إيلاف: رأت صحيفة الفاينانشال تايمزأن العالم يمرفي مرحلة حرجة من النزاع النووي الإيراني، وهذه المرحلة هي التي ستحدد ما إذا كانت المواجهة الطويلة الأمد ستتحول الآن إلى نزاعٍ مسلح أو أنها ستتحول إلى أزمة إدارة قد تتسبب في مساومة عملية. قد لا يكون هناك حل للأزمة، ولكن إذا هناك بعض من الأمل فإن المقاييس الاستراتيجية والتكتيكية لسياسة إيران لا بد أن تتغير، على حد تعبير التقرير.
ويضيف التقرير quot;حتى الآن تنتشر غشاوة من الغموض في واشنطن عما إذا كان الهدف هو التأكيد على أن إيران لا يمكنها امتلاك أسلحة نووية أو إسقاط علماء الدين في طهران. وإذا كانت القضية كذلك، فإن خيارات السياسة تبدو وكأنها صعّبت الأمر بالالتزام إما بالعقوبات أو بالتصرف العسكري، وعلى الرغم من مرور سنتين من الالتزام الأوروبي الوثيق مع إيران فإن الولايات المتحدة تجيز ذلك دون أن تدعمهquot;.
وكانت معظم النقاشات المحتدمة مؤخراً خطيرة، وبخاصة عندما أعلن محمود أحمدي نجاد عن التوصل لتخصيب جزء يسير من اليورانيوم، وهو ما يمثل خطوة باتجاه إتقان التكنولوجيا اللازمة لصنع قنبلة ذرية.
وسيكون للهجوم على إيران تأثير عكسي بالغ، فقد يرفع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل أو أكثر، كما كانت لعبة الحرب التي مارستها إيران الشهر الماضي على ممر هرمز وإجراء التجارب على القذائف التي يمكنها أن تصل إلى أي حقل نفطٍ في الخليج يُقصد بها رسالة تذكير حتمية بقدرتها على ذلك. والأكثر من هذا، فإن ثقة إيران مبنية على أساس متين.
ويرى التقرير ظهور ثيوقراطيي إيران بعد فوز أحمدي نجاد في الانتخابات، وهم الآن أساتذة سياسيون في بلادهم ويسبحون في بحرٍ من عائدات النفط. وقد زاد الاحتلال الأميركي للعراق من تأثير الشيعة وسط العرب للمرة الأولى منذ ثمانية قرون. وبينما تتورط أميركا في العراق وتعمل على زيادة إمداداتها العسكرية، فإن طهران يمكنها أن تستفيد من شبكتها من الحلفاء والوكلاء ليس في العراق وحسب وإنما في دول المشرق والخليج كي تنفذ انتقامها عالمياً وإقليمياً. وقد وجدت السياسة الغربية الحالية أنه ليس من السهل الإطاحة بالنظام الإيراني سواءً داخل البلاد أو خارجها.
والمواجهة المتناسبة مع علماء الدين يقلل من شأنها عدد من الإيرانيين وذلك لقابليتهم للفساد إضافةً إلى حماسهم الثيوقراطي. وقد جعل الخطاب الغربي العدواني من القوة النووية رمزاً تجتمع حوله الأمة، وذلك مثل تأميم النفط الذي دفع الانقلاب الأنغلو-أميركي ضد حكومة مصدق الوطنية في 1953.
وكان أحمدي نجاد قد جعل لهذا علاقة واضحة في رسالته إلى جورج بوش الأسبوع الماضي. وتطرقت هذه الرسالة إلى قضايا مثل فلسطين والحق في امتلاك التكنولوجيا التي بدأت تأخذ لها حيزاً في العالم الإسلامي والدول النامية.
وعلى مستوىً عالمي، فإن المنافسة على إمدادات الطاقة الإيرانية تعمل على زيادة تقويض ردة فعلٍ موحدة، كما أن الانقسام حول اختيار العقوبات أو التصرف العسكري يجعل إجماع القوى العظمى قابلاً للكسر. وباعتبار الوضع السابق في العراق، فإن روسيا والصين تشكان في أن الولايات المتحدة تريد قراراً صارماً من مجلس الأمن كمقدمة للحرب. وهذا، بالإضافة إلى الانتقاد الحاد الذي وجهه نائب الرئيس دك تشيني إلى روسيا، أضعف كل الإمكانيات للوصول إلى اتفاق في نيو يورك الأسبوع الماضي. ولكن قاد هذا الفشل واشنطن إلى دعم الجهود الأوروبية في تقديم الحوافز لإيران مقابل الشفافية والتعاون النووي الكامل، ما يمثل شعاعاً من النور وسط العتمة.
واستنتج التقرير أن الفرصة الموجودة الآن هي بإعادة القرار إلى طهران: أن تضع عرضاً يوضح أن الإيرانيين لديهم مصالح أمنية شرعية مع الاعتراف بأن الآخرين لديهم نفس المصالح أيضاً، وبذلك يكون الخطر الحقيقي الذي يهدد إيران بعزلتها عن العالم يجب أن يترافق مع عرضٍ جدي للتفاوض.
ويبقى على إيران أن توقف عمليات تخصيب اليورانيوم وأن تتخلى عن مفاعل الماء الثقيل بالإضافة إلى تقديم تقرير عن النشاط النووي الماضي والحالي. وفي المقابل، سيكون على الولايات المتحدة إكمال تقديم الاستثمار والتجارة الأوروبية مع ضماناتٍ أمنية (تشمل ألا تتعرض إيران للاحتلال) وتسهيل الترتيبات الأمنية في المنطقة، وتمثل هذه فرصة لا تُعوّض.
أما ما سينتج عن الهجوم على إيران فهو انتشار الدعوة إلى الإسلام والوطنية التي كثرت بعد احتلال العراق وتجمع بين الهوية والفكر، وهذا ما يمثل كارثة.
- آخر تحديث :











التعليقات