأتي مخالفاً لما جاء به إبراهيم والرسل والأنبياءمن بعده. فالرسول الكريم محمد ( ص) حاول بمرارة التخلص من الكفرة الأدعياء في قريش وعشائر بني نظير ، وحاول هدايتهم ولم يفلح، وتعرض المسيح الى الصلب العلني لمحاولته أرشاد البشرية وإزالة الغشاوة عن عيونهم ، ولجأ موسى الى مناداة الرب في جبال سيناء والتشكي إليه من قومه وأكاذيبهم عنه بأنه ساحر العصا.
العالم محفوف بالمخاطر التي من أسبابها ، نجاح سخافة تجار الدين بأحاديثهم في لوم المصحف والأنجيل والتوراة وحشوهم لها بما ورد فيها جميعاً من قصص الترهيب العقلي التي تفتقر الى النموذج . فالمبدأ الذي أنعم أنا شخصياً وأتمسك به هو (( إن الارهاب الديني مرفوض في كل الأديان )) . وقد أثبتت الأحداث أن تصرف الصليبينوالرومان والنازيين والسلفيين والقاعدة وداعش ،هزيمة للعقل البشري وضعفه ، كما هوإيمان بعض السياسيين اليهود بالأرض الموعودة للتوسع والأستيطان، وسخافة بعض المفكرين وسلوكهم المُستثنى الخاطئ عن الفهم العام للدين بتقييم آيات الرب بالصيغة التي تناسبهم ، إضافة لغرورهم الشخصي وإمتداح أنفسهم بشيطنة البيانات والأعلانات المصورة التي دسوا فيها أفكار عقيمة جاءت لتزيد من تعاسة وألآم البشرية ؟
أن نظرية تحقيق السلام الدائم في العالم الرافض للعبودية وإلأستعلاء والهيمنة لاتتم إلا بإحلالالبديل للارهاب الديني المتطرف وإيجاد الطرف الوسيط لتحقيقه . صفاء المذاهب وسماحة الأديان جاءت لتهذيب البشر وتعليمهم عدم نهش أحدهم الآخر، وتطرف نخب الطقوس المذهبية عملت على التشكيك بجنسيات وأصالة خَلق الله. كعبارة (( شعب الله المختار في التوراة، وكنتم خير أمة أُخرجت للناس في القرآن ، ومعتقدات الكنيسة الكاثوليكية بالمعجزات والمخطوطات المقدسة بقدرات السيد المسيح )) .
لاأُحبذُ الدخول في تفاصيل مناهج معروفة غير مستساغة ،مكّنتْ الأديان من التعليم والتبشير وعلاج النفس وشفاءها بطلب الغفران ، بحشو نصوص التنجيم والترجيح وإعتبارها شرعية أو إلحادية . لكن المفيد هو أن بعض الجمعيات الدينية المثقفة أكاديمياً ، إتخذت ، بعض البدائل وإحلالها بإضافات روحية وإنسجامات أخلاقية مجتمعية، حتى أصبح إحلال القديم المفبرك بالبديل الجديد المنتقى الداعي بتقارب المعتقدات المذهبية وصفاءها .
وبظهور كنائس جديدة في أمريكا إزداد الأنتماءالروحي والتعلق بها كبروز كنيسة المورمن في يوتا ورسولها جوزف سميث الذي ولد عام 1805 ، وإدعى ظهور الله وأمرهُ له بالتقرّب من الأبن "السيد المسيح عيسى بن مريم " وعدم تأليهه في رؤية ربانية تصحيحية وأشار فيها الى الرسول جوزف سمث ، النهوض بالرسالة المسيحية الجديدة لدين الرحمة والغفران بتقليل التنافر والتنافس بين الأديان ، ورفض صور التأليه القديمة التي كانت خاطئة في تعاليمها بتأليه الرسل ، وبمنع طائفتها والطوائف الأخرى عن إحتساء الخمر والتدخين وشرب القهوة وتعزيز تعايشها وسلامها ، علماً بأن الكنائس المسيحية الأمريكية الأخرى لاتميل لتعاليم المورمن وترفض الصلاة في كنائسها كما ترفض الصلاة في كنائس جاهوذاوتنس ومسيحيو الآمش الأوربيين وتطلق عليهم اسم "المرتدون من أهل البُدع" .
فعلى مر التاريخ البشري ، تاجرَ رجال الدين بالأنسان وجنته وجهنمه . ووضعت كل المعالم والنصوص والشرائع التي تكفل لهم البقاء والاستمرار لأداء رسائل دون تنقية تعاليمهم وإصلاح أخطائهم ، ومكّنت السلطان السيد من أسر العبد وبيعه في أسواق تجارة الرقيق والعبيد والخدم و فرض الجزية وجباية المال والضريبة وفقاً لنصوص الكتاب المقدس والعهد القديم والجديد وقريش العرب قبل الرسالة القرآنية لعتق العبيد وتحريم بيعهم.
وطالما لا نستطيع كأفراد فصل مصلحة الفرد وتوجيه عقيدته دون المس والإضرار بمصلحةً المجتمع فإن أقل الواجبات تُحتم على رجال الاديان السماوية إدخال كلمات الرحمة وتنقيةالقلوب وتقليل مآسي الناس بالدعوة الى التسامحوالإنسجام الأخلاقي والمحبة والسلام . وبتقادم الزمن والفروق الحضارية ودخول السياسة كقوة دفع في الصراع الديني، قد لا نصل الى نتيجة واضحة المعالم لما تعتبره البشرية من تقارب ضروري أو تصادم حتمي بين الأديان الإبراهمية.
باحث وكاتب سياسي
التعليقات