أسامة العيسة من بيت لحم : تمنى الأسير الفلسطيني سائد حسان، المحتجز في سجن النقب الإسرائيلي أن يقابل، شقيقه ثائر، بعد أن يخرج من السجن، ولكنه لن يقدر له أن يلقاه حتى، ولو جثة هامدة، بعد أن قتلته قوات إسرائيلية خاصة فجر اليوم. وخاطب سائد من سجنه وعبر الهاتف، جمهور من الفلسطينيين تجمعوا في ساحة المهد بمدينة بيت لحم، حول جثمان شقيقه ثائر، بعبارات مؤثرة، أبكتهم.

وكان ثائر قتل فجر اليوم، بعد اكثر من 24 ساعة، من تطويق قوات كبيرة من جيش الاحتلال منزل تحصن به، ورفض تسليم نفسه، مفضلا الموت مثلما يفعل عادة كوادر الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي التي ينتمي إليها ثائر. واصبح ثائر مطاردا للقوات الإسرائيلية منذ بداية انتفاضة الأقصى، قبل ستة أعوام، وخلال هذه الفترة، لم تتمكن قوات الاحتلال من القبض عليه أو اغتياله، وسبق أن هدمت منزله، واعتقلت أفراد من عائلته للضغط عليه لتسليم نفسه، ولكنه واصل المقاومة وتنفيذ عمليات ضد جيش الاحتلال. وتقدر أوساط فلسطينية، بان عملاء للاحتلال رصدوا عودة ثائر إلى منزله، مما جعل قوات الاحتلال تبدأ بعملية عسكرية كبيرة، فجر يوم أمس، للقبض عليه.

وقتل خلال العملية، طفل فلسطيني وهو يرشق قوات الاحتلال بالحجارة، واصيب عددا من الفلسطينيين، من بينهم جريح أصيب بعيار ناري اخترق بطنه وخرج من صدره، وبعد فترة وجيزة من إجراء عملية جراحية له في مستشفى بيت جالا الحكومي، اقتحمت قوة خاصة المستشفى، واعتقلت الجريح. وحمل فلسطينيون صباح اليوم، جثمان ثائر، الذي اخترقت جسده عشرات الطلقات، من بين بقايا المنزل المهدم، وساروا به إلى ساحة المهد بالمدينة بين كنيسة المهد ومسجد عمر بن الخطاب، لإلقاء النظرة الأخيرة عليه قبل مواراته الثرى.

وتكرر هذه المشهد مرات لا يمكن حصرها خلال انتفاضة الأقصى، ولكن مع كل موت من هذا النوع، تطرح على الاجندة الفلسطينية، مواضيعا لم تحسم بعد. وقال خالد طافش النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، بأنه لا شك انه يوجد عملاء للاحتلال يعملون في الأراضي الفلسطينية دون أن يحاسبهم أحد. وأضاف طافش الذي انتخب لعضوية المجلس وهو داخل السجون الإسرائيلية التي أمضى فيها أربع سنوات quot;نحن أمام حالة مطارد، يعود إلى منزله، فترصده أعين العملاء، ويتم اغتياله بدم باردquot;. ووجه طافش نقدا حادا للأجهزة الأمنية الفلسطينية واتهمها بالتقصير وعدم العمل على ملاحقة العملاء ومحاسبتهم ووضع حد لهم.

وقال طافش بان quot;الاحتلال الإسرائيلي يرتكب ابشع الجرائم، ويتلقى الدعم من أميركا، التي تؤازر احتلالا يقتل طفلا يدافع عن نفسه أمام الجرافات التي تقتلع الأشجار وتخرب المزارع وتهدم المنازل، وتقتل المقاومينquot;. واشار طافش بان quot;الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل أن يعيش تحت الاحتلال، وان الأحرار سيواصلون المقاومة حتى زوال الاحتلالquot;. واعتبر عيسى قراقع النائب عن حركة فتح، أن إضعاف الأجهزة الأمنية الفلسطينية هو من مصلحة الاحتلال الإسرائيلي فقط، وانه لا بد من تقوية هذه الأجهزة للقيام بدورها.

وتوجه انتقادات للأجهزة الأمنية الفلسطينية تصل حد الاتهامات من قبل الفلسطينيين الغاضبين، خصوصا عندما تشن سلطات الاحتلال عمليات عسكرية واغتيال واعتقال، بينما تقف أجهزة السلطة عاجزة عن حماية شعبها. ويظهر السلاح بكثافة في النزاعات الداخلية، وفي الاستعراضات الفصائلية وحتى الأعراس، بينما يختفي عندما تحين لحظات المواجهة مع جنود الاحتلال.

وفي مثل هذه الحالات، تلقى الخطابات التي تدعوا للمقاومة صدى لدى الفلسطينيين، مثلما هو الحال مع ما حدث اليوم مع الشهيد ثائر حسان، عندما خاطبه شقيقه سائد من داخل السجن quot;آه يا افضل الناس، يا أهلنا يا إخواننا ماذا يعني أن نستشهد في هذا الزمان وهذا المكان، هذا الزمان الأميركي والإسرائيلي الذي يعيث فسادا واستكبارا، ويوغل في دماء امتنا، والمكان حدود هذا الوطن المسمى فلسطين، ارض الشهداء والأنبياء، هذا يعني أننا لن نتراجع، وأننا لن ننهزم..وسنواصل المقاومةquot;. وردد الجمهور المتجمع حول جثمان شاب فلسطيني أسجي في ساحة فلسطينية، في مدينة محاصرة، عبارات تدعوا للمقاومة.