كلام غير مسبوق يخترق خطوط الخليج الحمراء لبنانياً
محمد بن راشد... خروج على وشم قبيلة الصمت

موقع سعودي نشر صور مظاهرة
شارك فيها النساء والرجال في القطيف دعما لحزب الله
نصر المجالي من عمّان: على الطرف الآخر من الخليج الساخن دائماً، كان محمد بن راشد المكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية ورئيس مجلس وزرائها وحاكم دبي يختط على عادة كل شاعر فارس عاشق درباً شاقاً في المواجهة مع واقع الحال المعتاد في منطقة خليج شبه الصامت عن ما يجري من تداعيات خطيرة على الساحة اللبنانية قد تمتد أوزارها إلى مجمل الإقليم الجاهز لخرائط جديدة تصاغ خطوطها وحدودها من فوهات بنادق العدوان وكواليس البيت الأبيض والكنيست. وإذ منطقة الخليج quot;تعطسquot; متأثرة بكل هبة quot;انفلونزاquot; بالجوار شمالاً في العراق وغرباً في بلاد الشام (لبنان وفلسطين) وشرقاً في إيران، فإن الشيخ محمد خرج عبر ما تناقلته صحف الإمارات ووسائل إعلامها أمس واليوم عن قاعدة quot;شبه صمت خليجيquot; عن ما يجري على ساحة لبنان الشقيق، حيث عدا عن الرفض الشعبي عبر مظاهراتالسعوديةوالكويت والبحرين، فإن الساحة الخليجية الرسمية مارست دور quot;الانتظار والمتفرج مع ضبط نفس كبيرquot;.

لقد تركت دول الخليج التي تشكل مجلس التعاون quot;غير الآمنquot; خلال الأسابيع الثلاثة الماضية للشقيقة الكبيرة المملكة العربية السعودية مهمة إدارة الصراع والتحاور مع أقطاب الأزمة من مربع البيت الأبيض وصولاً إلى مربع فؤاد السنيورة في قلب بيروت وامتدادا إلى القاهرة وعمّان. لكن محمد بن راشد المكتوم quot;الشيخ الرئيس الأميرquot; اخترق وشم القبيلة خارجاً على المألوف، وهو خروج يكشف واقع الحال بلا رتوش وادعاءات كما صدر تزامناً مع جارة خليجية صغيرة quot;تعوّدت الخروج على الإجماع وليس على وشم القبيلة فقطquot;.

من صور المظاهرة
وشتان ما بين صرّح به حامل أختام دبلوماسية الدوحة وعرّاب (الجزيرة) حمد بن جاسم بن جبر، وما صدر عن دبي عبر كلام محمد بن راشد الذي لم يدعو إلى صلح شامل مع إسرائيل ولم يطاول في تصريحاته الأشقاء ولم يتهمهم بالتخاذل والشراكة في تأجيج الأزمة والتآمر على حزب الله.

لقد عوّدت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ قيامها دولة مستقلة العام 1971 أشقاءها العرب على الاصطفاف معهم في السرّاء والضراء، على أنها هي نفسها مكلومة بالعدوان الإيراني ولازالت جزرها الثلاث محتلة، ورغم ذلك لا تألو جهدا في الوقوف الشجاع بصمت مع الآخرين دون مِنّةٍ أو زيف.

وحين وقف محمد بن راشد محيياً من دبي الموقف البطولي للشعب اللبناني، كان محمد بن زايد يداوي جراح الجرحى العائدين على متون طائرات الإغاثة الإماراتية العائدة من لبنان، ففي موقف الشيخين الشابين تعبير بليغ عن استنكار السكوت الدولي على جرائم إسرائيل، وهما لم يتجاوزا الخطوط الحمر في الموقف ولم يطالبا بما هو غير مقدور عليه في واقع الحال العربي، ولم يناديا بحرب شاملة ضد إسرائيل.

وكان نائب رئيس دولة الإمارات بعد تحيته للشعب اللبناني البطل بتصديه الشجاع للعدوان الإسرائيلي الذي لا يفرّق بين المدني والعسكري، ألقى سموه بالمسؤولية الكاملة على إسرائيل في تخطيها الخطوط الحمر في هذه الحرب التي امتدت نيرانها لتحصد ارواح الابرياء وتحطم مظاهر الحياة في لبنان واصرارها الشديد على تصعيد الموقف العسكري الى هذه الدرجة التي تنذر بعواقب وخيمة ليس على المنطقة العربية وحدها وانما على الصعيد العالمي بأجمعه مما يبين ان الهدف ليس هو حزب الله وحده بل هو لبنان بكامله بكل حضارته وتاريخه ومقدراته وانجازاته وطوائفه خاصة اطفاله الصغار الأبرياء.

قادمون
ومع إدانته للعدوان الإسرائيلي في حق المدنيين من الاطفال والنساء والشيوخ العزل الذين كانوا الهدف المباشر لقذائف المدافع وصواريخ الطائرات العسكرية التي دمرت البيوت والشوارع والجسور والملاجئ والمنشآت المدنية الضرورية لحياة الناس واضطرت السكان الى النزوح الى الأماكن العامة والعراء خوفا من الموت والهلاك المنتظر، فإنه ناشد بحس الشاعر والقائد دول العالم بألاتكتفي بالاستنكار فقط. وهو دعا الى القيام بفعل ايجابي لوقف هذه الحرب الظالمة أولا وقبل كل شيء ومن دون أية شروط ومن ثم اتاحة المجال للدخول في مفاوضات سياسية بعد ان تسكت المدافع وتصمت الطائرات.

وحذر نائب رئيس دولة الإمارات في تصريحاته التي لم تطالب باستراتيجيات حرب عربية غير محسوبة النتائج ضد إسرائيل من أن توسيع رقعة الحرب لتشمل لبنان كله شماله وجنوبه واستهداف اراضيه ومنشآته المدنية دليل واضح على همجية معاصرة تهدد السلام العالمي بكامله وتنذر بوضع عربي ودولي معقد للغاية تصعب معالجته مستقبلا .

والشيخ محمد طالب في كلام سياسي مسؤول أيضا من دون quot;تهجم أو تهكم على موقف شقيق quot; في هذه اللحظة الحرجة بضرورة العمل على وقف اطلاق النار باي شكل من الاشكال وبضغط دولي عام واميركي خاص حفاظا على ما تبقى من ارواح الابرياء التي لا تزال على قائمة الموت تنتظر دورها بفعل هذه الآلة العسكرية العاتية.

وهو كذلك ناشد شرفاء العالم من كل طائفة وملة ومذهب ان يتحركوا سريعا ويضغطوا على حكوماتهم لتقوم بفعل شيء من اجل وقف فوري للنار الملتهبة في ارض لبنان المقاوم التزاما بالقوانين والمواثيق الدولية التي تحرم التعرض للمدنيين وقتل الأبرياء وتدمير مقدرات الشعوب المدنية.

وقال الشيخ محمد بن راشد quot;هذه الحرب الظالمة تصعد بشكل غير منطقي وتستعمل فيها شتى انواع الاسلحة المدمرة التي تقضي على مظاهر الحياة وتخلف على الصعيد الانساني قصصا من المآسي التي تثقل الضمير الانساني وتدين الضمير العالمي على سكوته طيلة ايام الحرب من دون ان يحرك ساكنا من اجل الحفاظ على الارواحquot;، مهيباً في هذا الاتجاه بالعرب خاصة quot;من دون إهانة موقفهم واجتهاداتهمquot; بوقفة جادة وشامخة من شأنها ان توقف العدوان وتقلل من الخسائر في الارواح والمقدرات.

وأخيراً، فالكلام الحاسم المسؤول الذي تبناه حاكم دبي، وهو تعبير عن موقف دولة الإماارات حمّل المجتمع الدولي ممثلا في مؤسساته الشرعية كمجلس الامن والامم المتحدة إن أراد ان يثبت مصداقيته في هذه الظروف الحرجة ان يصدر قراراته بوقف فوري لهذه الحرب ويلزم إسرائيل بسحب قواتها من ارض لبنان واعادة مزارع شبعا لمن له الحق فيها سواء أكانت سوريا ام لبنان quot;وعندها يكون المجتمع الدولي قد ساهم بفاعلية في نزع فتيل الحرب وبسط ارضية صالحة لتحقيق الامن والسلام في المنطقة ،، وهذا بحد ذاته موقف العالم كله والعرب خاصة من تداعيات الأزمة الراهنة التي لا بد من محاصرة نارها وآثارها حفاظا على استقرار وأمن المنطقة كلها ،، خدمة لمصالح العالمquot;.