الياس توما من براغ: بدأت سلطات بلغراد الأمنية والسياسية التحرك بشكل نشط لاعتقال جنرال حرب صرب البوسنة السابق رادكو ملاديتش على أمل أن يوقف ذلك اتجاه البلاد نحو العزلة أوربيا وربما دوليا من جهة وبسبب عدم استجابة ملاديتش إلى كافة الدعوات والنداءات التي وجهت له من قبل مختلف المسؤولين الصرب للتحلي بالشجاعة وتسليم نفسه طواعية.

وكشف وزير الداخلية الصربي دراغان يوشيتس اليوم في فيينا حيث يشارك في اجتماع دولي لوزراء الداخلية عن قيام وحدة صربية خاصة اليوم بتفتيش عدة منازل في بلغراد بحثا عنه متوقعا إمكانية إلقاء القبض على ملاديتش حتى الأحد القادم .

تحديده موعد قريب يشير حسب بعض المراقبين إلى أن سلطات بلغراد تعرف مكانه بشكل أو بأخر وان أجهزة المخابرات الصربية تتابعه وان هذا التصريح قد يكون تمهيدا لتحضير الرأي العام المحلي بأنه سيتم إلقاء القبض عليه خلال 48 ساعة القادمة إذا لم يبادر و لم يعلن عن تسليم نفسه طواعية .

وكانت النائبة العامة في محكمة جرائم الحرب الخاصة بيوغسلافيا السابقة كارلا ديل بونتي قد أكدت أن ملاديتش يتواجد قرب بلغراد وانه يغير يوميا مكان إقامته وأنه كان بامكان السلطات الصربية على الأقل في كانون الثاني يناير الماضي اعتقاله غير أنها لم تفعل ذلك لأنها أرادت منحه الفرصة لاستسلامه حتى لا تحدث إشكالات أثناء استخدام القوة لاعتقاله.

في هذه الأثناء قالت الناطقة باسم قضاء بلغراد مارينا كلاريتش ـ جيفكوفيتش بان السلطات القضائية أمرت اليوم باستمرار احتجاز الأشخاص الثلاثة الذين القي القبض عليهم أمس لفترة شهر بسبب وجود شبهات حولهم بأنهم ساعدوا ملاديتش في الهروب .

ويقول رئيس الحكومة الصربية فويسلاف كوشتونيتسا بأنه تم الكشف عن شبكة واسعة من مساعدي ملاديتش الذين كانوا يساعدونه في التخفي وانه تم إلقاء القبض على بعضهم والكشف عن عدة اماكن كان يستخدمها حقيقة ولذلك رأى أن إلقاء القبض عليه مسالة وقت لا أكثر.

ولم تقنع هذه التبريرات المفوضية الأوربية في بروكسل و محكمة جرائم الحرب الخاصة بيوغسلافيا السابقة ولذلك قررت المفوضية تجميد محادثات الشراكة مع صربيا إلى أن تتعاون بلغراد أكثر مع المحكمة بمعنى إلى أن يتم إلقاء القبض على ملاديتش .

وقد دفع هذا التطور نائب رئيس الحكومة الصربية الرئيس الأقوى الثاني في الائتلاف الحاكم وهو تجمع غ 17 ميروليوب لابوس إلى تقديم استقالته وإعلانه انه سيوصي حزبه خلال اجتماعه في الثالث عشر من هذا الشهر بالانسحاب من الائتلاف الحكومي محملا الحكومة مسؤولية الإخفاق في إلقاء القبض على ملاديتش في الفترة التي حددت لها وهي نهاية نيسان ابريل الماضي.

وقد جاء تجميد محادثات الشراكة الأوربية في أسوأ وضع بالنسبة لبلغراد لأنه سيجري في جمهورية الجبل الأسود في 21 أيار مايو استفتاء حول مسالة انفصال الجبل الأسود عن صربيا ويتم التوقع بان تستفيد قيادات الجبل الأسود من هذا الأمر في إقناع من لا يزال مترددا في هذه الجمهورية الصغيرة بان من مصلحة الجبل الأسود الحيوية الانفصال نهائيا عن صربيا والسير في طريق مستقل يقود إلى الاتحاد الأوربي بدلا من استمرار التواجد في اتحاد كونفدرالي فضفاض مع صربيا يجعلها تدفع ثمن سياسات بلغراد الإشكالية ومنها مسالة التعاون مع محكمة جرائم الحرب الخاصة بيوغسلافيا السابقة.