مراد عباس من الجزائر: إعتبر الشيخ عباسي مدني زعيم الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة في اول تعليق له على مضمون مشروع ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المقترح للاستفتاء العام في الجزائر نهاية الشهر الجاري أن "في المسألة غالب و مغلوب" ووصف ذلك "بأسلوب عدائي من شأنه ان يكرس للأحقاد المولدة للعنف لا يليق بمصالحة وطنية على أساس التراضي المشروع".

واوضح عباسي مدني من منفاه الاختياري بالعاصمة القطرية الدوحة في رده على اسئلة إيلاف بالجزائر، ان الدعوة إلى المصالحة الوطنية هو اعتراف بوجود نزاع يجب حله، مشيرًا الى ان عملية اقصاء حزبه في معالجة الازمة الجزائرية معناه عدم وجود إرادة لحل للمشكلة المزمنة، وتجريد المصالحة الوطنية من كافة مبرراتها.

وحذر عباسي الذي قضى نحو 12 سنة في معتقل عسكري، قبل ان يحول عام 1997 الى اقامة جبرية، من أن يحدث الميثاق شرخا كبيرا في المجتمع الجزائري، مهددا بذلك كما قال مكسب وحدة الشعب والوحدة الترابية، وهو من أهم مكاسب ثورة التحرير الجزائرية، ليبقى الإشكال حسبه ممعنا في التعقيد والتعفن مما يفضي حتما إلى توسيع وتعميق الهوة بين الشعب والسلطة في حين كان العفو الشامل من أقوى عوامل أواصرالأخوة في المجتمع الجزائري الضامن لوحدة الشعب، واستغرب في رده على اسئلة ايلاف تراجع الرئيس بوتفليقة عن مشروع العفو الشامل، مقتصرا على عمليات اجرائية فقط.

واوضح مدني انه نادى الشعب الجزائري لمساندة الرئيس بوتفليقة، الذي انتخب لولاية ثانية في ابريل/نيسان العام 2004 لتحقيق المصالحة الوطنية، وذلك وفق شروط محددة، بان تكون المصالحة الوطنية حقيقية لا شكلية، و أن تكون حلا جذريا لا حلا جزئيا وحتى تكون عادلة لا ظالمة.

وبخصوص تحميل الجبهة الاسلامية للانقاذ مسؤولية الازمة وحدها كما ورد في خطابات الرئيس الجزائري خلال تنشيطه حملات شرح مضمون الميثاق، قال مدني ان الازمة السياسية التي عصفت بالجزائر اثر توقيف المسار الانتخابي في البلاد في كانون الثاني /يناير 1992 ان هذه الإشكالية السياسية وجدت قبل الجبهة الإسلامية، وجودا يؤكد عدم ارتباطها بها بقدر ما هي مرتبطة بالنظام وسلطته، ودعا مدني الذي فاز حزبه باغلبية مقاعد البرلمان صراحة الى تغيير النظام وسلطته.

ودافع مدني عن حقه في ممارسة السياسة والعودة بحزب سياسي، اثر تهديد الرئيس بوتفليقة قادة الانقاذ من ممارسة السياسة على خلفية مسؤوليتهم في الازمة بقوله :" لقد قالوا قديما ضربتني بدائها وانسلت !ألم نكن محرومين من ممارسة السياسة منذ 14سنة ؟ماذا فعلت السلطة في غيابنا ؟ألم تروا كيف كانت نتيجة إقصائنا؟".

وفند عباسي مدني بشكل قاطع وقوع اي اتصال بينه وبين الرئيس الاسبق احمد بن بلة بوصفه رئيس لجنة العفو الشامل والتي اشرفت على تحضير مسودة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، بخصوص استشارته حول مضمون هذا الميثاق حيث اوضح مدني بقوله :" لم أقم لحد الساعة بأي اتصال مع أخي أحمد بن بلة الذي أكن له الاحترام والتقدير اللذين هو جدير بهما ،و الذي يربطني به فضلا عن أخوة الإسلام روابط الدفاع عن الوطن وسيادته من قبل ومن بعد في مراحل متعددة من كفاح الشعب الجزائري المسلم الأبي".

واعلن عباسي استعداده التام في المساهمة في حل الازمة ذلك أن السفينة الغارقة كما قال بحاجة إلى جهود كل طاقمها وربانها حيث لا يعقل التخلي من أحد ولا يسمح الاتكال على قائدها فقط ،لأن النجاة هو نجاة الجميع ،والهلاك هو هلاك الجميع ،فإنه بات لزاما على الجميع يواصل عباسي مدني التعاون والتكامل شعبا وقيادة على اختلاف آرائنا وأطيافنا بالوقوف صفا واحدا لتحقيق هدف واحد وهو إيصال الجزائر إلى شاطئ الأمان والسلام.

ويسود الجزائر هذه الايام جدل واسع بين مختلف اطراف الطبقة السياسية حول جدوى نص مشروع ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لوضع حد نهائي للازمة الجزائرية، الذي تقدم به الرئيس بوتفليقة الى الجزائريين للاستفتاء العام في التاسع والعشرون ايلول/سبتمبر الجاري.