أسامة العيسة من القدس: قالت مصادر في اللجنة الخاصة التي شكلها المجلس التشريعي الفلسطيني للتحقيق في أسباب وفاة ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية، بأن الطبيب الأردني اشرف الكردي، طبيب عرفات الخاص وصديقه، وافق على التعاون مع اللجنة والحديث إليها وتقديم ما لديه من معلومات وملاحظات.

وكان الكردي رفض طوال الشهور التي أعقبت وفاة عرفات التعاون مع السلطة الفلسطينية ومع وزير الصحة الدكتور ذهني الوحيدي واللجنة التي شكلتها السلطة للبحث في سبب وفاة عرفات. وأشارت هذه المصادر بان موافقة الكردي على التعاون مع اللجنة لا يعني انه غير موقفه من السلطة التنفيذية الفلسطينية، ولكنه يميز بين اللجنة التي شكلها المجلس التشريعي وبين الحكومة الفلسطينية. وكان الكردي اتهم، أوساط في السلطة باستبعاده بعد شكوى عرفات من مرضه المميت، ولم يتم الاتصال به والطلب منه الحضور إلى مقر عرفات في رام الله، إلا في مرحلة متأخرة، وقبل سفر عرفات بيوم إلى فرنسا، والتي كانت رحلته الأخيرة إلى الخارج، والتي عاد منها ليدفن في المقاطعة في رام الله.

وقال النائب مفيد عبد ربه، عضو اللجنة الخاصة التي شكلها المجلس التشريعي، بأن اللجنة وضعت جدول أعمال للتحقيق الجدي في ظروف وفاة عرفات، وأنها ستلتقي بالإضافة إلى الكردي بلجنة الأطباء المصريين التي فحصت عرفات، وكذلك طاقم الأطباء التونسي الذي كان أوفده إلى عرفات الرئيس التونسي زين الدين بن علي، وأطباء فرنسيين وعالمين. وعلم مراسلنا بأن اللجنة ستستجوب عددا من المسؤولين الفلسطينيين الذين كانوا محيطين بعرفات، وآخرين من الذين يمكن أن يمدوا اللجنة بمعلومات للكشف عن ما بات يعرف بلغز وفاة عرفات. و تبدي اللجنة المكلفة بالتحقيق جدية غير مسبوقة هذه المرة ، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقبلة في كانون الثاني (يناير) المقبل، وسعي النواب إلى إثبات جديتهم، والإشارة إلى أنهم انجزوا شيئا.

ومن المعروف أن نسبة كبيرة من النواب الحاليين سيعيدون ترشيح أنفسهم، ولن يجدوا أفضل من الكشف عن سر وفاة عرفات، أو على الأقل إثبات الجدية بالتحقيق به، كي يقدموا به أنفسهم للناخب الفلسطيني. وبسبب هذه الجدية استبق احمد قريع (أبو العلاء) رئيس الوزراء الفلسطيني، تحقيقات اللجنة، ونشر يوم أمس الأول الأربعاء، التقرير الطبي الخاص بوفاة عرفات على الرأي العام، بالإضافة إلى تقرير اللجنة التي شكلتها السلطة للبحث في سبب وفاة عرفات. وفاجئت خطوة قريع الرأي العام، ولكن حيثيات التقرير لم تحسم سبب وفاة عرفات، الذي أشار إلى أن اللجنة أنجزت المهمة التي كلفت بها وهي "دراسة ظروف وفاة الرئيس القائد".

ولم تجد ما تضيفه على التقرير الطبي الذي صدر عن مشفى بيرسي في باريس، الذي عولج فيه عرفات، بأن الوفاة نتجت عن نزيف دموي شديد في الدماغ، جاء لينهي حالة سريرية جمعت عدة متلازمات لم يكن بالإمكان تفسيرها في إطار علم تفسير الأمراض. وخلص التقرير الذي نشره أبو العلاء "إلى ضرورة إبقاء هذا الملف ذو الأهمية القصوى مفتوحاً حتى يتم التوصل إلى الحقيقة كاملة بما في ذلك التفسيرات اللازمة للجوانب الطبية المشار إليها في تقرير اللجنة وسيبقى هذا من حق الشعب الفلسطيني ومن حق وواجب السلطة الوطنية الفلسطينية".

لكن أهم ما حاز على انتباه المتابعين هو إشارة التقرير الطبي الفرنسي إلى أن دخول المرض إلى جسم عرفات عن طريق الجهاز الهضمي بعد تناوله وجبة العشاء بعدة ساعات يوم 12-10 2004. ومع ذلك خلا التقرير من نتائج تشريح جثمان عرفات لمعرفة السبب، وقال مصدر في اللجنة الخاصة التي شكلها المجلس التشريعي، بأن لدى هذه اللجنة اعتقاد بأن إخراج جثمان عرفات واخذ عينات منه لفحصه سيمكن من معرفة سبب الوفاة، كي يتم وضع النقاط على الحروف في هذا الملف الشائك والهام ووضع المواطن الفلسطيني والعربي أمام حقيقة موت عرفات. وكانت اللجنة التي شكلتها السلطة تجنبت التطرق إلى موضوع إخراج جثمان عرفات نظرا لحساسية الأمر، و الرفض المتوقع من قبل عائلته و رفاقه لمثل هذه الخطوة.

والسؤال المطروح بقوة هل ستنجح اللجنة الخاصة التي شكلها المجلس التشريعي، والتي تبدو جادة في الكشف عن سبب وفاة عرفات، لأسباب قوية مختلفة، في إخراج الجثمان ومعرفة السبب المحير لموت الرجل الذي احتل المشهد الفلسطيني طوال أربعين عاما أم أنها ستكتب في نهاية تقريرها نفس عبارات اللجنة التي شكلتها السلطة التي ختمت تقريرها ".. ولم يتمكن كادر الأطباء المختصين كل في مجاله من التوصل، إلى سبب أو مرض معروف يؤدي إلى الحالة السريرية، التي أدت بالنهاية إلى الوفاة. وقد يتمكن الطب أو الظروف الأخرى المحيطة من الكشف عن سبب حدوث مثل هذه الحالة السريرية في المستقبل".