في حوار أجري معها مؤخرا، قالت الكاتبة النّمساويّة ألفريدة إلينيك الحائزة على جائزة نوبل للآداب عام 2004 إنها بدأت مسيرتها الأدبيّة بكتابة الشعر، واستمرّت في ذلك حوالي ثلاثة أعوام ثمّ تخلّت عنه نهائيّا لتنصرف إلى كتابة الرواية.وقد ورثت عن والديها روح الفكاهة، والدعابة السّوداء اللتين تطغيان على مجمل أعمالها الروائيّة. وفي سنوات شبابها، أقبلت على قراءة الكلاسيكييّن الكبار من أمثال شيللّر، وغوته،وشكسبير، وتولستوي،ودستويفسكي .كما أولت الموسيقى إهتماما كبيرا فكانت تُدمْن على الإستماع إلى السمفونيّات الشهيرة لتستفيد منها في ما بعد في طريقتها في الكتابة بحيث يكون إختيارها للكلمات شبيها باختيار النّغم المناسب.وعن اللّغة تقول ألفريده إلينيك:”لقد سبق وأن ذكرت أن النّمسا تمتلك تقليدا وإرثا قويّا في مجال التّفكير حول اللّغة سواء كا ذلك في مجال الأدب،أم في مجال الفلسفة، إنطلاقا من فريتز ماوتنار، وحتّى لودفيك فيتكانشتاين مرورا بكارل كراوس الذي تأثّرت به كثيرا. فعندنا تتموقع اللّغة ضدّ مفهوم هايدغر الذي يقول بإن اللّغة هي"بيت الكائن”.أما نحن في النمسا، فإننا نعتبر اللّغة شيئا خارجيّا. لذلك بإمكاننا أن نلعب بها مثلما هو الحال لدى "مجموعة فيينّا" التي أنتمي إليها”.وتضيف ألفريده إلينيك قائلة:”أنا أشعر أننّي منغرسة في هذا التّقليد المتعلّق بالتّفكير حول اللّغة.فاللّغة الألمانيّة تتكلّم، وتعبّر، وهي تقوم بذلك بشكل جيّد، وتذهب حدّ كشف حقائقها الدّاخليّة. لهذا السّبب أنا أسمح لنفسي عن طواعيّة بالجناس،وباللّعب بالكلمات،وباستعمال الكلمات البذيئة.وأنا أعشق ذلك لإنّ اللّغة تكشف لنا حقيقتها حتى ولو لم نردها نحن.فاللّغة لا بدّ أن تعرّي الأشياء، وتنزع عنها أحجبتها. وقد كان كارل كراوس معلّما كبيرا في هذا المجال”."ومعلّقة على الذين يقولون ساخرين بإنّ النّمساوييّن هم الشّعب الذي أفلح في يجعل العالم يعتقد أن هيتلر كان ألمانيّا، وأنّ بيتهوفن نمساويا،تقول ألفريدة إلينيك:"لقد سمعت هذه الملاحظة العديد من المرّات.وعليّ أن أعترف بأنها ليست خاطئة تماما.ومن المؤكّد أنّ النمسا هي من أكثر البلدان فسادا في الغرب، مع العلم أنها ليست غربيّة تماما لأنها تقع على الحدود التي تبدأ فيها بلدان البلقان التي غالبا ما يتمّ الحديث عنها بطريقة سلبيّة. وربّما تمتلك بلادنا بعض مواصفات بلدان هذه المنطقة.وتعتبر النمسا نفسها بلاد الكلاسيكييّن الكبار،حتى وإن كان هؤلاء يحتقرونها، فهي بلد فرويد حتى لو أنه طرد منها في النهاية.كما أنها بلد الحركات الطّلائعية حتى وإن لم تكن فخورة بها ".وفي الحوار المذكور أكّدت ألفريده إلينيك أنها مدافعة شرسة عن قضايا النساء . رغم أنها تعتبر أن الحركة النّسويّة التي نشأت في السبعينات من القرن الماضي في العديد من البلدان الرأسماليّة قد إنقرضت ،ولم تعد لها أهميّة تذكر.كما تعتبر أن جلّ رواياتها سياسيّة .فقد إنتمت في فترة من حياتها إلى الحزب الشيوعي النّمساوي .وكان هدفها من خلال ذلك دعم النّضال ضدّ اليمين القويّ جدّا في بلادها.وهي لا تزال مناهضة لليمين الذي تعتبره"غبيّا".
التعليقات