نصر المجالي من لندن: يستعد وزير الخارجية السوري المخضرم المحسوب على جناح الصقور في حزب البعث والدولة السورية لتولي منصب نائب رئيس الجمهورية خلفا لعبد الحليم خدام الذي تخلى عن هذا المنصب في أول اجتماع للجنة السياسية لحزب البعث الحاكم، حيث أنيطت رئاسة اللجنة للشرع بدلا لخدام. ويبدو أنه ليس نائب الرئيس المتنحي وجه انتقادات حادة لخليفته في وزارة الخارجية العام 1984 أو لخليفته في منصب النائب، بل إن الشرع جوبه بانتقادات كبيرة وحادة خلال اجتماعات المؤتمر القطري العاشر للحزب التي انتهت اليوم.
وحمل المتحدثون، وزير الخارجية المولود العام 1938 في مدينة درعا الجنوبية على الحدود مع الأردن، مسؤولية فشل السياسة الخارجية السورية لجهة العلاقات التي انهارت إلى درجة الصفر مع الولايات المتحدة، وخصوصا لإصراره لوقت طويل على إقناع القيادة السورية بأن أعضاء مجلس الأمن الدولي لن يتبنوا القرار الرقم 1559 الذي أدى في نهاية المطاف إلى طرد القوات السورية من بعد اعتلال دام 30 عاما للأراضي اللبنانية من دون ثمن مشرف يحفظ ماء الوجه لهيبة الدولة السورية، بالمقابل كان الوزير الشرع يردد أمام وسائل الإعلام المحلية والعالمية بأن القرار الدولي "تافها".
وظلت سورية تراهن على مقايضة انسحابها من لبنان بتسوية مع إسرائيل في شأن هضبة الجولان التي احتلت في حرب الأيام الستة التي هزم فيها جيش الدفاع الإسرائيلي جيوش ثلاث دول عربية هي مصر والأردن فضلا عن سورية، التي تتهم بأن سحبت جيشها من دون قتال.
كما يؤخذ على الشرع انضمامه على جناح المتشددين في سورية ممن يرفضون تقديم أية تنازلات للإدارة الأميركية بعد تزايد الضغوط الأميركية على دمشق، إثر سقوط نظام حكم حزب البعث في العراق في إبريل 2003 ، ومطالبة واشنطن لدمشق بعدم استقبال رموز النظام العراقي السابق ولجم المسلحين والمنظمات الإرهابية التي تتخذ من سورية قواعد لها بعد عبور الحدود نحو العراق..
واتخذ وزير الخارجية الحاصل على إجازة في الأدب الإنجليزي من جامعة دمشق عام 1963، والقانون الدولي من جامعة لندن في بريطانيا عام 1971الشرع موقفا حادا من التدخل الأميركي في العراق ولبنانن وامتاز بتصريحاته النارية حيث وصف إدارة بوش بأنها "أغبى وأعنف إدارة في التاريخ الأميركي". كما وصف غزو العراق "بالسطو المسلح"، وهذه التصريحات قادته إلى مصادمات شرسة مع السفيرة الأميركية الشرسة مارغريت سكوبي التي سحبتها واشنطن بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري ولم تعد إلى عملها إلى الآن.
يشار إلى أن فاروق الشرع كلفه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بالتفاوض في مباحثات السلام السورية الإسرائيلية التي أجريت في يناير (كانون الثاني) عام 2000 في شبردتاون الأميركية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في تلك الفترة إيهود باراك، ثم رافق الشرع الرئيس الأسد في قمة جنيف التي التقى فيها بالرئيس الأميركي بيل كلينتون في مارس (آذار) من العام نفسه، ولكن كلا المهمتين باءتا بفشل ذريع.
وعندما انهارت المباحثات، ذكر الشرع أن سورية لن تعود إلى طاولة الحوار مع الولايات المتحدة ما لم تنسحب إسرائيل من مرتفعات الجولان، ولمواقفه وتصريحاته الكلامية المتشددة لم ترحمه الولايات المتحدة التي حملته مسؤولية الدعاية السياسية المؤيدة لنظام صدام حسين، التي اتخذتها سورية أثناء غزو العراق عام 2003 .
ومن المعروف عن الشرع أنه دافع عن سياسة سورية التي تمثلت في دعم إيران خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980 حتى 1988 )، ولكنه سعى لتذويب الجليد الذي شهدته العلاقات مع العراق في فترة التسعينات، وذلك طرد القوات العراقية الغازية من الكويت في الحرب الدولية التي قادتها الولايات المتحدة وشاركت فيها سورية بقوات رمزية.
وأخيرا، فإن الشرع الذي تقلب في مناصب دبلوماسية عديدة سعى من دون تحقيق نجاحات على تغيير صورة سورية من عدو للغرب منذ الحرب الباردة إلى دولة عملية مهتمة بالسلام والتكامل مع المجتمع الدولي. يذكر أن من المناصب التي تقلدها كان سفير بلاده لدى إيطاليا عام 1976، ثم وزيراً للدولة للشؤون الخارجية من عام 1980 حتى 1984، وفي فترة عمله وزيرا للشؤون الخارجية تسلم منصب وزير العدل، ووزير الإعلام بالوكالة عدة مرات، ثم عين وزيرا للخارجية في 11 مارس (آذار) عام 1984.
التعليقات