أندريه مهاوج من باريس: بغض النظر عن مخططي عملية اغتيال الوزير بيار الجميل ومنفذيها، فانها

دوست بلازي: لا ثقة بين باريس ودمشق
وضعت ما يحصل في لبنان في اطار صراع بين مشروعين سياسيين متناقضين لتحديد هوية لبنان، وخياراته السياسية الداخلية والاقليمية والدولية ولرسم توجهات محورين رئيسيين في المنطقة ترتبط بهما خيارات امنية بالنسبة للحرب والسلم بعد فرز quot;الحلفاء من الخصومquot;. واقتصادية بعد اختيار الشركاء التجاريين وتقرير مصير عملية الاعمار والمساعدات الدولية ضمن اطار مؤتمر باريس 3 الموعود والجغرافية ضمن اعادة رسم حدود بعض الدول.

وهذا الصراع عبر عنه بطريقة غير مباشرة وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوستي بلازي في عدد من الاحاديث الاذاعية صباح اليوم الاربعاء بقوله ان خيار فرنسا ومن يقف معها هو دعم حكومة فؤاد السنيورة وquot;ان الواجب يقتضي مساعدة هذه الحكومة لاننا اذا لم نقم بذلك فاننا سنترك الساحة لقوى ولدول مجاورة تعمل ضد لبنانquot;. واضعا الامر ضمن معادلة واضحة هي ان كل اضعاف لحكومة السنيورة وما تمثله يقوي تيار حزب الله ومن يمثل.

خامنئي
وربما تكون الصحف الفرنسية اليوم عبرت عن الرهان الحاضر بشكل صريح من دون مواربة. فصحيفة ليبراسيون بدات خبر اغتيال الجميل بالتذكير بما قاله المرشد الاعلى للثورة الاسلامية اية الله علي خامنئي: quot;ان لبنان سيكون ساحة هزيمة الولايات المتحدة الاميركية والنظام الصهيونيquot;.

والمعركة سياسية اولا وتبدا بالصراع حول تنفيذ القرارات الدولية والتي كانت دوما في صلب الجدل السياسي الداخلي حتى حول طاولة الحوار المتوقفة حاليا . فحتى الان لا يزال الخلاف الاساسي بين اللبنانيين حول تنفيذ ما لم ينفذ من القرار 1559 المتعلق بنزع سلاح الميليشيات يضاف اليه جدل اخر حول تنفيذ القرار المتعلق بانشاء المحكمة ذات الطابع الدولي وانتهاء بالجدل الكبير حول تنفيذ القرار 1701.

كل هذا اعاد دوستي بلازي التذكير به اليوم مؤكدا ان من واجب فرنسا والمجتمع الدولي العمل على تنفيذ القرار 1701 الذي اوقف حرب الصيف الماضي مؤكدا ان فرنسا التي اسهمت في كتابة نص القرار المذكور مصرة على تنفيذه بالكامل فاما استمرارحكومة السنيورة او الفوضى والكل فهم ذلك: السنيورة او حزب الله.

محوران
ووسط الشكوك التي اثارها اغتيال الجميل حول جدوى فتح حوار مع سوريا لا تزال ترفضه فرنسا قال الوزير الفرنسي ان عامل الثقة مفقود مع سوريا ولذلك فلا جدوى منه. ووسط المعركة الراهنة على الخيارات في لبنان تطرق دوستي بلازي الى الوضع الاقتصادي في لبنان ومسيرة الاعمار التي عطلتها الحرب الاخيرة فربط تقديم المساعدات بحكومة السنيورة قائلا: ان هذه المساعدات مقدمة لجهة تجسد استقلال لبنان وفي حال اندحار هذه الجهة فان الامور بالنسبة للمساعدات ستتغير مؤكدا على ضرورة العمل من اجل انجاح مؤتمر باريس 3.

كل ذلك لا يخرج عن اطار التجاذب الناجم عن التفاهم الاميركي الفرنسي في صيف عام 2004 والذي ادى الى القرار 1559. ومنذ ذلك الحين تقول ليبراسيون اصبح لبنان ساحة معركة ضخمة بين معسكرين او بين نظريتين مختلفتين للعالم تجسدان مشروعين سياسيين مختلفين كليا. من جهة قوى 14 اذار المدعومة من واشنطن وباريس والتي تعتبر ان انسحاب السوريين وفوز الغالبية الراهنة في الانتخابات النيابية الاخيرة شكل انتصارا للديمقراطية، بالمقابل هناك التكتل الموالي لسوريا الذي يجمع عددا من الاحزاب والتيارات يتزعمها حزب الله .

كشف القتلة
من هنا يريد وزير الخارجية الفرنسي استكمال خطوة الاستقلال بكشف قتلة رفيق الحريري الذي ارادوا اغتيال لبنان فقال دوستي بلازي ان محاكمة القتلة عامل ضروري ويجب عدم الرضوخ للضغوط ومحاولات افشال هذه الخطوة فلا سلام من دون عدالة قال دوستي بلازي مستشهدا بكلام لكوفي انان.
وما لم يقله دوستي بلازي قالته صحيفة لوفيغارو من ان على اوروبا الا تخف وجهها بعد اليوم وعليها ان تتحرك من دون عقد وان تقوم بحماية التكتل الذي اختار الغرب حليفا وعليه الا يخجل من حماية المسيحيين.

مغزى عملية الاغتيال لا يمكن حصره. من بين الاهداف تأجيج الصراع في ظل الوضع الهش الذي حذر منه اكثر من مسؤول فرنسي في اشارة الى الاستقرار الهش الناجم عن القرار 1701. وفي هذا الاطار قال الوزيردوستي بلازي ان امرين تحققا وهما انسحاب الجيش الاسرائيلي وانتشار الجيش اللبناني. ويبقى امران يجب تنفيذهما وهما وقف خروقات الطيران الاسرائيلي والثاني مراقبة اعادة تسليح حزب الله الذي بدأ الحرب على اسرائيل وليست اسرائيل التي بدأت تلك الحرب. وختم دوستي بلازي بالامل في ان تفهم اسرائيل والولايات المتحدة ضرورة المساعدة على حل مشكلة مزارع شبعا ومساعدة الامم المتحدة لتحقيق ذلك.

ما علاقة كل ذلك باغتيال الوزير الجميل!؟ ليبراسبيون تقول انه يمكن تفسير هذا العمل على انه انذار من سوريا مفاده انها ترفض ان تدفع ثمن أي صفقة بين الولايات المتحدة وايران وهو سيناريو تخشاه ايضا باريس مخافة ان يتخلى الاميركيون عن الاهتمام بالملف اللبناني.