وجاء اغتيال وزير الصناعة المسيحي بيار الجميل قبل اسبوع ليؤجج التوتر بحيث اصبح كل طرف سياسي يستنكر الولاءات الخارجية لمنافسه. فقد اتهمت الاكثرية (تحالف يضم الدروز والسنة وقسما من المسيحيين) سوريا بالتورط في الاغتيال اسوة بالاغتيالات السابقة التي تستهدف منذ عامين شخصيات لبنانية مناهضة لدمشق. من جهتها لفتت محطة تلفزيون المنار الناطقة باسم حزب الله (مقرب من دمشق وطهران) الى تقارب وجهات النظر بين هذه الاكثرية ومسؤولين اسرائيليين سارعوا الى توجيه اصابع الاتهام نحو دمشق.
وتسود الخشية في لبنان من ان تنتقل هذه الاتهامات العنيفة الى الشارع المحتقن التي تهدد المعارضة بالنزول اليه وصولا الى اسقاط الحكومة وذلك منذ استقالة الوزراء الخمسة الذي يمثلون حزب الله وحركة امل في 11 تشرين الثاني/نوفمبر. يذكر بان القوى الاجنبية كانت متورطة منذ اكثر من قرن في الصراعات في لبنان. وتدفع الازمة الحالية، خصوصا بما تتضمنه من عمليات اغتيال، مجددا بالاطراف المتنازعة الى طلب الحماية من هذه القوى المختلفة. وفيما تبذل كل من باريس وواشنطن ما بوسعهما لاخراج لبنان من دائرة النفوذ السوري والايراني ترى ايران في لبنان حليفا محتملا لطموحاتها الاقليمية بسبب اهمية الطائفة الشيعية التي تمثل نحو ثلث سكانه.
وكان المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي قد اكد امام رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري رئيس حركة امل الشيعية ان لبنان سيشهد quot;هزيمةquot; الولايات المتحدة واسرائيل.
وقال خامنئي ان لبنان quot;سيكون مسرحا لهزيمة اميركا والكيان الصهيونيquot; مؤكدا ان quot;السياسة (الاميركية) محكوم عليها اليوم بالفشل في العالم والمنطقةquot;. وقال quot;يجب اغتنام هذه الفرصةquot;. واتهمت سوريا وكذلك طهران باريس وواشنطن بالتدخل في الشؤون اللبنانية بما يزيد الاوضاع خطورة.
واتهمت ايران فرنسا بتأزيم الوضع في لبنان خصوصا بعد ان اعلن وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست-بلازيquot;ان سوريا وايران تدفعان اليوم الى زعزعة حكومة فؤاد السنيورةquot;. واعرب الوزير الفرنسي عن اعتقاده بان لا حرب بين لبنان واسرائيل وهي عبارات مرفوضة كليا من حزب الله وحلفائه الذين تبقى الدولة العبرية بنظرهم عدو لبنان الرئيس خصوصا بعد عدوانها الاخير في الصيف الماضي.
واتهم وزير الخارجية السوري وليد المعلم اليوم الثلاثاء الولايات المتحدة وفرنسا بquot;التدخلquot; في شؤون لبنان، رافضا في الآن نفسه اتهامات باريس وواشنطن لبلاده بالتدخل في لبنان. ووصف المعلم اتهامات باريس وواشنطن لدمشق بالقيام بدور سلبي في لبنان وتورطها المفترض في مقتل سياسيين لبنانيين، بانه quot;لا معنى لهاquot;.
هذه الاتهامات المتبادلة بين الاطراف الاقليمية والدولية تلقى صدى مباشرا في لبنان. ولخص الزعيم الدرزي وليد جنبلاط احد ابرز قادة الاكثرية خلال تشييع الجميل المفهومين السائدين عن لبنان. وبدون ان يسمي حزب الله اشار جنبلاط الى مفهوم quot;يعشق ثاقفة الحزن والموت والسوادquot; ويحمل quot;ذهنية القرون الوسطى والجهل (...) والدكتاتورية والشموليةquot; فيما فريق الغالبية هو فريق يعشق quot;الحرية والتنوع والتعدديةquot;. بالمقابل لا يوفر حزب الله فرصة بدون ان يهاجم الحكومة الموالية لاملاءات واشنطن والتي تخضع لتوجيهات السفير الاميركي في لبنان جيفري فلتمان.
التعليقات