أميركا للتوسع وأوروبالتعديلميزان القوى
الحلف الأطلسي على عتبة تحول استراتيجي

اندريه مهاوج من باريس: تفتتح اليوم في باريس أعمال دورة الربيع للجمعية البرلمانية لحلف شمال الاطلسي التي يشارك فيها 248 برلمانيا من الدول الاعضاء و59 اخرين من الدول الحليفة والشريكة. وخلال الجلستين العلنيتين لأعمال هذه الجميعة التي تستمر حتى الثلاثاء المقبل سيستمع المشاركون الى كل من وزير الداخلية الفرنسي نيقولا ساركوزي ووزير الدفاع ميشال اليوت ماري في اطار تقويم المخاطر الامنية العامة على الصعيد العالمي والصراعات التي تهدد السلم الدولي اضافة الى تقويم للاوضاع الامنية لكل بلد والتعاون في مجالات عدة منها محاربة الارهاب والجريمة المنظمة والخطط الدفاعية للحلف على المديين المتوسط والبعيد.

وفي خضم سيطرة القوة العالمية الوحيدة، اي الولايات المتحدة الاميركية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي يتوقع ان يكون الدور الذي يطمح اليه الاتحاد الاوروبي ليكون القطب الثاني في العالم الى جانب واشنطن من المواضيع الشائكة في هذه الاجتماعات خصوصا في ظل التحولات التي شهدتها السنوات الخمس الاخيرة منذ تفجيرات 11 ايلول سبتمبر في الولايات المتحدة الاميركية وما تلاها من حروب في افغانستان والعراق وعلى الارهاب العالمي.

وتبدو اوروبا متخوفة من المحاولات المستمرة للولايات المتحدة للابقاء على سيطرتها على الحلف ونقل نقطة ارتكاز قواتها في اوروبا الغربية مثل المانيا الى دول في اوروبا الشرقية التي بدأت تستضيف قواعد للقوات المسلحة الاميركية . هذا اضافة الى الحذر الذي تبديه روسيا من توسع الحضور الاميركي العسكري والسياسي في هذه الدول.

ويبدو ان ادارة بوش في صدد وضع خطة متكاملة تتناسب مع التغييرات الراهنة وهذا ما بدى من تقرير وضعه البرلماني الجمهوري الاميركي جون شيموكوس وجاء فيه ان الولايات المتحدة quot;تعيد النظر حاليا في طبيعة تكوين جيشها ومهماته المستقبلية من اجل تحسين ادائها ورفع نسبة قدراتها على التدخل في حال نشوب ازمات في اي منطقة من العالمquot; ويتجلى من تقرير هذا البرلماني حول اعادة تمركز القوات الاميركية في العالم وتداعياته على الحلف الاطلسي ان هذا التمركز سيتم وفقا لثلاثة محاور اولها اقامة قواعد للعمليات المركزية تكون بمثابة قواعد خلفلية ، وثانيها انشاء قواعد متقدمة في رومانيا وبلغاريا لتغطية منطقتي الشرق الاوسط واسيا الوسطى وثالثها اقامة مراكز امنية في القارتين الافريقية والاسيوية. ولفهم هذه الاستراتيجية لا بد من العودة الى تصريح الناطق باسم الحلف الاطلسي في 17 من الحالي والذي اعلن فيه عن فتح مفاوضات مع السلطات الباكستانية من اجل تدريب ضباط باكستانيين ومن اجل فتح مكتب ارتباط في باكستان.

وفي اليوم التالي كشفت انباء صحافية عن مفاوضات تهدف الى دمج مهمة القوات الاميركية في افغانستان بالمهمة الدولية لدعم الامن التي يتولاها الحلف الاطلسي بما يتيح انسحاب الاميركيين تدريجيا من افغانستان لينصرفوا الى تركيز قوتهم في العراق.

هذه الاستراتيجية الجديدة التي تحاول واشنطن فرضها دفعت باحد المعلقين الصحافيين الفرنسيين الى ابداء تخوفه من ان يتحول الحلف الاطلسي الذي انشئ اساسا لضرورات امنية والذي شكل عنصر توازن خلال الحرب الباردة حال دون تحولها الى حرب ساخنة، الى وهم يحتوي على مخاطر تفاقم التوتر واندلاع نزاعات دولية.