اسامة مهدي من لندن : اقرت مفوضية الانتخابات العراقية بحصول تزوير في محافظة اربيل الشمالية واخطاء في محافظات اخرى خلال عملية الاستفتاء على الدستور الجديد التي جرت منتصف الشهر الماضي لكنها اكدت ان ذلك لم يؤثر على نتيجتها النهائية مؤكدة انها جرت في جميع أرجاء العراق وفقاً للمعايير الدولية فيما تواجه الانتخابات العراقية في الخارج مشاكل وعقبات نتيجة تدخل بعض الاحزاب .

وكشف الدكتور فريد ايار الخبير الاعلامي وعضو مجلس المفوضين في تصريح صحافي الى "ايلاف" اليوم ان المفوضية اعتمدت الطريقة المعروفة بأسم "الاغلاق والاغلاق المضاد" الداعية الى مضاعفة الرقابة على أي متغير يعتبر حاسماً لنجاح عملية ما اثناء الاستفتاء على الدستور انطلاقاً من ادراكها للاهمية العظمى التي تمتلكها مصداقية عملية التعبير الحر عن ارادة وسيادة شعب العراق في هذا الموضوع الحاسم المتمثل بقبول او رفض مسودة دستور جمهورية العراق. واشار الى انه وبموجب هذه الطريقة تم اخضاع البيانات لمجموعة من العمليات منها استخدام احدث تقنيات الادارة الخاصة بالتدقيق وكذلك اتخاذ اجراءات من اجل عزل اماكن الاقتراع التي وردت عنها تقارير تشير الى وجود ارقام اقبال عالية وعينات تصويت غير عادية تخص نسبة التصويت العالية بـ(نعم) او (لا).

واوضح انه نتيجة لعملية القياس هذه انتبهت المفوضية الى وجود اتجاهات في محافظات بابل والبصرة واربيل ينطبق عليها بعض تلك المعايير وعلاوة على المحافظات الثلاث تلك اضافت المفوضية محافظة نينوى نظراً الى ان النتائج الاولية اشارت الى وجود فارق بنحو 10% فقط بين نسبتي الـ(نعم) والـ(لا) من الاصوات الصحيحة برغم عدم ظهور عينات تشير الى وجود فروقات.

وصوت في الاستفتاء على الدستور الجديد 63% من العراقيين الذين يحق الاشتراك فيه والبالغ عددهم حوالي 15 مليون نسمة بينما اشارت النتائج النهائية الى موافقة 97% من المصوتين في محافظة اربيل مركز اقليم كردستان العراق على الدستور وموافقة 55% في محافظة نينوى ومركزها الموصل لكن اعتراضات واسعة ظهرت على هذه النتيجة مطلقة اتهامات بالتزوير الامر الذي دفع حوالي مائة محامي ومحامية من المحافظة برفع دعوي قضائية ضد المفوضية العليا للانتخابات يطالبون فيها بـ(ابطال الاستفتاء علي الدستور بسبب خروقات عدة جرت علي عملية الاستفتاء في المحافظة) وفـقاً للمحامين الذين شكلوا لجنة ضمت عشرة محامين لمتابعة الدعوي التي أقاموها في محكمة بداءة الموصل . وكان معارضو الدستور يعولون على محافظة نينوى لرفض الدستور اسوة بمحافظتي الانبار وصلاح الدين اللتين رفضتاه الامر الذي كان سيسقطه لو رفضته نينوى كذلك حيث ان قانون ادارة الدولة ينص على رفض الدستور اذا عارضته ثلاث من بين 18 محافظة عراقية .

واوضح الدكتور ايار ان المفوضية كانت قد وضعت خطة لتحليل اتجاهات وعينات التصويت في مختلف ارجاء البلاد باستخدام معلومات غير رسمية اولية قامت بارسالها مكاتب المفوضية في المحافظات عن طريق الهاتف وهذه الطريقة ضرورية لكشف الحالات المريبة وغير العادية عندما تكون عملية الاقتراع جارية وايضاً لتفعيل الاجراءات الاخرى الخاصة بمراقبة المعلومات عند ظهور نماذج غير معتادة او غير متجانسة وللأسف فأن طريقة ايصال المعلومات الاولية هذه والتي صُممت خصيصاً كأداة داخلية لمراقبة اجراء الاستفتاء وجدت طريقها الى اجهزة الاعلام مما سبب بعض الارتباك والتكهنات.

وقال ان المفوضية اتخذت فى 19 تشرين الأول (اكتوبر) 2005 قراراً بإجراء سلسلة فحوصات في تلك المحافظات تلاها في الفترة ما بين 20 و 24 تشرين الأول 2005 قيام فرق مشتركة من خبراء الامم المتحدة والمفوضية بالانتقال ميدانيا الى المحافظات الأربع المذكورة في مهمة تقنية خاصة وهي تدقيق المواد الإنتخابية الحساسة فيها، علماً بأن هذه الخطوة تمت رغم عدم ورود اية شكاوى رسمية بهذا الشأن. واشار الى ان ان الفرق الميدانية المشتركة التزمت بمجموعة من الإجراءات منها قيام الفريق الميداني المشترك بجرد مراكز ومحطات الإقتراع للتأكد من تطابق العدد الفعلي لمواقع الاقتراع مع الإحصاءات النهائية الموجودة لدي المفوضية، حيث ضمنت هذه العملية فحصا كاملا بالعين المجردة (عن طريق النظر) للمواد الإنتخابية للتأكد من عدم تعرضها للعبث أو المساس، وفتح مراكز ومحطات إقتراع تم تحديدها في قائمة اعدتها المفوضية عن بابل والبصرة واربيل بالإضافة إلى عينة عشوائية منها في نينوى وذلك من اجل تدقيق المواد الإنتخابية الخاصة بها بشكل كامل بما في ذلك الفحص التام لاوراق الإقتراع التي تم إلادلاء بها فعلا وإعادة إحصائها.

واوضح الدكتور ايار ان التقارير اللاحقة افادت أنه ما عدا أخطاء إجرائية وحالات إشتباه بتصويت عائلي، لم تظهر عمليات اعادة الإقتراع والعد في محافظات بابل والبصرة اية خروقات. اما الفريق الميداني المشترك في اربيل فقد تمكن من تدقيق العدد المحدد لمحطات الإقتراع مع العدد الفعلي. ومع ذلك ظهر في مراكز إقتراع مستهدفة، بعد ان تم عزلها بواسطه عملية القياس والفحوصات، دليل قوي يشير إلي حدوث محاولة منتظمة لزيادة عدد الإصوات بـ (نعم) في هذه المراكز. وبالفعل، فمن خلال مرجعة كاملة لعمليات عد الأصوات في 6 مراكز إقتراع منها تمكنت المفوضية من التأكد من وجود مؤشرات تفيد بأن اعداد الأصوات بـ (نعم) قد تمت زيادتها بحوالي 10 % في تلك المراكز فقط. كما تم التأكد من أن معدل الخطأ المكتشف لن يؤثر على النتيجة النهائية للإستفتاء في محافظة اربيل.

وبالنسبة لمحافظة نينوى اشار الى قيام الفريق الميداني المشترك من خبراء الامم المتحدة والمفوضية باجراء جرد كامل لمحطات الإقتراع هناك للتيقن من عدم إمكانية وجود مراكز وهمية (مواقع تصويت غير موجودة)، حيث تم أخذ عينة من محطات الإقتراع للتدقيق والمراجعة الكاملة لعملية العد، وافادت تقارير المفوضية بأنه، وما عدا أخطاء مرتبطه بالأجراءات وهي مماثلة لتلك التي وجدت في بابل والبصرة، لم يتم العثور على خروقات منتظمة. ومع ذلك ونتيجة لجرد وتدقيق المواد المخزونة أفاد تقرير المفوضية أنه تم فرز محاولة واحدة للغش في الإستفتاء عن طريق ما يبدو أنه مركز إقتراع إضافي. وبعد فحص وتدقيق المواد الأنتخابية الموجودة في الموقع ومن خلال مطابقة الأرقام المتسلسلة لأوراق الإقتراع التي تمت سرقتها تستطيع المفوضية التأكيد بأنه لم يتم إدخال أوراق إقتراع من هذا الموقع ضمن عملية العد. واضاف انه ومن خلال التطبيق الدقيق لسلسلة واسعة من عمليات الفحص والقياس والمقارنة المترابطة تمكنت المفوضية من عزل وتدقيق أية حالات تشير أو تدل على خروقات وهذا ما جعلها واثقة من أن عملية الإستفتاء في جميع أرجاء العراق تم إجراؤها وفقاً للمعايير الدولية مما يعكس الالتزام العميق بالديمقراطية.

وقال الدكتور ايار انه في الوقت الذي رفضت المفوضية المحاولات المنتظمة بوضوح لزيادة عدد الاصوات بـ (نعم) في أربيل ورفضت المحاولة المنعزلة لإنشاء مراكز وهمية في نينوى فأن هذه المحاولات لم تقلل من الاجراء الناجح لعملية الإستفتاء، ولم تؤثر على النتيجة النهائية في هذه المحافظات واشار الى انه في كل الاحوال فان متابعة المفوضية لعمليات التدقيق الميدانية هدفت ايضا الى الإستفادة من دروس التجربة السابقة من أجل منع تكرار امثال هذه المحاولات التي تهدف الى الغش في العملية الديمقراطية.
واوضح الدكتور ايار ان الطريقة المتبعة في عمليات التدقيق المتبعة في الامم المتحدة تقوم على ان أيَّةَ محافظةٍ يكون فيها الفرق بين "نعم" و "لا" بحدود + أو- (10%) فسيتمّ فحصُها وتكون خاضعةً للتّدقيق، وبما أنَّ النّتائج الأوَّليّة في نينوى اظهرت أنَّ (45%) من النَّاخبين قدْ صوَّتوا لصالح مشروع الدّستور و (55%) ضدَّه فإنَّ نينوى تقع بصورةٍ واضحةٍ داخلَ الفئة الموصوفة.

وذكر ان هناك عوامل أخرى تمّ أخذُها بعين الاعتبار في اختيار محافظة نينوى لإعادة التّدقيق؛ منها النّظرُ في الطّعونِ الواردةِ منها في انتخابات كانون الأوَّل، والمشكلات الّتي واجهها النّاسُ خلال فترة عمليّة تحديث سجلّ النّاخبين الّتي سبقت الاستفتاء، واحاديث التّزوير الّتي أثارها قادةُ سّياسيّون في ذلك المجتمع عبرَ وسائل الإعلام. والتي لم تُتَرجمْ إلى شكاوى رسميّة مكتوبةٍ، لأنّها لو قدِّمتْ بهذا الشَّكلِ لأدَّتْ إلى إجراء التّحقيق فيها في إطار الطّريقة المعمول بها في النَّظر في الشّكاوي والطّعون. و لكن مع ذلك فقدْ اتّخذت المفوّضيّة الموقفَ بأنَّه في حال كون نتائج الاستفتاء، وبالتَّالي مصداقيّة العمليّة برمَّتها، تتوقّف على قبول نتائج التّصويت في نينوى كتعبير صادق عن إرادة المواطنين في تلك المحافظة فإنه ينبغي التدقيق في تلك النتيجة حتى لا يبقى هناك أي شك في صحتها.

ومن جهة اخرى تواجه انتخابات العراقيين خارج بلدهم مشكلات عدة نتيجة تدخلات الاحزاب السياسية وخاصة الدينية .
وعلمت "ايلاف" ان هذه الاحزاب وخاصة المشتركة في الحكومة الحالية والتي تستمد نفوذها من ذلك تحاول فرض مدراء للمراكز الانتخاببية التي ستفتح في 15 دولة اضافة الى ان الامم المتحدة لم تعظي موافقتها على اجراء هذه الانتخابات نظرا لضيف الفترة التي تفصل عن موعدها في منتصف الشهر المقبل . ومن المنتظر ان يصل الى لندن عضو في المفوضية لتعيين مديرا للمراكز الانتخابية العشرة التي ستفتتح فيها خاصة وان في بريطانيا اكبر جالية عراقية في العالم يبلغ تعدادها حوالي ربع مليون عراقي مقيم . وكان اجتماع عقده ممثلو القوائم الانتخابية في لندن ليلة امس شهد اعتراضات على مندوب قال ان مفوضية الانتخابات قد عينته للاشراف على انتخابات العراقيين في بريطانيا وذلك حين اعترض عدد من هؤلاء عليه لانحيازه الى احد الائتلافات المشاركة بحسب قولهم رافضين التعاون معه الامر الذي استدعى ارسال ممثل عن المفوضية من بغداد سيصل الى لندن خلال الايام الثلاثة المقبلة .

وكان مجلس المفوضية العليا للانتخابات العراقية قد حدد الاسبوع الماضي 15 دولة ستجري فيها انتخابات العراقيين الموجودين في الخارج وهي : الاردن، ايران، سوريا، لبنان، كندا، النمسا، استراليا، المانيا، تركيا، الولايات المتحدة، السويد، الدنمارك، بريطانيا، هولندا والامارات العربية مشيرة الى ان عدد مراكز الاقتراع في الاردن سيكون (12) مركزاً بواقع 80 محطة اقتراع منتشرة في العاصمة عمان فقط، اما في ايران فسيكون هناك (16) مركز اقتراع بواقع 81 محطة تنتشر في مدن طهران، قم، اهواز ومشهد، وفي سوريا سيكون هناك (10) مراكز اقتراع بواقع 40 محطة في دمشق فقط، وفي لبنان سيكون هناك (5) مراكز اقتراع بواقع 20 محطة في بيروت فقط، وفي كندا سيكون هناك (مركز) واحد بواقع 6 محطات في اوتاوه فقط وبمقر السفارة العراقية نظراً لعدم موافقة الحكومة الكندية على تنظيم اي انتخابات اجنبية على ارضها، وفي النمسا سيكون هناك (مركزان) بواقع 9 محطات في فيينا فقط، وفي استراليا سيكون فيها (11) مركزاً بواقع 40 محطة في مدينتي سيدني ومالبورن، اما في المانيا فسيكون هناك (8) مراكز اقتراع بواقع 40 محطة اقتراع تنتشر في برلين، ميونيخ، كولون ومانهايم، وفي تركيا سيكون هناك (7) مراكز اقتراع بواقع 24 محطة في مدينتي اسطنبول وانقرة، وفي الولايات المتحدة الامريكية. سيكون هناك (10) مراكز بواقع 50 محطة اقتراع منتشرة في واشنطن، ديترويت، شيكاغو، سان دييغو وناشفيل وفي السويد سيكون هناك (8) مراكز اقتراع بواقع 40 محطة في مدينتي ستوكهولم وغوتنبرغ وفي الدنمارك سيكون هناك (3) مراكز اقتراع بواقع 17 محطة في كوبنهاغن، وفي بريطانيا سيكون هناك (10) مراكز اقتراع بواقع 50 محطة في لندن ومانجستر، وفي هولندا سيكون هناك (6) مراكز بواقع 24 محطة في مدينتي امستردام وروتردام وفي ابوظبي سيكون عدد المراكز (5) بواقع 25 محطة اقتراع في مدينتي دبي وابوظبي. واوضح الدكتور ايار ان الامكانات والوقت المتاح دفعا مجلس المفوضين الى حصر الانتخابات في الدول الـ 15 وهي بحد ذاتها مهمة كبيرة جداً وان احد اهم التسهيلات التي اقرها مجلس المفوضين هو جعل التسجيل والانتخاب في يوم واحد ليتسنى لاكبر عدد ممكن من الناخبين التسجيل والاقتراع لانتخاب مجلس النواب الجديد الذي سيستمر اربع سنوات.
وبذلك سيبلغ عدد المدن التي سيحصل فيها الاقتراع في العالم (33) مدينة بواقع 109 مراكز اقتراع و521 محطة تتفرع من تلك المراكز حيث ستذهب اصوات الخارج الى المقاعد الـ 45 التعويضية والوطنية