مسفرغرم الله الغامدي من الرياض: طالبت السعودية من المجتمع الدولي وضع حد لانتهاكات الالتزامات الدولية والالتزام بالتوقف فورا عن اعمال بناء الجدار على الاراضي الفلسطينية. جاء ذلك في الكلمة التي القاها في الاجتماع الاستثنائي للجمعية العامة للام المتحدة لبحث الاعمال الاسرائيلية غير القانونية في القدس والاراضي الفلسطينية المحتلة المستشار في بعثة المملكة العربية السعودية لدى الامم المتحدة وقالت السعودية في كلمتها:

لقد اصدرت محكمة العدل الدولية في التاسع من يوليو 2004 رايها الاستشاري في قضية بناء جدار الفصل العنصري اكدت فيه ان بناء الجدار والقواعد المتعلقة به تتعارض مع القانون الدولي وتأسيسا على ذلك طالبت اسرائيل بوضع حد لانتهاكات الالتزامات الدولية والالتزام بالتوقف فورا عن اعمال بناء الجدار بل والزامها القيام بتفكيكه على الفور وبالغاء الاجراءات التشريعية والتنظيمية المتعلقة ببنائه وماترتب عليها كما اكدت المحكة على الزام اسرائيل بتقديم تعويضات عن الاضرار التي لحقت بجميع الاشخاص العاديين او الاعتباريين المتأثرين ببناء جدار الفصل العنصري .

واشار المندوب السعودي الى انه ومن الناحية التاريخية فان كل الاراء الاستشارية التي اصدرتها المحكمة منذ 1946 حتى الان حظيت بالاحترام الكامل الا ان اسرائيل تواصل عدم اكتراثها بأي قرار او راي يصدر من اي جهة كانت . ان قضية الجدار هي من تلك القضايا التي لايمكن فصل القانون من جوانبها السياسية والاقتصادية والانسانية ففي هذه القضية تجتمع وتتحد عضويا كل ذلك الجوانب والابعاد فبناء جدار الفصل العنصري يطرح مشكلة قانونية كما يطرح مشكلة سياسية واقتصادية وانسانية حيث يبلغ طول الجدار المراد تشييده 700 كيلومتر وقد استكمل حتى الان بناء 51 في المائة من المسار المخطط له وحوالي 13 في المائة منه مازال في مراحل مختلفة من الانشاء وحوالي 36 في المائة منه لم يتم العمل عليه . وقال المندوب لقد طالبت اكثر من 22 منظمة اغاثة انسانية دولية العمل على تنفيذ الراي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية كما اكدت منظمة العفو الدولية ان بناء الجدار يعمق التأثير الاقتصادي واكدت المنظمة ان 60 في المائة من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر الذي يبلغ دولارين يوميا كما ان معدل البطالة يقترب من 50 في المائة .

لايمكن النظر في مسار الجدار الذي يبني داخل ارض فلسطينية محتلة الا على انه مخالف للقانون الدولي مهما كانت المبررات والحجج لان بناء الجدار عملية ضم غير شرعي وفقا لقرارات مجلس الامن 478 و 497 حيث تقوم السلطة القائمة بالاحتلال بمزيد من الانتهاك من خلال بناء المستوطنات مابين الخط الاخضر وجدار الفصل العنصري وهذا الاستيطان غير الشرعي بموجب القانون الدولي فالجدار غير شرعي ويحمي وجودا استيطانيا غير شرعي لان قوة الاحتلال تنتهك القانون الدولي عندما تقيم جدارا لحماية هذا الاستيطان وبالتالي فهي تحاول خلق حقائق نهائية .

واكدت السعودية في كلمتها انه لن يكون الجدار شرعيا ومتفق مع القانون الدولي الا اذا كان مسار الجدار مطابقا للخط الاخضر مطابقة تؤكد ان الانسحاب الاسرائيلي قد استوفى شرطه القانوني وهو عدم جواز الاستيلاء على اراضي الغير بالقوة ان اقل مايوصف به ذلك الجدار انه اداة من ادوات التطهير العرقي . من جانب اخر فان بناء الجدار هو جزء لايتجزأ من عملية اوسع تؤكد عبرها اسرائيل وجهها العنصري وحاجتها الدائمة الى العيش عبر انتهاك القانون الدولي وهي في النهاية اما ان تكون مع القانون الدولي او ضده وليس هناك موقع بينهما .
ان للجدار اثارا مدمرة ليست انية بل مستقبلية لان اسرائيل مع بناء الجدار بدات تطبيق خريطة طريق خاصة بها تهدف الى منع اقامة كيان سياسي فلسطيني يمتلك مقومات النمو والحياة لان الجدار يضم 75 في المائة من منطقة القدس الشرقية وضواحيها ونحو 58 في المائة من مجمل مساحة الضفة الغربية المحتلة . وهي بذلك تفرض حقائق على الارض من جانب واحد تحول بها الاراضي الفلسطينية المتبقية الى مجموعة من المنازل المحاصرة لتعطيل امكانية قيام دولة فلسطينية مستقبلية ومتواصلة جغرافيا .

إن الاهداف الاسرائيلية هي اخطر وابعد بكثير من حجج الامن لاسرائيل لان الجدار ينهب خيرات الشعب الفلسطيني ويهدف الى تهجير السكان من جديد والسيطرة على مصادر المياه في توجه واضح لتنفيذ سياسة التهجير . اما الحديث عن الاثار المباشرة فهو حديث عن كوارث حيث دمرت او عزلت مالايقل عن 9. بئر مياه وبذلك يفقد الاهالي 7 ملايين كيلومتر مكعب من المياه والتي تشكل 30 في المائة من مجموع مايتم استهلاكه فلسطينيا من الحوض الغربي كما ستفقد الضفة الغربية 200 مليون متر مكعب من نهر الاردن . ويسلب الجدار اكثر اراضي الضفة العربية خصوبة ذلك السلب الذي ادى الى تدهور حالة العديد من العائلات الفلسطينية ودفعها الى خط الفقر حيث تم تدمير صناعة زيت الزيتون بعد ان كانت تنتج هذه المنطقة 000 ر 2 طن من زيت الزيتون كل موسم .

ان استمرار سلطة الاحتلال بمواصلة بناء ذلك السرطان داخل الاراضي الفلسطينية هو دليل واضح على فشل الامم المتحدة منذ تبني القرار 181 فهو جدار يسلب الفلسطينيين ممتلكاتهم ويجرف قراهم ويقتلع بساتينهم واشجار الزيتون من اجل تشييد بنيه عنصرية بتمويل معروف المصادر لقد صمم الجدار من اجل احكام سيطرة اسرائيل على موارد الفلسطينيين وابقاء معظم مستوطنات الضفة الغربية داخل اسرائيل للحيلولة دون خروج القدس الشرقية عن السيادة الاسرائيلية يوما ما .

نحن نؤمن بحقيقة واضحة لا لبس فيها مؤداها ان اسرائيل اذا كانت تعتقد بأن بنائها للجدار العازل سيجلب لها الامن فهي قد اتخذت الخيار والطريق الخطأ لان الجدار مهما علا وارتفع وامتد لن يحقق لاسرائيل الامن انما يتحقق الامن من خلال السلام الذي يجب ان يكون عادلا . ونحن اذ نقر بان الامن مطلب مشروع لكافة شعوب المنطقة وان احدا لاينكر حق الشعوب في الحصول على الامن فانه لابند من الاقرار ايضا ان امن شعب مالايمكن ان يكون على حساب امن وحقوق الجيران .

ولنا هنا ان نتساءل من الذي يحتاج حقا الى الامن اهي الدولة المحتلة اهي الدولة المدججة باحدث الاسلحة واشدها فتكا اهي الدولة التي تملك اسلحة دمار شامل اهي الدولة التي ترفض الانضمام الى معاهدة عدم الانتشار النووي اهي الدولة التي تتحدى القرارات الصادرة عن مجلس الامن وعن الجمعية العامة للامم المتحدة اهي الدولة التي تنتهك اتفاقية جنيف لعام 1949 م امثل هذه الدولة تحتاج الى الامن من خلال بناء سرطان داخل الاراضي الفلسيطينية المحتلة .

اننا نقدر الدور الذي قام به معالي الامين العام حيال انشاء الاطار العام لسجل الاضرار التي لحقت بالفلسطينيين على الرغم ان هذا الاطار قد استغرق قرابة العامين منذ ان طالبت الجمعية العامة من معالي الامين العام تقديمه . واننا نتطلع الى ان يرى ذلك السجل النور قريبا وان لايستغرق الامن في الشروع ببدء العمل في ذلك السجل الوقت الذي استغرق انشاء اطار له لانه مع مرور الوقت تزاد صعوبة جمع الادلة المادية وتسجيل المشردين ومتكبدى الخسائر الفلسطينيين لان بناء الجدار يستمر بلا هوادة وسط لامبالاة من يمكنهم ايقاف هذا البناء وبالتالي اعطاء الفرصة كاملة لاسرائيل لدمج المناطق داخل الجدار والتي سيتم ربطها بصورة وثيقة بالبنية التحتية لاسرائيل .

ونطالب من كافة الاعضاء في الامم المتحدة بمساندة مشروع القرار المتعلق بسجل الاضرار لعل الفلسطينين يثبتون بعض حقوقهم المنتهية والمسلوبة وبدعم هذا المشروع نكون قد ساهمنا في التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني التي لن تزول الا بزوال ذلك الجدار البغيض وذلك الاحتلال المشين .