بهية مارديني من دمشق: عم الخوف والقلق من جديد في نفوس مسيحيي منطقة طورعابدين (جنوب شرق تركيا)، ومعظمهم من الكلدوآشوريين السريان بعد أن أقدمت مجموعة مجهولة الأربعاء الماضي، على اختطاف الراهب دانييل (أديب) ساوجي مواليد 1965، راعي كنيسة ودير القديس مار يعقوب للسريان الأرثوذكس في قرية صالح التابعة لولاية (ماردين) جنوب شرق تركيا القريبة من الحدود السورية التركية.

عملية الاختطاف تمت بينما كان الراهب دانييل يقود سيارته الخاصة عائدًا من مدينة (مديات)، القريبة من ماردين متوجهًا الى قرية (صالح) حيث توجد كنيسته. وقد ترك الخاطفون سيارته على بعد نحو كيلومترين من القرية.

وأكد المسؤول الإداري في دير (ماركبرئيل)، أحد أهم وأبرز أديرة السريان الأرثوذكس في منطقة (طورعابدين)، انه بعد ساعات قليلة من اختفاء الراهب دانييل اتصل الخاطفون، عبر الهاتف بدير الزعفران مقر أبرشية السريان في ولاية ماردين والذي تتبع له كنيسة الراهب المخطوف، وطلبوا ثلاثمائة ألف/300000/ يورو كفدية مقابل اطلاق صراح الرهينة دانييل والا سيقومون بقتله، من دون أن يحدد الخاطفون مهلة زمنية لتنفيذ تهديدهم، ومن غير أن يعرفوا بهويتهم والجهة التي ينتمون اليها. وأضاف المسؤول : في الحال أخبرنا السلطات التركية عن الحادث وقد لمسنا استجابة سريعة من الدولة التركية، حيث استنفرت أجهزتها الأمنية والشرطة والجيش في ولاية ماردين ومنطقة طورعابدين بحثًا عن الراهب المختطف.

ونقل الكاتب والناشط سليمان اليوسف من مدينة القامشلي السورية عن شخصيات دينية وعلمانية مسيحية سريانية عديدة في تركيا أن يكون الخاطفون اسلاميين أكراد متطرفين هدفوا الى نشر الرعب والخوف في نفوس القلة القليلة المتبقية من المسيحيين في طورعابدين، المقدر عددهم بثلاثة آلاف شخص، بعد أن كانوا بمئات الآلاف قبل المذبحة الكبرى التي نفذتها السلطنة العثمانية بحق المسيحيين عام 1915.

وجدير بالذكر أن اختطاف الراهب دانييل يأتي في ظل تجدد التوتر والعنف بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني المتحصنين في الجبال والمناطق الوعرة في شمال العراق. ويشير اليوسف في تصريح خاص لـ quot;ايلافquot; انه لا تستبعد شخصيات سريانية ومسيحية أخرى في تركيا أن يكون لبعض عناصر الشرطة والمخابرات التركية دورا في عملية اختطاف الراهب دانييل بدوافع دينية وقومية، كما حصل في جريمة اغتيال الصحافي الأرمني التركي (هرانت دينيك) قبل نحو عام في اسطنبول.

ورأى اليوسف أنه من الجائز جدًا أن يكون الخاطفون مرتبطين بتنظيمات اسلامية سلفية ارهابية تعادي المسيحيين تعمل داخل العراق والمنطقة، مثل (تنظيم القاعدة)، بدأت تستهدف المسيحيين في تركيا بعد أن تم التضييق عليها في العراق في الأشهر الأخيرة. ويرى أن عملية خطف الراهب دانييل ربما تكون البداية لسلسلة من العمليات الارهابية ضد مسيحيي تركيا وقد تطال مسيحيي سوريا لاحقًا.

وقال ان كما هو معلوم في ظل الفلتان الأمني الحاصل في العراق الواقع تحت الاحتلال الأميركي منذ نيسان 2003،استهدفت المجموعات الاسلامية المتطرفة المسيحيين العراقيين العزل الآمنين بسبب عقيدتهم الدينية، وقد قتلت المئات منهم من بينهم كهنة وقساوسة ورهبان كما فجر الارهابيون العديد من الكنائس في انحاء مختلفة من العراق.وقد أدت أعمال العنف ضد المسيحيين العراقيين الى ترك أكثر من نصفهم لمناطقهم التاريخية والهجرة خارج العراق ، معتبرًا أن خطف الراهب دانييل هو مؤشر خطير على مدى تنامي ونفوذ الأصولية الاسلامية المتطرفة في المجتمع التركي وداخل أجهزة ومؤسسات الدولة التركية القائمة على مبادئ العلمانية والتي يحكمها منذ سنوات حزب العدالة والتنمية .