مؤتمر التحدّيات والرهانات والمخاطر الكامنة ينطلق غدًا
أنابوليس: رهان صعب علىبداية المفاوضات النهائيًّة للسلام
إيران تحذر الخليج من التعاون مع أميركا ضدها |
وسيلتقي رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت قبيل ظهر الاثنين الرئيس الاميركي في البيت الابيض. كما سيتحادث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع بوش بعد ظهر الاثنين. وقبل مغادرته الى واشنطن اجرى رئيس الوزراء الاسرائيلي مشاورات هاتفية مكثفة مع قادة اجانب بينهم وزيرة الخارجية الاميركية. وبعد اجتماع مع دول الجامعة العربية في القاهرة انتقل عباس من جهته الى المغرب حيث التقى الملك محمد السادس قبل ان يتوجه الى واشنطن.
واقترحت الولايات المتحدة على الدول العربية التي ستشارك في اجتماع انابوليس تشكيل لجنة متابعة حول المسالة الفلسطينية الاسرائيلية وعقد اجتماع في كانون الثاني (يناير) في موسكو حول المسارين السوري واللبناني على ما صرح مصدر دبلوماسي طلب عدم كشف هويته في موسكو السبت. ويتوقع أن يشمل جدول أعمال الاجتماع وضع القدس ومصير اللاجئين الفلسطينيين وهما موضوعان أساسيان وشائكان.
عباس واولمرت
وتبدو فرص حدوث quot;امر ماquot; في مدينة أنابوليس الصغيرة جد ضئيلة خاصة ان الطرفين في وضع سياسي هش. فعباس يواجه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بينما لا يحظى اولمرت بالشعبية. ومن المفترض مبدئيًا في هذا السياق اعطاء اشارة البدء لمفاوضات الوضع النهائي للاراضي الفلسطينية وهي عملية تبدو معقدة بسبب عدم توصل الطرفين الى التفاهم على مضمون وثيقة مشتركة تستخدم كأساس في الاجتماع. كما ان سيطرة حماس بالقوة على قطاع غزة في حزيران/يونيو التي تكشف انقسامات عميقة لدى الفلسطينيين، لن تسهل بدورها مهمة عباس.
مشاركون فاعلون
وفي الاجمال يتوقع ان تشارك خمسون دولة ومنظمة في اجتماع أنابوليس. ومن العربيًّة التي أعلنت عن مشاركتها علىعلى مستوى وزراء خارجيتها في الاجتماعالسعودية التي قامت بمبادرة سلام مع إسرائيل أعيد تفعيلها مؤخرًا.
السعوديًّة
وهي المرة الأولى التي سيحضر فيها مندوب كبير عن السعودية على طاولة واحدة مع رئيس وزراء اسرائيلي للبحث في عملية السلام في الشرق الاوسط. وتمثل المشاركة السعودية نجاحًا دبلوماسيًا لواشنطن لاسيما وان الرياض لم تعترف مطلقًا بدولة إسرائيل. كما أن أي مسؤول سعودي كبير لم يتحدث أبدًا علنًا مع مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية وإن كان السعوديون والإسرائيليون يحضرون اجتماعات الامم المتحدة.
ويُتوقع أن يناقش خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي يصل إلى الرياض اليوم، مؤتمر أنابوليس والعلاقات الثنائية بين بلديهما وسبل تعزيزها، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
سوريا
اما سوريا التي تطالب بإدراج مسألة الجولان على جدول الاعمال، فأعلنت اليوم رسميًّا عن قرارها في المشاركة في المؤتمر بوفد برئاسة معون وزير الخارجيًّة السوري فيصل المقداد. وتطالب سوريا بإعادة كامل هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل في 1967 وأعلنت ضمّها في 1981، علمًا بأن مفاوضات السلام السورية الإسرائيلية مجمدة منذ العام ألفين. وأقرت واشنطن ضمنا بادراج مسالة الجولان في برنامج انابوليس.
وقال المصدر السوري في اتصال معأ ف ب إن المقداد quot;سيمثل سوريا رسميا بمؤتمر انابوليس المقرر عقده في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الجاريquot;. وكان وزيرالخارجية السوري وليد المعلم اعلن في ختام اجتماع عقد في القاهرة تلقي quot;تأكيدات من الادارة الاميركية بادراج المسار السوري الاسرائيلي الجولان على جدول اعمالquot; هذا الاجتماع.
وكانت صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الحاكم في سوريا حذرت في عددها الصادر الاحد من quot;مرامي واشنطنquot; من اجتماع انابوليس، ونبهت الى quot;المغريات او الضغوط الكبيرة التي قد تلوح بها الادارة الاميركية في مؤتمر انابوليسquot;.واعتبرت الصحيفة ان quot;المهم الانتباه الى مرامي واشنطن من هذا الاجتماع الذي يأتي في وقت ضاغط على الرئيس جورج بوش الباحث عن اي انتصار في الخارجquot;.
وابرز المشاركين الفاعلين:
- جورج بوش (61 عامًا) رئيس الولايات المتحدة حتى كانون الثاني/يناير 2009، الذي دعا لانعقاد هذا الاجتماع وسيدافع خلاله عن quot;رؤيتهquot; لقيام دولة فلسطينية مستقلة الى جانب اسرائيل.
- كوندوليزا رايس (53 عامًا) وزيرة الخارجية الاميركية منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2004 التي ضاعفت في الاشهر الاخيرة جولاتها المكوكية في الشرق الاوسط مؤكدة رغبتها في التوصل الى اتفاق بين الفلسطينيين والاسرائيليين قبل نهاية ولاية بوش الرئاسية.
- محمود عباس (72 عامًا) رئيس السلطة الفلسطينية خلفا للزعيم التاريخي ياسر عرفات. كان من اوائل القادة الفلسطينيين الذين دعوا الى اجراء حوار سياسي مع اسرائيلي. وقد ازدادت مهمة الرئيس الفلسطيني الذي يتزعم حركة فتح تعقيدا بعد سيطرة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بالقوة على قطاع غزة في حزيران/يونيو.
- ايهود اولمرت (62 عامًا) رئيس وزراء اسرائيل منذ اذار/مارس 2006 والوريث السياسي لارييل شارون. كان من المهندسين الاساسييين للانسحاب العسكري من قطاع غزة في 2005. ويواجه انتقادات لادارته الحرب على حزب الله في لبنان خلال صيف 2006 ومتورط في سلسلة quot;قضاياquot; امام القضاء وانحدرت شعبيته الى مستوى قياسي في اسرائيل.
- بان كي مون (63 عامًا) الامين العام للامم المتحدة منذ سنة وهو وزير خارجية سابق لكوريا الجنوبية وله باع طويل في الحياة الدبلوماسية منها عشر سنوات من المهمات المرتبطة بالامم المتحدة.
- توني بلير (54 عامًا) الذي تولى رئاسة الحكومة البريطانية خلال عشر سنوات قبل ان يصبح منذ حزيران/يونيو الممثل الخاص للجنة الرباعية الدولية حول الشرق الاوسط. وهو يسعى بحكم مهمته الجديدة لانشاء مؤسسات فلسطينية مستقرة قبل قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.
لقاءات تسبق المؤتمر
وقبل الاجتماع بحد ذاته ستعقد سلسلة لقاءات في العاصمة الاميركية. وسيدعو بوش اعتبارًا من مساء الاثنين إلى واشنطن quot;لعشاء عملquot; بحضور رايس، الرئيس الفلسطينيورئيس الوزراء الإسرائيلي، وكلاهما في وضع سياسي هش. كما منالمتوقع خصوصا ان يلتقي ممثلو اللجنة الرباعية الدولية حول الشرق الاوسط (الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا) قبل المشاركة في العشاء؟.
حماس
والغائب الاكبر عن الاجتماع هو حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي توعدت بمضاعفة الهجمات على القوات الاسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية بعد اجتماع انابوليس. ووعدت حماس بتنظيم مؤتمر رفض في غزة الاثنين كما ناشدت الدول العربية عدم تطبيع علاقاتها مع اسرائيل وعدم تقديم quot;تنازلاتquot;. واعتبر مسؤولون في الحركة التي تعدّ حليفة لدمشق إن المؤتمر يهدف الى مساندة إسرائيل، بعد حرب تموز في لبنان، وتغطية حرب محتملة على إيران.
تصريحات مشجّعة في الإعلام
توقع كاتب افتتاحية صحيفة معاريف الواسعة الانتشار الجمعة quot;عدم حدوث شيء مهم باستثناء الخطب واعلان مشتركquot;. والتوقعات ضئيلة جدا خصوصا وان الهدف يتمثل بدعوة بوش تكرارًا الى قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، ووضع حد لاعمال العنف وتجميد سياسة الاستيطان اليهودي. لكن الاطراف المعنيين يصدرون من جهتهم تصريحات مشجعة.
فأولمرت قال في تصريح نقلته صحيفة هآرتس الجمعة quot;توصلت الى خلاصة مفادها انه لم يعد من الممكن الابقاء على الوضع القائم بيننا وبين الفلسطينيينquot;. ورأى ان quot;الابقاء على الوضع القائم يمكن ان تكون له نتائج اخطر من اجتماع غير ناجحquot;، مشيرا خصوصا الى quot;خطر سيطرة حماس على يهودا والسامرةquot; اي الضفة الغربية بعد سيطرتها على قطاع غزة.
وفي مصر رأى الاسبوع الماضي انه من الممكن التوصل الى quot;اتفاق نهائيquot; مع الفلسطينيين في 2008. وقال اولمرت ايضا للصحافيين الذين يرافقونه ومنهم مراسل وكالة فرانس برس الى انابوليس ليل السبت الاحد، quot;آمل في ان يتيح هذا الاجتماع البدء بمفاوضات جدية حول كل المشاكل حتى يمكن قيام دولتين للشعبينquot; الاسرائيلي والفلسطيني.
اما عباس فاعلن من جهته مؤخرا تصميمه على التوصل الى سلام حقيقي من اجل الاجيال المقبلة. وصرح عباس على متن الطائرة التي اقلته الى واشنطن انه متوجه الى الاجتماع quot;لاحقق لشعبي الفلسطيني اهدافه واحلامه باقامة دولة فلسطينية مستقلةquot;، مؤكدا ان quot;امامنا ثمانية اشهر سنبذل كل جهودنا لتحقيق السلام خلال هذه الفترةquot;. واضاف انه يتوجه الى انابوليس quot;على امل ان نصل الى حلول (...) اعتقد ان هناك فرصة ليس لنا فقط وانما ايضا للاسرائيليين وعليهم استغلالها وان يفهموا ان الفرصة من اجلهم كما هي من اجلنا ولذلكيجب بذل كل جهود ممكنة لانجاح المؤتمرquot;.
استطلاع للرأي
لكن مع كل ذلك يبقى الشك سيد الموقف. فقد اظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة يديعوت احرونوت الجمعة ان 71 % من الاسرائيليين يتوقعون فشل الاجتماع فيما اشار استطلاع اخر اجرته جامعة النجاح في الضفة الغربية الى ان 30% فقط من الفلسطينيين يتوقعون نجاح انابوليس.
وفي الواقع الامال في امكانية التوصل الى حل النزاع ما زالت سرابا منذ اعتراف الزعيم الفلسطيني التاريخي ياسر عرفات باسرائيل في 14 كانون الاول/ديسمبر 1988 واطلاق الحوار بين الولايات المتحدة ومنظمة التحرير الفلسطينية، مرورا بالمؤتمر الدولي في مدريد في تشرين الاول/اكتوبر 1991 ومفاوضات اوسلو الى اولى الاتفاقات الاسرائيلية الفلسطينية التي تلت ذلك في ايلول/سبتمبر 1993، وصولا الى قمة كامب ديفيد في تموز/يوليو 2000 برعاية الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون.
واستمرار الهوة بين الطرفين كشفته صحيفة هآرتس التي نشرت للمرة الاولى الخميس نسخة عن مسودة الوثيقة الذي يجري التفاوض بشأنه. وبحسب مشروع الوثيقة فان الفلسطينيين يرغبون في ابرام معاهدة سلام في غضون ثمانية اشهر او قبل نهاية ولاية بوش في كانون الثاني/يناير 2009. لكن الاسرائيليين يرفضون اي جدول زمني.
الى ذلك ينتظر الفلسطينيون من الاسرائيليين تجميد الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية المحتلة فيما يطالب الاسرائيليون الفلسطينيين بوقف اي اعمال عنف. وعلى افتراض احترام هذين البندين الواردين في المرحلة الاولى من خارطة الطريق، خطة السلام الدولية التي اطلقت في العام 2003 لكنها بقيت حبرا على ورق، فسيبقى هناك ترسيم حدود الدولة الفلسطينية ومصير الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية التي تعتزم الدولة العبرية ابقاءها. كما ان هناك مصير اللاجئين الفلسطينيين المقدر عددهم بـ4.1 مليونا ووضع القدس الشرقية التي احتلها اسرائيل واعلنت ضمها في 1967 ويريد الفلسطينيون جعلها عاصمة دولتهم المنشودة.
أكاديمية أنابوليس البحرية إطار مرموق للاجتماع
وتشكل الاكاديمية البحرية في انابوليسإطارا مرموقًا وغير مسبوق لهذا النوع من المحادثات. تقع هذه الاكاديمية في المدينة التي سميت سابقا بـquot;اثينا اميركاquot; لأجوائها الثقافية والتاريخية وتبعد اقل من خمسين كيلومترا الى الشرق من واشنطن العاصمة الفدرالية. وحرم الاكاديمية مجهز على مساحة 136 هكتارا بكل البنى التحتية الامنية اللازمة. كما يشكل اختيارها مكانا للمحادثات قطيعة رمزية مع مقر كامب ديفيد الرئاسي. تأسست الاكاديمية في العام 1845 في موقع اختير لعزلته وجوه الصحي.
وشعار الاكاديمية البحرية quot;الشرف، الشجاعة والالتزامquot; وهي اليوم متقدمة جدا ومتنوعة على الصعيد التقني واسلوبها التعليمي معروف بصرامته وشروطه المتشددة كما انها تؤكد تمسكها بمبدأ quot;الاخلاق وصحة العقل والجسدquot; في آن. وقد افتتحت بعشرين مجند بحرية لتضم اليوم نحو اربعة الاف طالب يتم اختيارهم بكل عناية. اما الشابات اللواتي يقبلن لدخول الاكاديمية منذ 1976، فيمثلن 19% من الدفعة التي دخلت هذا الصيف. وتضم الاكاديمية اسماء لامعة بين طلابها القدامى من بينهم الرئيس الاسبق جيمي كارتر والمرشح الجمهوري الى البيت الابيض جون ماكين وثمانية وزراء وستة سفراء و52 رائد فضاء بينهم اول رائد فضاء اميركي الى الفضاء الان شيبارد..
وتستقبل مدينة انابوليس الصغيرة عاصمة ولاية ميريلاند (شرق) سنويا اكثر من اربعة ملايين زائر يتدفقون لزيارة متحف الاكاديمية ولكن ايضا للسير في شوارعها التاريخية دون نسيان مرفأها الصغير المخصص للصيد البحري والترفيه على خليج تشيسابيك. لعبت مدينة انابوليس دورا مهما في بناء الولايات المتحدة. واول رئيس للولايات المتحدة جورج واشنطن كان يزورها باستمرار ليقصد غالبا quot;ستايت هاوسquot; اقدم مبنى رسمي ما زال مستخدما في الولايات المتحدة.
التعليقات