تقرير ميليس: خوف شعبي والحريري يرغب بمحاكمة دولية

تقرير ميليس: تطمينات المسؤولين لا تلغي مخاوف اللبنانيين
سعد الحريري يرغب في محاكمة دولية لقتلة والده
السنيورة: لبنان "مستقلا سيدا حرا ليس عدوا" لسوريا

بيروت، القاهرة: اعرب زعيم الاكثرية النيابية في لبنان النائب سعد الحريري اليوم في القاهرة عن رغبته في المطالبة بـ"محاكمة دولية لقتلة" والده رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري، فيما يعيشاللبنانيون في اجواء من القلق يغذيها سيل من الشائعات مع اقتراب تسلم الامم المتحدة التقرير الدولي عن اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري مما اضطر الرئيس اميل لحود وقائد الجيش العماد ميشال سليمان الى طمأنتهم الى انه لن يكون للتقرير اي تداعيات امنية. من جانبه، اكد رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ان لبنان "سيدا مستقلا حرا" لن يكون "عدوا" لسوريا "وان مسألة سلاح حزب الله مرتبطة بـ"الحوار" اللبناني.

محاكمة دولية
وقال سعد الحريري الذي يقوم بزيارة الى مصر قبل التوجه الى المملكة العربية السعودية "طلبنا مساعدة الامم المتحدة" في التحقيق في اغتيال رفيق الحريري و"من المؤكد ان نطالب بمحاكمة دولية".وقد التقى الحريري الذي يتزعم تيار المستقبل والمقيم في باريس منذ بعض الوقت لاسباب امنية، الرئيس المصري حسني مبارك والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.

وتأتي هذه الزيارة قبل بضعة ايام من صدور تقرير لجنة التحقيق الدولية حول اغتيال رفيق الحريري في شباط/فبراير الماضي.وقال الحريري ايضا عقب لقائه عمرو موسى انه "يريد الحقيقة من وراء تقرير" لجنة التحقيق الدولية "ومعرفة من قتل الحريري".واضاف "نحن لا نريد توزيع الاتهامات لاي جهة قبل اعلان التقرير (..) ولا بد من معاقبة من ارتكب الجريمة". مؤكدا على وجوب المطالبة ب"العدالة والحقيقة" و"نعاقب الناس الذين قاموا بقتل رفيق الحريري".

والمح سعد الحريري الى ان هناك دولا لم يسمها تريد ان تأخذ قضية رفيق الحريري "كقميص عثمان" ويجب ان لا نسمح لها" بذلك.وقد اجرى الحريري اجتماعا استمر ساعتين مع الرئيس مبارك تمحور حول تطورات الوضع في لبنان والعلاقات بين بيروت ودمشق بعد اغتيال رفيق الحريري.وقال الحريري "دائما كانت مصر تقف الى جانب لبنان في جميع المراحل، خاصة المرحلة الحالية" مؤكدا "ان مصر كدولة تؤيد استقرار لبنان". وعن العلاقة مع دمشق اكد الحريري "نحن في لبنان نؤمن بعلاقة مميزة مع سوريا".

موسى .. الصبر
من جهته لم يشأ الامين العام للجامعة العربية استباق تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن اغتيال الحريري.واكد موسى "ان الجامعة العربية يهمها بالدرجة الاولى تحقيق الاستقرار في لبنان باعتبار لبنان دولة مؤسسة لجامعة الدول العربية".وقال "لا نريد الحديث عن التقرير الدولي في جريمة اغتيال الحريري قبل صدوره".وحول كيفية تعاطي حزب الله اللبناني مع نتائج تقرير لجنة التحقيق الدولية، قال سعد الحريري "ان حزب الله هو حزب لبناني ودائما هناك تخوف لدى الحزب من تسييس التقرير".واضاف "اذا كان التقرير واضحا وسنعرف من ارتكب الجريمة فان حزب الله سيتخذ الموقف الواضح (..) حزب الله حزب لبناني قاوم الاحتلال وسيكون له موقف واضح بعد ظهور التقرير".

السنيورة
وقال السنيورة في مقابلة تنشرها صحيفة "لو موند" الفرنسية في عددها مساء اليوم الاربعاء ان العلاقات بين سوريا ولبنان "ممتازة لان هذا من مصلحتنا ولان تاريخا طويلا يربط بين بلدينا".واضاف ان "على سوريا ان تدرك ان لبنان مستقلا سيدا حرا ليس عدوا بل عليه على العكس ان يخدم مصالحه الخاصة ومصالحها بشكل افضل".

وسئل عن نزع سلاح حزب الله الذي نص عليه قرار مجلس الامن رقم 1559 فقال السنيورة ان "بعض المسائل تتطلب حوارا وطنيا جديا ومنطقيا من اجل التوصل الى قناعات مشتركة".وقال "اننا نود حقا احترام القرارات الدولية لكننا نريد تجنب اي تسرع سيعقد المشكلات ويثير مشكلات جديدة"، مشيرا الى ان حزب الله "ليس مجرد مجموعة مقاتلين" بل "يمثل قسما مهما من اللبنانيين" وله نواب وممثلون في الحكومة.

وقام السنيورة هذا الاسبوع اخيرا بزيارة الى باريس استمرت يومين والتقى خلالها مسؤولين فرنسيين ومن الامم المتحدة قبل ايام قليلة من صدور قرار لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وتقرير آخر حول تطبيق القرار 1559.وتزامنت هذه الزيارة مع زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وقد التقى المسؤولان وبحثا وضع الفلسطينيين في لبنان وسلاح المخيمات الفلسطينية وفتح سفارة فلسطينية في بيروت.

لحود
ودعا الرئيس لحود اللبنانيين اليوم الاربعاء الى "عدم الاستسلام الى الشائعات" فيما استمرت التدابير الامنية المشددة وسط انتشار كثيف ظاهر للقوى الامنية في المناطق اللبنانية المختلفة،وقال لحود "لا داعي لحالة القلق والخوف التي يعيشها اللبنانيون"، مشيرا الى ان الدولة "ساهرة" بهدف "احباط اي محاولة تهدف الى احداث ارباكات على الساحة الداخلية".

اجراءات أمنية
وكانت الحكومة بدأت قبل اربعة ايام سلسلة اجراءات امنية وصفها وزير الداخلية حسن السبع بانها "شبه حالة طوارىء غير معلنة" الهدف منها منع اي محاولة لزعزعة الامن.وتشمل التدابير انتشارا واسعا لقوى الامن الداخلي والجيش اللبناني بالاضافة الى حواجز تفتيش امنية متنقلة. كما صدر امس الثلاثاء عن وزارة الدفاع قرار بتجميد مفعول رخص حمل السلاح على الاراضي اللبنانية كافة اعتبارا من منتصف ليل الاربعاء الخميس وحتى اشعار آخر.واكد قائد الجيش العماد ميشال سليمان اليوم من جهته ان "اولوية الجيش تبديد الهواجس وازالة القلق لدى اللبنانيين حول ما يتردد عن تداعيات لن تحصل نتيجة تقرير لجنة التحقيق الدولية".

شائعات تقلق اللبنانيين
ويحبس اللبنانيون انفاسهم في انتظار صدور التقرير ويتداولون في شائعات كثيرة حول احتمال حصول تطورات امنية وسياسية خطيرة بعد صدوره ما دفع وزير التربية والتعليم العالي خالد قباني الى الرد على بعض هذه الشائعات المتعلقة باحتمال اقفال المؤسسات العامة والمدارس الجمعة.وقال قباني ان الجمعة يوم عمل عادي، نافيا وجود عطلة. واشار الى ان "هناك تدابير استثنائية متخذة للتصدي لاي محاولة لتعكير الامن او للتعدي على سلامة المواطنين".واضاف "رغم المخاوف والهواجس التي تنتاب اللبنانيين وعلى رغم الشائعات التي تنتشر على المستويات كافة، اؤكد ان ذلك مجرد شائعات وان الامور ستسير في مجراها الطبيعي وان يوم الجمعة يوم عمل عادي".

ولكن رغم محاولات الطمأنة هذه، تستمر المخاوف ويسود القلق بين اللبنانيين الذين يتجنب العديد منهم التجول ليلا، بينما يتحدث بعض الاهالي عن عدم ارسال اطفالهم الى المدارس الجمعة.

وتقول ميرا (14 عاما) غير مصدقة كلام وزير الداخلية انها سمعت في المدرسة عن "منع للتجول" اعتبارا من ليل الخميس يستمر حتى السبت، مؤكدة انها لن تذهب على الارجح الى المدرسة الجمعة.في هذا الوقت، تبدو الحركة خفيفة نسبيا في العاصمة. وتشكو لينا (48 عاما)، صاحبة محل لبيع ملابس الاطفال، من قلة عدد الزبائن. وتقول "الحركة صفر. لا احد يشتري"، علما ان الناس اعتادوا الشراء في شهر رمضان وقبل عيد الفطر.وقالت ان "الذين يدخلون المتجر قليلون، وان دخلوا يقولون انهم في انتظار تقرير ميليس لشراء الملابس!".

وقال صاحب مطعم ايطالي في وسط بيروت حيث توزع الساهرون على طاولات متفرقة ان "الحركة خفيفة منذ الاول من رمضان لان العرب لم ياتوا، وكنا نعول على اللبنانيين. هذا الاسبوع اللبنانيون حتى لم يأتوا".

وتوقفت وسائل الاعلام اللبنانية عند سيل الشائعات ومنها ان تفجيرا امنيا سيحدث في البقاع يكون فلسطينيون اداته بعد صدور التقرير الدولي. وكتبت صحيفة "الديار" في عددها اليوم "تقرير ميليس ينذر بانفجار".ولعل اكثر ما يخشاه اللبنانيون التفجيرات المتنقلة التي شهدتها مناطق لبنانية عدة منذ اغتيال الحريري في شباط/فبراير واستهدفت ايضا اعلاميين وسياسيين.

وتقول ليليان (40 عاما) انها، نتيجة الخوف من هذه التفجيرات، تحاول مع عائلتها عدم الخروج لا سيما ليلا الى مناطق بعيدة عن مكان سكنها في جونية.وفي احد الشوارع في ضاحية بيروت الشرقية، مر موكب مسؤول مؤلف من سيارات مصفحة عدة، فسارع سائق احدى السيارات الى التوقف بعيدا الى جانب الطريق. ولما سئل عن السبب، قال "هذا اكثر امنا، ان كان من في داخل السيارة سيموت، فليتفجر وحده".

ومن المقرر ان يسلم القاضي الالماني ميليس الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الجمعة تقريره عن نتيجة عمل اللجنة. كما يسلم نسخة عن التقرير في اليوم نفسه الى السلطات اللبنانية.