بيروت : اعتبر عدد من المحلليين السياسيين ان quot;هدنة quot; الاعياد التي اعلنها عمرو موسى الامين العام للجامعة العربية امس في بيروت هي محاولة لتجنب الاعتراف بالاخفاق في تحقيق مهمته ، معتبرين ان الحديث ان تقدم في الوقت الذي تحتاج فيه الحلول الى معجزات لا يغني ولا يسمن عن جوع.من جهتها نقلت صحيفة السفير اللبنانية عن موسى قوله quot;لقد احرزنا تقدما. المبادئ واضحة والنقاش يشمل التفاصيل وسلة الحل ستكون متكاملة. هناك امور تجاوزناها وهناك امور تحتاج الى تذليل وتحركنا سيستمر وكذلك اتصالاتناquot;. وعلى صعيد اخر قال مصدر اطلع على أجواء محادثات موسى وإسماعيل لـصحيفةquot; الاخبارquot; اللبنانية إن ما أعلنه موسى هو عبارة عن محضر عما أنجزته المبادرة العربية في الحد الادنى حتى الآن وهو إعلان نوايا في الحد الاقصى. وأشار الى ان موسى يعوّل اهمية على وقف التصعيد الإعلامي وفي الشارع بين الطرفين لأن ذلك من شأنه ان يساعده على النجاح في ما سيقوم به من اتصالات خارجية يمكن ان تشمل الرياض ودمشق والقاهرة وطهران. وقال إن موسى على اقتناع بأن التوصل الى حل للأزمة quot;يحتاج الى إنضاج في الخارجquot;.

وفور مغادرة موسى بيروت، انكبت قوى المعارضة على تقييم الموقف، ونقلت صحيفة السفير عن احد اقطاب المعارضة قوله ان الاعتصام السلمي الديموقراطي في وسط بيروت quot;مستمر حتى قيام حكومة الوحدة الوطنية ولا خروج من الشارع قبل ذلك على الاطلاق، وهذا الموقف ابلغه الرئيس نبيه بري للموفدين العرب بشكل واضح ومن دون اي التباسquot;، وقال quot; ان قبول الاكثرية بمبدأ المشاركة quot;هو احد ثمار التحرك السلمي الذي بلغ ذروته يوم الاحد الماضيquot;. في المقابل، بدا فريق الاكثرية، ماضيا في الوجهة السياسية القائلة بأن جوهر المشكلة مع المعارضة هي في المحكمة الدولية وليس quot;المشاركةquot;.

من جهتها قالت مصادر فريق السلطة إن اللجنة السداسية الخاصة بالمحكمة، التي أعلن موسى الاتفاق عليها، ستتكوّن من ممثلين للأكثرية وممثلين للمعارضة وقاضيين، ويفترض حسب الخطة أن تنجز عملها في درس مشروع المحكمة قبل منتصف الشهر المقبل، على ان يصار في هذه الأثناء الى تأليف حكومة وحدة وطنية لا يكون فيها ثلثان للأكثرية ولا ثلث معطل للمعارضة، وان الاشكالية القائمة هي حول الوزير الأخير أو المحايد وآلية تعيينه، ومن هو الشخص الذي تنطبق عليه المواصفات المطلوبة لهذا الدور بمعزل عن طائفته، على ان تذهب هذه الحكومة الى مؤتمر باريس 3.

وأضافت هذه المصادر إن المرحلة الثانية من الاتفاق يبدأ تنفيذها ابتداءً من شباط بانتخاب مبكر لرئيس الجمهورية يتسلم صلاحياته بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد إميل لحود. وبعد تأليف حكومة جديدة للعهد الجديد يُعَد قانون انتخاب جديد تجري على أساسه انتخابات نيابية جديدة.
لكن مصادر قريبة من الرئيس بري قالت إن الأكثرية والعاملين على التسوية عادوا الى ما كان قد طرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري واتفق عليه مع رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، وهو تأليف لجنة تضم قاضيين تقنيين وأربعة قضاة: اثنان من تيار المستقبل والآخران من المعارضة، وتأليف حكومة وحدة وطنية عبر توسيع الحكومة الحالية يكون فيها 19 وزيراً للسلطة و10 وزراء للمعارضة، أما الوزير الثلاثون فيتم اختياره من بين خمسة أسماء يرشحها الرئيس بري. وأضافت هذه المصادر: سنرى ما إذا كانت هذه التسوية ستبصر النور.

وفي الوقت الذي نقل الموفد السوداني مصطفى عثمان اسماعيل عن الرئيس السوري بشار الاسد قوله له ان سوريا تدعم المبادرة العربية quot;وإنهم يدعمون كل ما يتوافق عليه اللبنانيونquot;، كان مفاجئا اعلان العضو الديموقراطي في الكونغرس الاميركي بيل نيلسون، من السرايا انه تبادل كلاما حادا مع الاسد في الموضوع اللبناني وان الرئيس السوري ابلغه انه لا يدعم حكومة السنيورة وانه رد عليه طالبا وقف تدخل سوريا في الشان اللبناني وبتاكيد دعم بلاده القوي للحكومة اللبنانية، مؤكدا ان بلاده لن تترك لبنان او تتخلى عنه مقابل تعاون سوريا في الشأن العراقي. وقالت صحيفة السفير نقلا عن مراسلها في سوريا ان دمشق فوجئت بكلام النائب الاميركي، ناقلا عن مصدر رسمي سوري قوله quot;إن موقف سوريا كما عبرت عنه الدوائر الرسمية هو أن لبنان لا يستقر بحكم أكثرية ضد الاقلية بل بالتوافق ومشاركة جميع اللبنانيين lt;وهذا هو منطلق الرأي السوري المستند إلى اتفاق الطائفquot;.


موسى ونص النجاح


وكان موسى قد أعلن في ختام يومين طويلين من المحادثات مع قادة في السلطة والمعارضة أن المبادرة أحرزت تقدماً في نقاط عدة بينها التوصل إلى اتفاق على quot;حكومة وحدة وطنيةquot; والمحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.وقال موسى إنه قدم إلى المسؤولين في السلطة والمعارضة quot;سلة مقترحات واحدةquot; لمعالجة الازمة القائمة في ما بينهم، وتبيّن له في ضوئها أن هناك مساحة جيدة للتفاهم عليها.

وذكر انه تم التوصل إلى تفاهم على صيغة لحكومة وحدة وطنية من 30 وزيراً بينهم 19 وزيراً لفريق السلطة و9 آخرون للمعارضة ووزير حيادي. وتحدث عن توازٍ بين هذه الحكومة وبين المحكمة الدولية التي قال إنه تم الاتفاق على تأليف لجنة سداسية من القضاة وممثلي السلطة والمعارضة تتولى النظر في مشروعها. وعن مواضيع الانتخابات النيابية والرئاسية المبكرة وتعديل قانون الانتخابات النيابية قال موسى إنها من الأمور المطروحة ضمن الدستور. وأكد التوصل إلى اتفاق على تأليف لجنة من مختلف الأطراف تتولى صوغ الاتفاق على ان يُعلن من طاولة الحوار quot;الذي يجب ان يجتمع ليطلق هذا التوافقquot;.ولفت الى أن مبادرته تحظى بدعم مصر والسعودية إلى جانب الدعم العربي لها وكذلك الدعم الإقليمي. وتحدث عن ان quot;هناك دينامية عربية تلعب دورها بالتواصل مع زعماء لبنان وعلى صلة بالقوى الإقليميةquot;. وقال إن الخروج من الشارع، quot;أحد عناصر التسوية المتفق عليهاrdquo;، مشيراً إلى انه توصل الآن الى تقدم بنسبة 50%، وأنه يأمل في زيارته المقبلة خلال أيام أن يحصل التقدم بنسبة 100%.

ولدى وصوله وموسى الى مطار القاهرة ليل امس قال إسماعيل وهو في طريق عودته إلى الخرطوم، إنهما سيعودان إلى بيروت منتصف الاسبوع المقبل quot;لمتابعة جهودنا حيث يمر لبنان حالياً في مأزق خطير ونخشى عليه من التمزق، ولقد جاءت جهود الجامعة العربية في الوقت المناسب قبل أن ينفجر الوضع ويفلت، ولقد أدّت جهود الجامعة إلى تحديد حجم الازمة ووضع الحلول والآليات التي يمكن أن تنفذquot;. وأضاف: quot;إن بعض القضايا تحتاج إلى حسم وخصوصاً المسائل التفصيلية مثل ترشيح وزير أو بدء دراسة أو اجتماع لجنة معينة لدراسة ما سلمناه لهم، وعندما نعود الاسبوع المقبل سنتسلم نتائج هذه اللجان والدراسات لنحدد بعد ذلك التحرك السليمquot;.


عون: المعارضة مستعدة لتصعيد الضغط

من جهته أكد رئيس quot;تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال أنّ المعارضة ستضغط لتأليف حكومة وحدة وطنية بشتى الوسائل السلمية. وقال عون في حديثٍ الى صحيفة الغارديان البريطانية quot;إنّ التحالف الواسع الشيعي ـــ المسيحي بات مستعداً لتصعيد الضغوط على الحكومة بخطوات غير محددة، لأن ما يجري ليس لعبة، وقد سئمنا المناورات السياسية، والناس يقفون إلى جانبنا، لأننا نحن الزعماء الحقيقيون للشعب اللبناني وبإمكاننا مضاعفة عدد الناس الذين يتظاهرون في الشوارع في أي وقتquot;.

ورداً على أقوال معارضيه بأنه يحاول عرقلة تأليف المحكمة الدولية من أجل حماية دمشق ولضمان تأييد السوريين لترشيحه للرئاسة، قال عون: quot;لسنا مع سوريا ولا مع إيران، وأؤيد قيام المحكمة الدولية، بل كنت أول المطالبين بها. لكننا، كنواب لم نر مسودة مشروع المحكمة، ومن حقنا أن نتأكد من أنها لا تنتهك القانون اللبنانيquot;.وحذر عون من أن الدعم غير المحدود الذي يقدمه الغرب إلى حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، عزل شرائح واسعة من الجمهور اللبناني. ولفت الى أن على الغرب أن لا يدخل طرفاً، بل عليه أن يدعم الشعب اللبناني برمته وليس طرفاً ضد آخر.

واستبعد أن تقود المناوشات الأخيرة التي حصلت بين السنّة والشيعة الى تجدد الحرب الأهلية في لبنان، لكنه تخوف من العنف الذي يمارسه أنصار الحكومة، متهماً القيادة الحالية بحماية quot;مرتزقةquot;، وإثارة الصدامات، ورأى أن تفاهمه مع حزب الله وُلد نتيجة التزامات مشتركة لمحاربة الفساد وإقامة إصلاحات سياسية تهدف إلى تقوية الدولة.
غير أنه شدد على أنه quot;لا يزال معارضاً ثابتاً للتدخل السوري ويخشى من احتمال أن يسمح الدفء الأخير في العلاقات بين دمشق وواشطن بإعطاء سوريا مرة أخرى اليد العليا في الشؤون اللبنانيةraquo;. وأبدى خشيته من أن laquo;تُبرم الولايات المتحدة صفقة تسمح لسوريا بالعودة الى لبنانquot;.ورأى عون أن شراكته مع حزب الله التي قامت على التزام محاربة الفساد، والإصلاح السياسي تهدف الى تقوية الدولة.

وزير خارجية الامارات

أكّد رئيس الجمهورية إميل لحود أن اللبنانيين محكومون بالتوافق، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، ولفت الى أن موافقته على تأليف لجنة سداسية لدرس اتفاق إنشاء المحكمة الدولية جاءت على خلفية أن يكون عملها بعيداً عن السياسة والانحي، مؤكداً أنه لن يسمح بتقسيم لبنان أو شرذمته، مهما كان الثمن.كلام لحود جاء إثر استقباله وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة عبد الله بن زايد آل نهيان، الذي زار لبنان أمس، والتقى أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، والبطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير، والرئيس أمين الجميّل، ورئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، وأجرى معهم محادثات تناولت التطورات على الساحة اللبنانية، في حضور سفير الإمارات في بيروت محمد سلطان السويدي.

وأكّد آل نهيان خلال لقاءاته تضامن الإماراتيين مع اللبنانيين، وتمنياتهم أن يوفّقوا في الخروج من المحنة التي يواجهون، ورأى أن العودة إلى طاولة الحوار أو التشاور هي لمصلحة لبنان، إذ يكفيه انقسامات داخلية، مع ما يلزم هذا الحوار من ضرورة بذل الجهد اللازم لتحقيق ذلك .
وإذ لفت الى أن العمل في لبنان هو عمل مشترك من كل الأطراف العربية، أشار الى وجود عمل منسق وتعاون كبير مع الأمين العام ومع باقي الوفود العربية التي تزور لبنان في الوقت الحالي من أجل الوقوف مع لبنان، مع التأكيد والحرص على الاهتمام بمؤسساته الدستورية والشرعية، ورئاسة الوزراء هي طرف أساسي في هذه المعادلة.