البليدة (الجزائر): باشرت محكمة الجنايات في البليدة غرب العاصمة الجزائرية اليوم الاثنين جلسات المحاكمة في اكبر فضيحة مالية عرفتها الجزائر تتمثل في قضية الافلاس الاحتيالي لبنك الخليفة، على ما افاد صحافي. وترئس المحكمة فتيحة ابراهيمي بمساعدة رئيسي محاكم مدينتي الشارقة (15 كلم غرب العاصمة) وتيبازة (70 كلم غرب العاصمة). وافتتحت رئيسة المحكمة الجلسة باستدعاء المتهمين ال104 بمن فيهم رفيق الخليفة رئيس المجموعة الذي يحاكم غيابيا.

ويقيم رفيق الخليفة المضارب السابق في البورصة في لندن منذ 2003 ولم يوافق القضاء البريطاني على تسليمه اذ لم يتم حتى الان ابرام اتفاقية تسليم المعتقلين الموقعة بين لندن والجزائر في تموز(يوليو) الماضي. وذكرت مصادر قضائية انه سيتم الاستماع الى اكثر من ثلاثمئة شاهد خلال المحاكمة التي يتوقع ان تستمر عدة اسابيع. ويتولى حوالى 150 محاميا الدفاع عن المتهمين وبدت قاعة المحكمة مكتظة بهم الى جانب العديد من الصحافيين المحليين والاجانب الذين قدموا لتغطية المحاكمة.

وكانت جماهير غفيرة متجمعة خارج قاعة المحاكمة الجارية في مقر محكمة البليدة الذي فرضت عليه الشرطة منذ الصباح اجراءات امنية مشددة. وستتناول المحاكمة في شقها الاول الجزء الاساسي من القضية الذي يتمثل quot;بثغرة ماليةquot; بقيمة 3،2 مليار دينار (نحو 320 مليون يورو) اكتشفت في الخزينة الرئيسية للمصرف اثر ضبط مخالفات في ادارة الودائع وعدم التزام المصرف بقواعد الحذر في منح القروض. وسيجري النظر لاحقا في ثلاثة شقوق اخرى من هذه الفضيحة.

ويواجه المتهمون ثلاثين تهمة من بينها الافلاس الاحتيالي وتشكيل عصابة لصوصية واختلاس الاموال واستغلال الثقة وتزوير المستندات واستخدام مستندات مزورة والفساد، ما يعرضهم لعقوبات بالسجن لمدة تصل الى عشر سنوات وبدفع غرامات مالية باهظة. ويفترض ان تستتبع محاكمة بنك الخليفة بمحاكمات تشمل باقي فروع المجموعة من شركة الطيران quot;الخليفة ايروايزquot; وشبكة التلفزيون quot;كي تي فيquot; التي كانت تبث من فرنسا.

وكان الصيدلي رفيق عبد المؤمن الخليفة وهو نجل احد الوزراء في حكومة اول رئيس للجزائر احمد بن بلة (1963-1965) تمكن في غضون خمس سنوات (1998-2003) من بناء امبراطورية مالية وظفت نحو عشرين الف شخص وشهد صعودا اجتماعيا سريعا. وشكل بنك الخليفة النواة الاساسية لهذه الامبراطورية وكان اول مصرف خاص في الجزائر وتولى ادارة ودائع خاصة واخرى تابعة لمؤسسات وكان لديه سبعة الاف موظف.

وبلغ رقم اعمال مجموعة الخليفة مليار دولار وكانت شركة طيران quot;الخليفة ايروايزquot; تشغل ثلاثين طائرة متبعة نظام الشراء التاجيري، كما كانت شبكة تلفزيون الخليفة توظف 400 شخص في فرنسا. وعملت المجموعة ايضا في القطاع العقاري والمقاولات وتأجير السيارات الفخمة (مئتا سيارة).

وكان الخليفة ينفق بغير حساب بهدف دخول عالم الاستعراض الفرنسي الذي افاد بعض نجومه من سخائه من بينهم كاترين دونوف وجيرار دوبارديو، وفق ما كشفت التحقيقات القضائية. وبدات مصاعب امبراطورية الخليفة في شباط(فبراير) 2003، بعد توقيف ثلاثة من كبار موظفيها في مطار الجزائر وهم يحاولون تهريب حقيبة تحوي مليوني يورو. وتبع هذا التوقيف اعلان افلاس المجموعة في حزيران/يونيو 2003، ما الحق الضرر بالالاف من صغار المدخرين في الجزائر وفرنسا.