بهية مارديني من دمشق: نجح نائب الرئيس السوري المنشق عبد الحليم خدام في تصريحاته الى قناة quot;العربيةquot; في احراج النظام الذي خرج عليه رغم انه كان اهم رموزه. ولاشك انه يجلس اليوم وهو يراقب القنوات الفضائية والصحف العالمية ووسائل الاعلام بشيء من السعادة لأنه احرج رأس النظام في سورية وألد اعدائه فيه وزير الخارجية السوري فاروق الشرع .
فلجنة التحقيق الدولية لم تنتظر كثيرا بعد مقابلة خدام لتتحرك باتجه طلب مقابلة الرئيس بشار الاسد والوزير الشرع، حتى ان البعض لم يستبعد ان يكون ان نائب الرئيس السابق قد نسق معها قبيل الادلاء بحديثه التلفزيوني
وما يحرج ان الطلب جاء عبر وسائل الاعلام وهو تحرك مشبوه لأنه يهدف الى اظهار النظام على انه ضعيف وعلى وشك الانهيار عرضة للمساءلة، الامر الذي قد يستفز السوريين ويدفعهم الى رفض طلب لجنة التحقيق الدولية .
وبالتاكيد فإن الطلب ليس جديدا، فقد رفض السوريون طلبا سابقا تقدم به القاضي الالماني ديتليف ميليس للقاء الرئيس السوري باعتباره رمزا للدولة ، لكن ان يعود ميليس نفسه لتقديم الطلب مجددا عبر وسائل الاعلام، فإن الامر يعزز الاعتقاد بان القاضي الالماني لاينوي ترك مهامه لخليفته البلجيكي قبل محاولة النيل من اهم سلطة في سورية، خصوصا بعد ان ناله ما ناله منهم من تشكيك وصل احيانا الى حد الشتائم، وهو ما يبدو انه لم يغفره او ينساه لقادة دمشق .
البعض يقول ان لا جديد في كلام خدام، فقد ورد تقريبا حرفيا في تقرير ميليس، وبالتالي فقد عرف مصدر الثقة التي كان تعول عليها لجنة التحقيق ، فأمام ميليس الان شاهد بمستوى نائب رئيس الدولة السورية، ولا ريب انه يقول في قرارة نفسه بأنه لن يكون اكثر سورية منه، فاذا كان هو (أي خدام) يعتقد بتورط السوريين في اغتيال الحريري ويقدم ادلة على ذلك فهل ساقول له انك تكذب .
الخيارات ضاقت الى حد ما امام دمشق ،وربما لن يكون امامها في النهاية سوى الخضوع في لطلب اللجنة، ولا شك ان المرونة مطلوبة في هذه الفترة مطلوبة لا سيما تجاه قرارات دولية لا يمكن تجاهلها ، رغم ان هناك من يرى في دمشق ان خدام قد يكون قدّم من حيث لايدري اثمن هدية ممكنة لنظام الرئيس بشار الاسد الذي انشق عليه .
فالاسد يستطيع اليوم ان يطيح بمن يشاء من المسؤولين السوريين بتهمة quot;الخدامية quot;كما انه يستطيع ان يقدم على أي اجراء داخلي وان يضرب بيد من حديد بما لايدع مجالا للنقاش ، وهنا يمكن العودة الى اجواء بداية العام 2000 ودعوة المعارضة من جديد لتصويب اخطاء الحكم وصياغة مشروع انقاذي يكون بمثابة عهد جديد لسورية، رغم ان كثيرين يشككون في مثل هذا الامر، اما غير ذلك فان الخيارات باتت صعبة جدا ومن المحتمل ان المعارك السياسية قد تتطور الى ماهو اخطر من ذلك بكثير .
التعليقات