عادل درويش من لندن : اتهم أحمد اوف روثرهام حكومته العمالية بمعاملة مسلمي بريطانيا وكأنهم quot;رعايا مستعمرةquot; وليسوا مواطنين متساويي الحقوق مع غيرهم من رعايا التاج البريطاني، مطالبا بتعديل قوانين الاساءة العنصرية واهانات الدين، في أعقاب تبرأة المحلفين لساحة زعيم حزب يميني عنصري أحيل للمحاكمة بعد ان وصف الاسلام بانه ديانة شريرة تحث على الكراهية والعنف.

وكان اللورد نظير احمد، وهو احد اثنين من المسلمين في مجلس اللوردات في برلمان وستمنستر، يتحدث لبرنامج Sunday quot; الأحدquot;، البرنامج الديني الأسبوعي الذي يبث مابين السابعة والثامنة صباحا كل احد بتوقيت غرينيتش، معلقا على تبرأة المحلفين يوم الجمعة لساحة نيقولاس جريفين وزميل له من تهمة quot; تعمد اثارة الشغب باطلاق تصريحات او افعال تحرض على الكراهية وتؤدي الى احتكاكات عنصرية.quot;

وقال اللورد احمد ان البلاد في حاجة الى تعديل قوانين العنصرية والأمن العام واثارة الشغب لحماية المسلمين ومعتقداتهم من الكراهية والاعتداءات، وانه قد حان الوقت لان تعامل الحكومة المسلمين بمساواة مثل بقية المواطنين وليس كأنهم رعايا مستعمرة بعيدة لايتمتعون بنفس الحقوق.

وكانت حكومة توني بلير العمالية، مستغلة اغلبيتها البرلمانية لتعديل قوانين الأمن العام بحيث يمكن ادانة شخص على أقوال وليس أفعال، اذا ما تمكن مكتب الادعاء العام من اثبات انه يسعى الى التحريض على الشغب والكراهية وانه يدلي بتصريحات او تعبيرات تمجد وتدعم الارهاب وتحث عليه، وان في نيته اثارة الكراهية مما يؤدي الى صدامات وشغب. والقانون سيدخل حيز التطبيق ابتداء من اول شباط (فبراير) القادم.
ويرى اللورد احمد ان ذلك لايكفي، واتهم حكومته بانها ستستخدم القانون لاخراس منتقدي سياستها وليس لحماية الأقلية المسلمة، والتي تمثل حوالي اثنين في المئة من البريطانيين.
لكن هذا القانون يلقي معارضة شديدة من المحامين وجمعيات حقوق الانسان ومؤسسات الحرية المدنية وحزبي المحافظين الأحرار المعارضين لما فيه تضييق على الحريات وخاصة حرية التعبير.
ومن المتوقع ان يتعرض اللورد احمد لانتقادات المجموعات نفسها، والتي اتهمت حكومة بلير بمحاولة استغلال الحرب على الارهاب للتضييق على الحريات واهمها حرية التعبير.
وليس اللورد احمد وحده الذي يطالب بتغيير قوانين التحريض على الكراهية العنصرية، فقد سبقه الى ذلك كل من وزير المالية جوردون براون، الذي يتوقع ان يخلف رئيس الوزراء توني بلير في زعامة الحزب الصيف القادم، واللورد فوكنور، اللورد تشانصلور المسؤول عن القوانين التنظيمية للمملكة، حيث اعرب الأثنان، في حديثين منفصلين للصحافة والبي بي سي، عن رغبتيهما في تعديل القانون في ضوء تبرأة القضاء لساحة زعيم الحزب عنصري جريفين.

وكان نيقولاس جريفين، زعيم الحزب القومي البريطاني، وهو حزب يميني فاشي النزعة وعنصري، يدعو الى اعادة تهجير غير البيض من البريطانيين الى أوطانهم او اوطان آبائهم الاصلية. وكان مكتب المدعي العام أحال جريفين وزميل له الى محكمة بتهمة التحريض على الكراهية واثارة الفتنة مما يؤدي الى اضطرابات وشغب وفق قانون الأمن العام المعدل عام 1986. والسبب تسجيل سري لبرنامج بانوروما في محطة الـ quot;بي بي سيquot;، لاجتماع مغلق لأعضاء الحزب ومؤيديه تحدث فيه جريفين، بعد ان ادعى صحفي من المحطة انه عنصري قومي انجليزي متعاطف مع الحزب، وخبأ الكاميرا وجهاز تسجيل في حقيبة صغيرة معه.

وقال جريفين للمجتمعين ان سياسة الحكومات المتعاقبة في فتح باب الهجرة، ومحاولة ارضاء المهاجرين من غير البيض، بدياناتهم المختلفة، حولت بريطانيا الى quot; بركة صرف مجاري من الثقافات المتعددة والتصحيح السياسي.quot;
ولما عرض البرنامج، اثار اشمئزاز الساسة وتعليقات الكتاب والمراقبين، وقرر مكتب المدعي العام احالة جريفين الى القضاء بتهمة التحريض على الكراهية، وسط تحذيرات من الليبراليين وكثير من العقلاء بانه سيصعب اثبات التهمة على جريفين، من ناحية، وانه وأعوانه من العنصريين سيستغلون المحاكمة لمزيد من الدعاية السياسة ويدعون بانهم المدافعين عن حرية الرأي والتعبير كواحد من اهم دعائم ثقافة المجتمع البريطاني. اما ان جريفين فاسرف في اطلاق تصريحات يتحدى فيها الحكومة ان تحيله الى المحاكمة، متهما الحكومة بالخضوع للابتزاز السياسي، ومحاولة البحث عن الصوت الانتخابي للمسلمين على حساب المبادئ الاساسية للمجتمع البريطاني.

وبعكس مايثيره روثرهام ، فإن الديانات الاخرى، خاصة الكنيستين الانجليكية والكاثوليكية، تتعرضان للانتقادات من الساسة والكتاب والفنانين اما بدافع السخرية في الأعمال الكوميدية، او للدعوة للتخلص من تأثير الدين على الحياة العامة.
لكن الضغوط من الناشطين المسلمين، عقب بث الـ quot;بي بي سيquot; لبرنامج البانوراما، دفعت مكتب المدعي العام لتقديم جريفين للمحاكمة.

لكن يصعب على محامي الأدعاء اثبات تهمة تعمد اثارة الكراهية العنصرية ضد المسلمين ، خاصة وان جريفين، اختار كلماته بعناية، فقد اقتصر كلماته السبية على انتقاد الاسلام نفسه كديانة، وليس على المسلمين. ومن ثم لم يوجه اهانات الى شخص محدد يمكن ان يقاضيه. كما ان الاسلام، كغيره من الديانات، في نظر القانون البريطاني هو عقيدة، وليس جنسا او عرقا ، خاصة وان المسلمين ينتمون لقوميات وجنسيات وأعراق مختلفة، مما أثار صعوبة اثبات تهمة اثارة كراهية عنصرية.
كما ان شعور الكراهية تجاه كل ماهو ثقافي غير بريطاني، بما في ذلك الاسلام
من وجهة نظر اعضاء الحزب، كان متواجد بالفعل داخل قاعة الاجتماع دون حاجة الى خطابات او كلمات اثارة او تحريض من جريفين، حيث ان اعوانه واعضاء الحزب كارهين لثقافات ومعتقدات غير البريطانيين وهو سبب تواجدهم في الاجتماع. وبالطبع اسقط ذلك التهمة الثانية، وهي التحريض على الكراهية عن جريفين.
كما لم يمكن اثبات تهمة نية جريفين في تعمده دفع اعوانه لكراهية المسلمين او لأثارة الشغب العنصري، وبالتالي برأ المحلفون ، بالاجماع، ساحة جريفين.

ويتعرض مكتب المدعي العام لانتقادات كثير من المعلقين بسبب اهدار اموال دافعي الضرائب، على قضية خاسرة، وايضا في منح حزب عنصري كالحزب القومي البريطاني منبرا دعائيا يرفع من اسهمهم ويستخدمونه في الدعاية الانتخابية في انتخابات البلديات في أيار (مايو) المقبل.